البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    مالي والنيجر وبوركينافاسو.. جلالة الملك يستقبل وزراء خارجية دول الساحل    أسعار الذهب تبصم على ارتفاع كبير    رئيس الحكومة الإسبانية: استعدنا 50% من إمدادات الكهرباء.. ونعمل على استرجاع الوضع بالكامل    الأمن يفكك شبكة إجرامية متخصصة في تأسيس شركات وهمية والتزوير    "حريق تغجيجت" يوقف 4 قاصرين    عضو في الكونغرس الأمريكي يؤكد دعم "انتفاضة الشعب التونسي" ضد قيس سعيّد    اضطرابات في مطارات المملكة بسبب انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا    الملك يستقبل وزراء خارجية بلدان تحالف دول الساحل    الملك محمد السادس يهنئ بنكيران    ببلوغ نهائي كأس إفريقيا للأمم .. "لبؤات الفوتسال" يتأهلن إلى المونديال    فاتح ذي القعدة غدا الثلاثاء بالمغرب    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال وفرنسا يوقف خدمة الإنترنت لشركة أورونج في المغرب    وزير العدل.. مراجعة الإطار القانوني للأسلحة البيضاء أخذ حيزا مهما ضمن مشروع مراجعة القانون الجنائي    التوفيق: إجمالي المكافآت التي قدمتها الوزارة للقيمين الدينيين في 2024 بلغ مليارين و350 مليون درهم    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    الرباط.. انعقاد الاجتماع ال 11 للجنة العسكرية المشتركة المغربية-الإسبانية    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    مهنيو الصحة بأكادير يطالبون بحماية دولية للطواقم الطبية في غزة    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    شبهات هجوم سيبراني بخصوص الشلل الكهربائي الشامل في إسبانيا    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمازيغية والعربية...حب الطبع وحب الاختيار
نشر في هسبريس يوم 01 - 04 - 2013

لعل من أكثر الأسئلة إثارة للجدل على المستوى الوطني، تلك التي تتعلق بلسان المغاربة وهويتهم. وينقسم المتناولون لهذا الموضوع إلى فرق يضرب بعضها بعضا، بأسلحة ذخيرتها الكلمات وأجهزة التوجيه فيها أيديولوجيات مختلفة المشارب، إلى حد يخال معه الناظر أن الفرق لا تتشارك وطنا واحدا، ينبغي أن تعلو مصلحته كل المصالح، وأن تذوب في بوتقة حبه والنهوض به كل الخلافات، ليلحق ركب الدول المتقدمة.
لكن قبل أن أدلف إلى صلب الموضوع أطرح هذا السؤال الذي طالما خالج ذهني، وأنا أسمع تلك الأصوات المتعالية التي تقول بأن العرب دخلوا المغرب على أسنة الرماح، و مفاده: إن كان المغاربة قد استكانوا إلى "المد العربي" لأنه كان أشد منهم قوة وأكثر جمعا ، فلماذا لم يستكينوا للمد القادم من الشمال والذي قادته ثلاث دول كانت في البأس والشدة أكثر من العرب؟ وإنما ظلت هناك شرارة للجهاد لم تنطفئ وما لبثت أن صارت نارا أحرق لهيبها الاحتلال وأخرجه إلا قليلا. ولا يحتاج المرء في مثل هكذا مقام للتذكير بأعلام الأمازيغ الذين سطروا بدمائهم صورا للجهاد ،إعلاء لراية الإسلام ودفاعا عن أركان هذا الوطن الحبيب، ستخلد ما بقي على الأرض إنسان. فهذا مما يدخل في نطاق المعلوم من الوطنية بالضرورة.
من خصائص هذا الصراع التي لا تنفك عنه، أنه متجدد، فما إن شرعت في كتابة هذه الأسطر حتى لاحت في الأفق تلكم التهديدات التي تلقاها الشيخ حسن الكتاني، والتي قال إنها من متطرفين أمازيغ. تهديدات كان لها ما بعدها، إذ أسالت الكثير من المداد كعادة مثيلات هذه المواضيع، فجاء رد الحركة الأمازيغية، ممثلة في الأستاذ أحمد عصيد، سريعا، والذي قال بأنه لا يكفي أن يتلقى المرء تهديدات، هاتفية كانت أو كتابية، ليكيل التهم للفريق الآخر، لأن هناك جهات، حسب المتحدث نفسه، تستفيد من إبقاء فتيل هذا الصراع مشتعلا. الأستاذ عصيد قال أيضا بأنه تلقى، ولا يزال، تهديدات بالقتل لم ينسبها لأحد للعلة السالفة الذكر.
