أثار قرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أخيرا بتوقيف خمسة خطباء ووعاظ محسوبين على جماعة العدل والإحسان، بذريعة أنهم دعوا بالرحمة لمرشد الجماعة الراحل عبد السلام ياسين فوق منابر المساجد، انتقادات مراقبين اعتبروا قرار التوقيف مؤشرا على أن "الخطيب ليس مستقلا" في مساجد البلاد، وبأن الدولة "غير جادة" في سياسة الإصلاح والقطع مع سياسة المنع والقمع. وقال الدكتور عبد العالي مجدوب، الباحث المهتم بالشأن الديني بالمغرب، إن "فصل خطيبٍ دعا من فوق المنبر لرجل معدود في رجال العلم والتربية ينمّ عن تدنّ فاضح في مستوى السياسة المخزنية في معالجة أمور ما يُسمونه بالحقل الديني، الذي تحتكر الدولة تدبيرَ كل شؤونه من الألف إلى الياء". وأردف مجدوب، في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأنه لو كان الخطيب حرا كما يزعم الخطابُ الرسمي لما كان الدعاءُ لمسلم سببا في منعه من الخطابة بفصله والاستغناء عن خدماته، كما أنه لو كان المنبر حُرا لما كان موضوعُ الدعاء للأستاذ ياسين رحمه الله جريمة تستدعي تدخلَ الدولة بالعقاب العاجل النافذ في أيام معدودات". وزاد القيادي السابق في جماعة العدل والإحسان بأن "الدولة لو كانت جادة في سياسة الإصلاح والقطيعة مع أساليب القمع والمنع والتضييق والخنق، كما يروّج الخطابُ الرسمي، لما وقع في البال أن تفكر هذه الدولةُ في متابعة خطيبٍ مسلم دعا لميّت مسلم من فوق المنبر". واستطرد المتحدث بالقول: "باسم إمارة المؤمنين، التي تعتبرها الحكومةُ مجالا محفوظا للملك، لا حق لها في التدخل فيه ولو بالنصيحة الشفوية، وإن كان وزيرُ الأوقاف محسوبا عليها وسياسةُ وزارتِه معتبرة في سياستها، وباسم أمور أخرى تجعل الدولةَ تحتكر النظرَ في أمور الدين وتدبير شؤونه، وباسم ما يُمكن تسميته بالعبث السياسي، بتنا نسمع بهذه القرارات المهزلات". وزاد بالقول: "سنسمع اليوم وغدا بمهزلات أخرى في سلسلة من العبث لا تنتهي إلا بانتهاء أصلِ هذا العبث ومعدنه وأصله، وهو احتكار الملك لشؤون الدين والدنيا، من غير أن يكون لأحد حقُّ الاعتراض أو النقد أو المراجعة والتغيير". وأَكْمَل مجدوب بأن "هذا هو الأصل الذي تتفرع عنه كلُّ هذه السياسات "اللامعقولة"، وهذه القرارات العبثية التي تهدم ولا تبني، والتي تزيد المشكلات وتعمقها بدل أن تمنعها وتحد من آثارها"، لافتا إلى أن "سياسة منع الخطباء وتوقيفهم وتأديبهم هي سياسة راسخة في ثقافة دولتنا المخزنية، والأسبابُ دائما سياسية مائة في المائة، لكن الطريقةَ التي تتصرف بها الدولة في المعالجة والتنفيذ هي أقربُ إلى العبث منها إلى الجد". وخلص مجدوب، في ختام تصريحاته لهسبريس، بأن موضوع الشأن الديني سيظل بكل متعلقاته وقضاياه ومشكلاته موضوعا مفتوحا للنقاش السياسي العام، ما دام هناك احتكار واستبداد باسم الدين، والدينُ براءٌ مما يزعم المحتكرون المستبدون"، على حد تعبير مجدوب.