قال المدعو بنسالم باهشام الذي يقدم نفسه بصفته داعيا إسلاميا، إن على الدولة أن تشكر عبد السلام ياسين، لأنه جنب المغرب الانفجار، ولم يقل لنا هذا الداعية، كيف فعل ياسين ذلك، مع أن الكل يعلم ما قام به الراحل الذي لا تجوز عليه اليوم إلا الرحمة، وما فعله أتباعه بالشعب المغربي، وذهب الرجل في هذيانه إلى الحد الذي قال فيه إن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تبدي مكرها وعداوتها للدعاة الصادقين الذين لن يقروا الباطل، ولن يسكتوا عن الجهر بالحق مهما تعرضوا له من تضييق وإيذاء، وكأن الرجل أراد من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن توزع مذكرة تطلب فيها من خطباء المساجد الدعاء بالرحمة لياسين، الذي ليس سوى شخص ألبس الدعوة بلبوس السياسة فخلق من حوله كثيرا من العداوات. وكانت وزارة التوفيق أوقفت في وقت سابق عددا من الخطباء بسبب دعائهم بالرحمة لمرشد جماعة العدل والإحسان الراحل عبد السلام ياسين، وهي بدعة لو لم يتخذ في شأنها موقف حازم لتحولت إلى تقليد سيترسخ في أذهان عامة القوم، مع أن ياسين ليس سوى شخص لعب لعبة السياسة، وأراد الخلافة لنفسه. وادعى باهشام الذي ينطبق عليه مثل " أكل النعمة وسب الملة"، أن الموقوفين لم يدعوا في خطبهم إلى الفتنة ولا العنف ولا قطيعة رحم ولا فوضى طيلة مدة خطبتهم، لكنهم فعلوا أكثر من ذلك وهم يحاولون قسم الأمة، وزرع التفرقة بين الناس، من خلال الدعاء لياسين الذي لا يمكن أن ينال إجماع الأمة مادامت كانت تحكمه أطماع دنيوية وسياسية، وهو الذي ظل يبشر بالقومة التي لم تأت. وإذا كنا لا نختلف مع "باهشام" في قوله إن عبد السلام ياسين يستحق الترحم عليه، فإننا نستغرب السبب الذي سيجعلنا نترحم عليه فوق كل المنابر، وإلا لكان علينا الترحم على كثير من شهداء هذا الوطن الذين يذودون عن الوحدة الترابية للمملكة، وكل أولئك الصالحين الذين ساهموا في استقرار هذه البلاد حتى قبل أن يوجد ياسين، أما قوله إن ياسين كان يدعو إلى اللين وينبذ العنف، فذلك قول مردود على صاحبه، لأن كل رسائل الرجل كانت تتعامل مع الوضع السياسي في المغرب بانتهازية واضحة، وحتى حين قررت العدل والإحسان الخروج من حركة 20 فبراير، لم تفعل ذلك لأنها كانت تسعى إلى حقن الدماء، ولكن لأنها كان تسعى إلى الدخول في صفقة سياسية مقيتة، وهو الأمر الذي فشلت فيه، فزادت عزلة الحركة، وتحولت إلى مجرد رقم في المعادلة، والأمر هنا يحسب بما تحقق، وليس بكم جمعت من الرعاع. وزيادة في غيه بشر باهشام المغاربة بالطوفان، الذي قال إنه آت لا محالة، ليبرز أن المغرب في حاجة إلى مثل هؤلاء الخطباء الذين لهم مصداقية عند المصلين ليوقفوا هذا السيل العارم من الشعب المقهور، والذي سيجتاح الشوارع دون قاهر ولا رادع، فلا يجدوهم وسيندمون على أفعالهم التي زينها الشيطان لهم، وهذه قمة في الجهالة من شخص يدعي أنه يدعو إلى الله، وهو في الأصل يدعو إلى الفتنة، وهو لا يعلم أن المغرب تمكن بفضل العلاقة الوطيدة بين الملكية والشعب في بناء جسور الثقة والمودة وتجنيب هذه البلاد كل الويلات، ولا فضل لأحد في ما يعيشه المغرب من أمن واستقرار، وهو أمر نابع من وعي المغاربة وثقتهم في المستقبل. لقد قال باهشام كثيرا من الهرطقات التي تبعده عن ثوابت الأمة، ومن ضمن ما قاله أنه طيلة المدة التي كان يقوم فيها بمهمة خطيب الجمعة لم يتقاض أجرا من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لكنه في خضم ثورته هذه لم يقل لنا من أين كانت تأتيه الأموال لكي يمارس المهام الموكولة إليه، وتلك حكاية أخرى.