حاصل الأمر أن كلا الفريقين يبحث عن "ثغرات" الفريق الآخر ويستغلها إعلاميا للنيل منه. هذا في الوقت الذي يحتاج فيه بلدنا إلى كل جهد حتى يتخلص من الأزمات الخانقة التي لا يسلم منها مجال. لست أقصد هنا أن يتخلى كل فريق عن فكره وأيديولوجيته ليلتقيا، فهذا محال بأي حال. لكن قصدي أن يكون هذا التنوع نقطة قوة عند كل فريق يستند إليها ليطور البلد، ولا ينبغي أن يكون الأمر عبارة عن تبادل للتهم وسعي إلى إزالة الطرف الآخر (أقصد المتطرفين من كل فريق) لأننا قد بلغنا حدا من التمازج يستحيل معه الفصل.
لا يشك عاقل لحظة من زمان، ولا ينبغي له، بأن الإنسان يتعلق قلبه حبا بأول لغة يتحرك بها لسانه، كيفما كانت هذه اللغة، مدسترة أوغير مدسترة، معيارية أو غير معيارية، واسعة الانتشار أو قليلته، غنية المعاجم أو فقيرتها، فهو يحبها و فقط. حب الطبع هذا لا يستطيع الإنسان أن ينتقل عنه مهما كان الدافع قويا، لكنه يستطيع الانتقال معه إلى حب الاختيار. هذا الأخير يجد له محلا في القلب متناسبا مع قوة الدافع أو السبب. فلو دخلت مثلا كلية للآداب، لوجدت طلبة اللغات معلقي الأفئدة بما يدرسون من ألسن، يحذو كل واحد منهم دافع معين، فمنهم من أعجب ببنية اللغة و منهم من جذبته ثقافة أهل اللغة و هلم جرا.
إذا أردنا أن نسقط هذه الحالة على حب الأمازيغ، إلا قليلا، للغة العربية، فإنهم لما دخلوا الإسلام أفواجا وأحبوا لغته لم يكن يحملهم على ذلك كونها لغة فصيحة، وهي كذلك، ولا كون الصور البلاغية المخلدة بالأشعار غاية في الجمال، وهي كذلك، إنما كان الدافع ايمانهم بخاتمة الرسالات السماوية ،التي أنزل الله عز وجل بلسان عربي مبين، وأيضا لأن هذا الدين أسقط أسبقية اللون والعرق واللغة على حساب التقوى، فليست تنفع عربيا عروبته إن لم يؤمن، ولا ضرت أمازيغيا أمازيغيته إن هو آمن، فما لبثت أرحام الأمازيغيات أن أنجبت،ولا تزال، أعلاما و علماء بزغ نجمهم في علوم الدين واللغة العربية، بل نافسوا في مضمارها أعلام وعلماء العرب أنفسهم.
قد يقول قائل: أنت حديث عهد بالحياة ولست من المشتغلين بالتاريخ، فكيف تستطيع التأكيد على أن الأمازيغ دخلوا الإسلام طوعا وليس كرها؟ إلى هذا الذي يطرح هذا السؤال أسوق هذا المثال، وأختم حديثي به. مثال كنت شاهد عيان عليه، ولا أزال، وهو أيضا دليل آخر على إمكانية الجمع بين حب لغتين لوجود سبب أو دافع. فقد وجدت الناس في قبيلتي يتقنون كتاب الله قراءة وكتابة لا يشكون في حرف فيه، ولم يكن أحدهم يفهم شيئا من العامية العربية (الدارجة) فضلا عن فهم شيء مما يردده صباح مساء، بله أن يتحدث العربية الفصحى. ولم يكن يحملهم على هذا غير وعد الله بأن قراءة حرف من كتاب الله بعشر حسنات. الشاهد من هذه القصة أن القوم لم تؤثر شدة التعلق بكتاب الله على حبهم للغتهم الأم، ولا شكلت هي حاجزا أمام حبهم لغة القرآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.