أجمع عدد من الباحثين أمس السبت خلال ندوة نظمت في الدارالبيضاء عن أصالة وتفرد المنجز الابداعي للفنان الراحل الطيب العلج٬ الذي شمل كل فنون القول وساهم بشكل رائد في تاصيل الثقافة الشعبية٬ خصوصا القصيدة الزجلية٬ وإعادة الاعتبار الى الدارجة المغربية كأحد مكونات الهوية المغربية. واعتبر الباحث والزجال مراد القادري في هذا اللقاء٬ المنظم في اطار البرنامج الثقافي العام لمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن الراحل يعد إيقونة ابداعية مرموقة بالنظر الى ما راكمه في المجال الفني ٬سواء في الكتابة الزجلية او التاليف الغنائي او في المجال المسرحي٬ مشيرا الى ان الطيب العلج كان رائدا في تأصيل الشعر العامي وجعله أحد مكونات التحديث الشعري٬ القادر على ابداع شعريته الخاصة وتقديم رؤية للعالم والذات والوجود. وأبرز ان هذا المنجز الابداعي استمد مقوماته المضمونية والفنية من الواقع المغربي من خلال الاطلاع والتفاعل مع التراث الشعبي المغربي وثقافته الشعبية ٬ مضيفا ان اعماله الفنية شكلت إحدى المساهمات النوعية في ارساء المشروع الثقافي الوطني إبان السنوات الاولى للاستقلال٬ بهدف التحرر من هيمنة الاغنية المشرقية والخروج من نموذج القصيدة الشعرية التقليدية الملحونية. وأوضح القادري أن جهود الراحل في هذا المجال كانت تلتقي مع جهود جيل الحداثة الذين اصلوا للقصيدة المغربية الحديثة من خلال التأكيد على الهوية المغربية والمقومات الفنية والجمالية الخاصة بها ٬مشيرا الى تفاعل الراحل مع مختلف الاجيال الشعرية اللاحقة وإنصاته لتجاربهم المختلفة. وبدوره أوضح المسرحي مسعود بوحسين ان مشروع الراحل يشكل امتدادا للفكر الاصلاحي على المستوى الابداعي والثقافي٬ حيث ان جل مسرحياته تنطلق من فكرة الاصلاح الذي آمن انه يبدأ من ضرورة اصلاح الفكر مضيفا انه من اجل ذلك لم يكن العلج ينطلق من تصور اديولوجي او مداهنا لاية فئة اجتماعية معينة بما فيها الطبقات الشعبية٬من منطلق مسئولية الجميع في الخروج من التخلف. وتوقف عند خصوصيات مساهماته الابداعية معتبرا ان كتاباته كانت محكومة بوعي متقدم بالبعد اللموضوعي للكتابة الدرامية من خلال النأي عن تمرير الموقف الجاهز والمبتذل ٬ منفتحا ومقدما واقعا يحبل بمختلف المتناقضات٬ تتباين فيه المواقف وتتصارع الشخصيات. وأعلن محمد حسن العلج ٬نجل الراحل عن قرب اصدار كتاب يسعى الى توثيق الابداعات الزجلية المغناة للمرحوم٬ تحت عنوان "احمد الطيب العلج في موسوعة نغم للطرب المغربي" الذي اعدته جمعية "نغم". وأضاف ان عدد القصائد المدرجة في هذا الكتاب هو 180 قصيدة ملحنة غطت ستة عقود من الابداع.أما القصائد الغنائية غير الملحنة فان عددها يفوق ذلك بكثير ٬ منها ما هو في طور التلحين ومنها ما هو جاهز للتسجيل. وقد تم تصنيف مكونات هذا العمل الذي سيشكل مرجعية اساسية لكل الباحثين والدارسين في 148 مسرحية بالدارجة٬ و33 مسرحية بالفصحي٬ و14 مسرحية زجلية٬ و64 سلسلة جحا والناس بالعربية الفصحي٬ و27 اوبريت ومسلسلات واعمال مشتركة و35 اقتباسات لكبار المسرحيين٬ والباقي مقتبس من بريشت٬ وتشيكوف وجول رومان٬ وصمويل بيكيت وسيرفنطيس اي بما مجموعه 321 نص مسرحيا.