يقتضي العمل الصحفي الجاد تحقيق نوع من التوازن بين الحرية والمسؤولية،فمهنة الصحافة أو بالأحرى التبليغ عن الخبر و التعليق عليه و في أحسن الأحوال تحليله ليست بالأمر السهل بل تحتاج إلى إحترافية و مهنية من درجة عالية و يدخل ضمن هذا الاطار المصدر اليقين باعتباره أساس الخبر، فمادام الإعلام يشكل سلطة للقيام بدور الوساطة بين أصحاب القرار و الرأي العام ، فاليوم و أمام التطور الهائل لوسائل الاتصال التكنولوجي و آليات التواصل الاجتماعي لم يعد الخبر ذا قيمة من الناحية الكمية حيث المعلومات متوفرة بإسهاب و دون عناء يذكر. إن طرحنا للموضوع ينطلق من رؤية نقدية لمساءلة الوضع الصحفي بالصحراء من خلال رصد مكامن القوة و الضعف،فمن خلال قراءة تشخيصية تقف على إشراقات العمل الصحفي بالصحراء يمكن الجزم بأن تجربتنا الاعلامية تجربة شبابية،سمتها الأساسية الطموح لبلوغ الهدف المنشود، إلا أنها غالبا ما تصطدم بعراقيل تنسيها القيمة الموضوعية للمهنية و الاحترافية المطلوبة في رجل الصحافة. وهنا لابد أن نطرح سؤالا أخر يتعلق بتأهيل العمل الصحفي و تطويره لأن يصل للمستوى المطلوب،فحين نتحدث عن قيمة المهنية،فإننا نساءل القدرات و المهارات التي يتوفر عليها الشخص لممارسة العمل الصحفي،و نعتقد أن كل مهنة تختزن أسرار و كوامن لايمكن أن يتقلدها من هب ودب داخل المجتمع ، فمواصفات وشروط كتابة المقال الصحفي و قبلها طرق نقل الخبر و المعلومة من مصادر موثوقة لابد أن تخضع لدورات تدريبية يشرف عليها أساتذة متخصصون في المجال و قبل ذلك لابد من توفر الرغبة و القابلية للانخراط الجاد و الفعال في العمل الصحفي،فالاعلام جزء من المشروع المجتمعي يعبر عن أحاسيس و قضايا الناس و يغرس القيم قبل أن ينقل خبر الإشاعة. فالصحافة الجادة لا يمكنها أن تحابي ثقافة التسول، فالصحافي الناجح هو من يضحي و يتطوع و يجد و يكد لإنتاج مقال يشكل عصارة جهد أساسه تنوير الرأي العام وإبلاغ الرسالة على أحسن وجه،و كنتيجة لذلك تجد الجميع يشيد به و يعترف له بالجميل بل قد يصل الأمر إلى مستوى الإدمان على أعمدة لقراء بعينهم، و لاشك أن صحافتنا الوطنية تزخر بالعديد من هذه النماذج، غير أن ما يؤسف له هو مستوى الهزالة و الركاكة اللغوية التي أصبحت تحرر بها بعض المقالات والتي لم تعد ترقى لأن تهضم ولو على مضض. ونعتقد أن إحدى إشكاليات العمل الصحافي عندنا بالصحراء فقدانه للرقابة و أقصد هنا الرقابة المهنية في إرتباط تام مباشر مع المسؤولية الذاتية قبل أن نتحدث عن المسؤولية الموضوعية للجسم الصحافي ككل،و ما يثير وجه الاستغراب هو غياب عنصر الحياد الذي يعتبر إحدى الشروط المؤسسة للخبر من الناحية العلمية والموضوعية. وكمتتبع للصحافة سواء المحلية أو الوطنية ندعو كل الغيورين من داخل الجسم الصحفي و من خارجه لأن نتعاون و نكثف الجهود حتى ترقى كتابتنا الصحفية للهدف المنشود و لن يتحقق ذلك إلا بإبعاد كل المشوشات من قبيل الأجر المادي مقابل نشر الخبر الصحفي، و الاستهتار بالمسؤولية دون أي إعتبار للرقابة سواء كانت ذاتية أم موضوعية. *نائبة برلمانية عن حزب العدالة والتنمية جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء