قال عبدُو لمنبّهِي، الناشط الجمعوي المغربي في مجال الهجرة بهُولندا، إنّ المسؤولين الحكوميّين المغاربة "أبانوا عن مواقف متناقضة ضمن تعاطيهم مع خطورة تقليص الهولنديّين لتعويضات ذوي حقوق مقيمين فوق التراب المغربي". وأضاف لمنبّهِي، ضمن حوار له مع هسبريس يبثّ لاحقا مجزّءً على مقاطع مثيرة، إنّ أوّل التناقضات جاءت من وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، الذي قال إن السفير المغربي بهولندا يشتغل على هذا الملفّ.. "حين صدور ذلك من العثماني لم يكن هناك أي سفير للرباط بهولندا، ولم يعيّن أحد في هذا المنصب إلا قبل أيّام" يزيد ذات الناشط قبل أن يضيف: "وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي صرّح بأنّ المعطى يطال تعويضات متقاعدين، والأمر غير ذلك تماما..". "وزير التشغيل والتكوين المهني، عبد الواحد سوهيل، سبق وأن قال، بعد أن التقى سفير هولندابالرباط، أن هذه الاقتطاعات لا تمس المغاربة فقط وأن ذلك لا يمثل خطرا على الاقتصاد الوطني، وبالتالي أعرب عن استهتار حقيقيّ بحقوق الضحايا، كاشفا عنايته فقط باستفادة الاقتصاد الوطني.. أمّا الوزير المكلّف بالمغاربة المقيمين بالخارج، عبد اللطيف معزوز، فقد عزا غياب الحوار مع الهولنديين، ضمن لقاء تصدّره مؤخرا بالحسيمة، لتنظيم الانتخابات البرلمانية بالأراضي المنخفظة، وهذا رغما عن بروز الإشكال منذ سنتين مرّتَا.. في حين قال الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية،إدريس الأزمي، إنّ هناك حوارا مفعّلا.. هذا دون بروز أي من ملامح وخطوات التحرك الذي أثاره الأزمي" يقول لمنبّهِي. رئيس المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية، ومقره أمستردام، أردف أنّ محاولة النيل من تعويضات الأسر المغربية التي تصرفها لذوي حقوق مستقرين بالمغرب "لا تعدّ الأولى من نوعها"، وواصل: "السنوات العشر الأخيرة عرفت تحركات في هذا الاتجاه، بصمت عليها عدد من الحكومات اليمينية دون فلاح في ذلك، وهذا عقب حملات رافضة بصمت عليها جمعيات ونقابات ناشطة بهولندا". "الحكومة الهولندية السابقة، وهي التي كانت لاتلاف ما بين الحزب المسيحي والحزب اللبراليّ بالأساس، مسنودة بالحزب اليميني المتطرف لفِيلْدْرْزْ، تبنّت برنامج هجرة يعادي الأجانب بتوجّهه صوب وقف التعويضات وعرقلة مساطر التجمعات العائليّة وطرد الشباب المغربي رغما عن تجنيسه الهولنديّ والتشدّد في سياسة منح اللجوء.. وعند سقوطها عام 2011 ضننا أن الحكومة الموالية ستتنازل عن سياسة العداء ضدّ الهجرة.. وخلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة تعبأ المغاربة للتصويت على حزب العمل الاشتراكي من أجل قطع الطريق على أحزاب اليمينية المتطرفة، إلاّ أن المفاوضات التي أعقبت ذلك رجّحت كفّة استمرار ذات التوجه العدائي لملفات الهجرة.. وبذلك قضى الاشتراكيون على كل الآمال وأضحوا منفذين للسياسة القديمة الجديدة" يضيف عبدُو لمنبهِي ضمن حديثه لهسبريس. ووفقا لذات الناشط فإنّ قانون التقليص من تعويضات ذوي الحقوق "تم تمريره بمصادقة البرلمان الهولندي وحكومة البلد.. وخلال شهر يوليوز من العام الماضي تمّ إشعار ذوي الحقوق من المغاربة المستقرين بالمغرب أنّ مطلع العام 2013 سيعرف تقليص مستحقاتهم ب40% بحجّة تستند على أنّ بلد الاستقرار يعرف تدنٍ في مستوى المعيشة، وهذا بعد تقديرات همّت أيضا الأتراك والسوريناميّين وأجانب آخرين". كما استرسل لمنبهي في قوله بالتشديد على كون التعويضات المثير تقليصها للجدل، وهي منصوص عليها ضمن الاتفاقية الثنائية للضمان الاجتماعي الجامعة بين المغرب وهولندا، قد شُرع المسّ بها قبل عامين من الآن بعِلم الحكومة المغربية التي لم تتحرّك، لاختيارها التزام الصمت.. "إنّ المسؤولين الهولنديّين كانوا يستدعون حوارا مع نظرائهم المغاربة دون أن يتلقّوا ردّا بهذا الشأن.. ولم تتحرك الرباط إلاّ حين الشروع في التنفيذ، هُنا أصبح المغرب يتحدّث من أجل الحديث فقط". "شرعنا، كمكوّن فاعل من المجتمع المدني، في مساعدة الضحايا.. وهذا بتحفيز الأرامل والأيتام لتعبئة استمارة اعتراض على قرار التعديل الهولندي، كما نصّبنا محامين للطعن في ذات القرار باسم المعترضين.. وإذا تم ربح القضية سيتم إرجاع التعويضات إلى قيمتها الأصلية مع معاودة تسديد المبالغ المقتطعة لفائدة مقيمي الدعوى، أمّا في حال الخسارة أمام القضاء الهولندي فسنلجأ إلى المحكمة الأوروبيّة.." يزيد عبدو ويواصل: "هناك قانون آخر أكثر خطورة بالغرفة الأولى من البرلمان الهولندي، وهو حاليا قد دخل حيز التوقيف بعد أن تقرّر طلب مشورة المجلس الأعلى للدولة الهولندية بخصوص مدى قانونيته.. وهو مقترح تشريع يروم الإلغاء التام لتعويضات ذوي الحقوق من المقيمين خارج الاتحاد الأوروبي.. ما يتناقض أيضا مع الاتفاقية الموقعة بين الرباط وأمستردَام". لمنبّهي أقرّ بأن التوجّه الحالي يروم أيضا للضغط على الحكومة المغربيّة حتّى "تبيّن بالملموس أنّها تدافع على المهاجرين المغاربة وحقوقهم"، "حكومة الرباط اليوم هي أمام امتحان فرضته هولندَا.. والمطالبة هنا لا تقترن بانتزاع مكتسبات جديدة، وإنّما مجرّد ضمان للالتزام بالحقوق التي ضمنتها اتفاقية موجودة أصلا بين الطرفين.. ومن الواجب على المغرب أن يكشف عن رفضه إجراء أي تعديل على فحوى الاتفاق المبرم، ولا ينبغي أن يتمّ ذلك بتصريحات، وإنّما ضمن اجتماع رسميّ مع المسؤولين الهولنديّين، تماما كما فعلت الحكومة التركيّة.. فأمام الرباط أدوات ضغط على الهولنديّين، منها عدد من مصالح أمستردام التي تخاف من فقدانها بالمغرب، زيادة على الاتفاقيّة الأورومتوسطيّة التي تمكّن المغرب من اللجوء إلى الهيئات الأوروبية من أجل حث هولندا على التراجع عن قرارها الأحاديّ.." يقول عبدُو لمنبهِي لهسبريس.