كاريكاتير حسن عين الحياة من أسبوعية المشعل تراكتور الملك والهمة يحرث في بلاد الحقارة والحقراء "" يُواصل الهمة قيادة "تراكتور" حركته، عبر أزقة ودروب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو يدوس بعجلاته الثقيلة من نوع ("كَووود" يير) هياكل وجماجم التنظيمات الحزبية الميتة، أو يتلقف منها، مَنْ ما زال على قيد "الحياة" من خلال خيوط "السيروم" المزروعة في شرايينهاّّ، لكن يبدو أن الأماكن محدودة، أو محجوزة سلفا، على متن "تراكتور" ولد الرحامنة، لذا ليس في مستطاع هذا الأخير، أن يحمل من كل نوع زوجين اثنين، كما فعل النبي نوح، حيث جاء في الآية القرآنية: " فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق القول، ولا تخاطبني في الذين ظلموا، إنهم مغرقون.." لذا فإن الرجل - نقصد علي الهمة طبعا – يتخير الراكبين معه جيدا، فعل ذلك مثلا في البرلمان حيث لم يدع من هب ودب، يلتحق بفريق الأصالة والمعاصرة" الذي أسسه في رمشة عين، أي بطريقة "كن فيكون". وهو النهج ذاته الذي اعتمده في اختيار أبطال ونجوم الرياضة والفن، فلا أحد مثلا يمكن أن يُشكك في بطولة ونجومية أسماء من قبيل "هشام الكَروج" و "عزيز بودربالة" و"صلاح الدين بصير" أو "عمر السيد" و"ثريا جبران" وغيرهم وغيرهن. ذلك لأن المطلوب عزف على الأوتار الحساسة في الذهن الجماعي للناخبين، في أفق دخول غمار العمل الحزبي، حيث يتعلق الأمر بتأسيس حزب، أصبح لقبه منذ الآن على لسان الهمة ذاته "بالفور يا الشيفور" يعني بالرغم من كل اعتراضات المعترضين، وضد كل منطق تاريخي أو سياسي، أو أية اعتبارات التقدير السليم، ومنها مثلا أن التنظيمات السياسية التي تستحق اسمها، لا تُصنع في بلاطات الملوك والحكام، بل تنبت في تربة المجتمعات، وتشتد أعوادها في خضم الصراعات السياسية والاجتماعية.. إلخ. لا يهم كل ذلك، ما دام أن كل وسيلة نقل قادمة من القصر، ولو كانت عبارة عن تراكتور بمنظر مُنَفِّر، إن لم نقل أنه مضحك، "مُرَحَّب" بها دائما. يبدو أن النخبة ال"تارتوفية" (نسبة إلى الشخصية الكوميدية تارتوف) التي يتوفر عليها المغرب، لا يهمها أيا من هذه الاعتبارات، كما أنها لا تخشى الفضيحة، ولو كانت "بجلاجل" بتعبير أشقائنا في أرض الكنانة، لذا فإنهم يتنادون من كل فج عميق، ويتقاطرون ، على أماكن الاجتماعات التي يعقدها "الهمة" في فنادق الخمسة نجوم بكبريات المدن المغربية، وبلغ الازدحام والتدافع بالأكتاف والمؤخرات، أن كثيرين يذهبون للاستماع لسائق "التراكتور الملكي" دون أن تُوجه إليهم الدعوة، ويوجد من بينهم، مَن هو في حكم الإطار الكبير في الدولة، مثل عمدة الدارالبيضاء ساجد، أو "قيادي" حزبي مثل الحجوجي، ناهيك عن الأساتذة الجامعيين، ومهندسي الدولة إلخ، كما حدث مؤخرا، على سبيل المثال لا الحصر، في لقاء "الهمة" بالفاعلين الاقتصاديين بمدينة الدارالبيضاء. "نخبتكم حقيرة جدا" هكذا قال لي يوما شاب أمريكي، قضى بين ظهرانينا سنوات طويلة يدرس "المورفولوجيتنا" السياسية، والفكرية، والاجتماعية، والثقافية لبلادنا، قبل أن يذهب إلى وزارة خارجية "جورج بوش "ليشرح لكَوَندوليزا رايس، ولباقي وزراء الخارجية الذين سيأتون بعدها، في بلاد العم سام، بعض أهم أسباب معوقات التحديث والتنمية عندنا. إنها النخبة الحقيرة ذاتها، التي كانت تتقاطر مثل الذباب، على موائد كل النافذين في السلطة المخزنية، وعلى رأسهم وزير الداخلية القوي في نظام الحسن الثاني إدريس البصري. حيث كان هذا الأخير لا يتوفر فقط على أقرب مسافة بين فمه وأذن الملك السابق، بل أيضا على هامش كبير ل "صنع الزمن الطيب والرديء" – كما تفيد العبارة الفرنسية - في بلاد المخزن والغاشي. أما اليوم فيكفي أن يتزود "الهمة" بلقب "صديق الملك" ويُرى أحيانا مع هذا الأخير في سيارته، قبل أن يُزوده ب "تراكتور مخرخر" يمتطيه وهو فرح، مثل طفل "عروبي" مُنِح لعبة قديمة، أكل عليها الدهر وشرب... يكفي ذلك لتُمنح له كل "البركات" و "الكرامات".. ولتذهب كل الاعتبارات إلى الجحيم، ولو كانت من قبيل مشهد مضحك ل "تراكتور" يركبه رجل مخزن، يدوس السياسة والسياسيين، والاقتصاد والاقتصاديين والفن والفنانين.. وهلم جرجرة، فكل شيء يهون في بلاد الحقارة والحقراء. مصطفى حيران [email protected]