قال سعيد الكحل، الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية، معلقا على توقيف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لخطباء محسوبين على جماعة العدل والإحسان على خلفية دعائهم لمرشدها الراحل عبد السلام ياسين بالرحمة فوق منابر المساجد، إن "المساجد مثلها مثل المرافق العمومية تخضع لضوابط وقوانين لا يمكن الاستهتار بها، والمساجد خاضعة وتابعة لوزارة الأوقاف وليست قطاعا حرا يمكن للمرء أن يقول وينشر ما شاء". واستدل الكحل، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، بالمؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، فكما أنها ملزمة باحترام ما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل، وضمنها الالتزام بالمناهج والمقررات التي تصادق عليها الوزارة الوصية، فالأمر في المساجد أيضا لا يتعلق بحرية التعبير". الأوقاف والخطباء ولفت الكحل إلى "كون وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على علم بانتماء كثير من الخطباء والوعاظ لجماعة العدل والإحسان، وأيضا التيار السلفي العلمي والحركي وحتى الجهادي، وكونها تسمح لهؤلاء الخطباء باعتلاء المنابر رغم التصريح بمواقف مناهضة للدولة وللخيار الديمقراطي، والمحرضة ضد فئة من المواطنين؛ فذلك يدل على التسامح الكبير من وزير الأوقاف مع هؤلاء الخطباء، وفي كثير من الأحيان يكون تواطؤ معهم رغم تنديد المصلين واحتجاجهم على تسييس الخطب وبث ثقافة الكراهية" وفق تعبير الباحث. واسترسل المتحدث بالقول إن "هناك نماذج كثيرة كان من المفروض أن تخضع للمحاكمة بسبب الفتاوى التكفيرية التي يشيعونها، فالمسجد ليس مقرا حزبيا، بل بيتا لعبادة الله، ولا يمكن التقرب إلى الله وعبادته بسب المخالفين أو تكفيرهم أو التحريض ضدهم أو الدعاية لطرف حزبي في الانتخابات، ذلك أن المساجد لم تُرفع لهذه الغايات الدنيئة التي ينهى عنها الإسلام ويجرمها القانون". وشدد الكحل على أن "فتح الباب لكل إمام أن يدعو مع من يريد، أو بمن يتعلق، أو خلف من يسير، أو من اتخذه قدوة، سيحول المنابر عن مهمتها الدينية الأصلية، ويجعلها في حكم المقرات الحزبية أو الحسينيات الشيعية، وما شابهها في وظيفة التفرقة بين المواطنين وتمزيق النسيج المجتمعي" بحسب تعبير المتحدث. وأكمل الكحل: "إذا سمحت وزارة الأوقاف لأتباع ياسين بالترحم عليه، يتعين عليها إذن أن تسمح بالترحم على بن لادن والزقاوي وأبو زيد من طرف أتباع التيار السلفي المتشدد، وكذلك عليها أن تسمح للأئمة المتشيعين بالدعاء لكُبرائهم". "من يريد الدعاء بالرحمة لمسلم ميت ليس مطلوبا منه أن يسميه، ويكفي الدعاء لجميع أموات المسلمين بالرحمة والمغفرة ليجنب الخطيب نفسه كل حرج، فهل مثل هذا الدعاء لن يصل إلى الشخص المعني؟" يورد الكحل متسائلا. "الجماعة" تستفز الدولة وسجل الباحث ذاته بأن جماعة العدل والإحسان لم تغير نهجها بعد وفاة مرشدها الشيخ ياسين، فهي تحرص على استفزاز الدولة لتبقى حاضرة في الإعلام وعلى الألسن، ولتظل تلعب دور الضحية باستمرار" وفقا لتعبير المتحدث. وتابع قائلا: "الدعاء للميت لا يكون فقط من داخل المسجد ومن أعلى المنبر، وكان على هؤلاء الخطباء المحبين للشيخ ياسين أن يكرسوا معظم أوقاتهم في تلاوة القرآن على روح الشيخ والدعاء له والتصدق عليه، فلن يمنعهم أحد، لكن يضيف المتحدث ليس هدفهم الترحم عليه، بل استفزاز الدولة لتبرير التباكي على الحرية ولتسوغ التهجم على الحكومة". وتساءل الكحل: "هل هؤلاء الخطباء كانوا يجهلون متى توفي الشيخ ياسين، فقد مرت على وفاته أشهر، فلماذا الترحم عليه اليوم؟ وما المناسبة؟، ولماذا لم يترحموا عليه أول جمعة على وفاته؟"، قبل أن يخلص إلى كون "المسألة غير مرتبطة بالترحم عليه بقدر ما تدخل ضمن إستراتيجية الاستفزاز والمظلومية". وردا على تصريحات الداعية بنسالم باهشام لهسبريس بخصوص الديمقراطية والدستور "الممنوح"، تساءل الكحل بالقول: "هل سألوا يوما إدارة مواقعهم الإلكترونية لماذا لا ينشرون آراء مخالفيهم وانتقاداتهم للجماعة وعقائدها وممارساتها؟، وأليس الموقع مفتوحا للجميع؟، لينتهي الباحث إلى كون "الديمقراطية هي قيم تتأسس على الحق وعلى الواجب في نفس الوقت، ومن يتشبث بحقه في التعبير عن رأيه عليه أن يضمن لغيره نفس الحق".