الحكم بالحبس ضد سائق "InDrive" بعد اعتدائه على زبونة بطنجة    شاب يضع حداً لحياته بطنجة            الزعيم يسقط في فخ التعادل أمام الوداد    المنتخب المغربي ينهي سنة 2024 في المركز ال14 عالميا    نهضة بركان يعزز موقعه في الصدارة على حساب "الكوديم" وكلاسيكو الجيش والوداد ينتهي بالتعادل    أخنوش: مشروع محطة "موكادور" يرسخ مكانة المغرب كوجهة سياحية رائدة    بوساطة من الملك محمد السادس.. إطلاق سراح أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في بوركينافصو    لجنة دعم السينما تعلن عن المشاريع المستفيدة من دعم دورة 2024    وزارة السياحة المصرية تنفي تأجير أهرامات الجيزة ل MrBeast    مجلس الحكومة يُقر "سكوت الإدارة"    اختتام الاجتماع التشاوري بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيان ببوزنيقة بالتأكيد على استمرار المشاورات    اتهامات لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية    محكمة اسبانية تُدين 15 شخصا بعد حادثة هروب من طائرة مغربية    مصدر ينفي التقسيم الإداري الجديد    المغرب يخدم المنطقة المغاربية .. مسؤولون ليبيون يثمنون "اتفاق بوزنيقة"    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    سلطنة عمان .. باحثة مغربية من جامعة ابن زهر تفوز بجائزة "أطروحتي في 1000 كلمة"        "شغب الملاعب".. دعوات إلى محاربة العنف بالتثقيف والإعلام وفتح قنوات اتصال مع الأنصار والمحبين    بوانو: لا يحق لرئيس الحكومة أن يذكر والده داخل البرلمان والكل يعرف كيف صنع آل أخنوش ثروتهم    مديرية الضرائب توضح بخصوص الفواتير المتأخرة في الأداء اعتبارا من فاتح دجنبر 2024    هذا أول تعليق لنجم المنتخب المغربي أشرف حكيمي بعد خسارته الكرة الذهبية    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    اِسْمَايَ الْعَرَبِيَّانِ الْجَرِيحَانِ    «بذور شجرة التين المقدسة» لمحمد رسولوف.. تحفة سينمائية تحط الرحال بمهرجان مراكش    ميرامارْ    الدشيرة الجهادية تحتفي بفن الرباب الأمازيغي    الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تنظم عملية انتقاء العاملات الفلاحيات للعمل بإسبانيا            إدارة الدفاع الوطني تحذر المغاربة من ثغرات خطيرة تهدد مستخدمي متصفح Google Chrome    المديرية العامة للأمن الوطني تطلق بوابة الخدمات الرقمية وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    ألمانيا تمول السياسة المناخية للمغرب    بوتين: سقوط الأسد ليس هزيمة لروسيا    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    بنكيران مخاطبا رئيس الحكومة: 'يا تلعن الشيطان يا تقدم استقالتك'    غدا ‬تنطلق ‬أشغال ‬المناظرة ‬الوطنية ‬الثانية ‬للجهوية ‬المتقدمة    ماكرون يشكر جلالة الملك على دوره في الإفراج عن 4 فرنسيين محتجزين في بوركينا فاسو    الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية        المغرب – ألمانيا: التوقيع بالرباط على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو لتمويل برنامج دعم السياسات المناخية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تركيا تدعو المجتمع الدولي لإزالة "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب    رامي إمام يطمئن الجمهور عن صحة عادل إمام ويكشف شرطًا لعودة الزعيم إلى الشاشة    كأس الرابطة الانجليزية: ليفربول يواصل الدفاع عن لقبه ويتأهل لنصف النهاية    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة    فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجاء أيها العرب كفى من البكاء
نشر في هسبريس يوم 26 - 06 - 2008

العرب يبكون كثيرا ، المساكين لا يعرفون أن يفعلوا شيئا آخر غير البكاء والتشكي . وكعادتهم كما يفعلون في كل مرة عندما يرون شيئا لا يعجبهم سيبكون هذه الأيام ، لأن الرئيس الفرنسي قام بزيارة دامت ثلاثة أيام إلى إسرائيل . العدو اللدود للعرب .
""
أن يذهب نيكولا ساركوزي إلى تل أبيب رفقة زوجته كارلا بروني في زيارة رسمية ويلقي خطابا أمام الكنيسيت الإسرائيلي ، فهذا في حد ذاته ليس مشكلا . فالعلاقات الدولية تحكمها المصالح الاقتصادية والسياسية المتبادلة أولا وأخيرا وقبل وبعد كل شيء .
لكن العرب لا يريدون أن يفهموا هذا الأمر ، لذلك سيعتبرون زيارة الرئيس الفرنسي إلى إسرائيل بمثابة مصيبة كبرى . ففرنسا هي الدولة القوية الوحيدة التي تقف بجانب العرب في محنهم التي لا تنتهي ، ليس من أجل سواد عيون العرب ، بل من أجل مصالحها الخاصة . حيث وقفت ضد الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها على العراق عام 2003 ، والعاصمة باريس ظلت تفتح أحضانها للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى أن فارق الحياة على سرير أحد مستشفياتها . كان هذا طبعا في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك . الصديق الوفي للزعماء العرب .
بعد مجيء ساركوزي إلى قصر الاليزيه جرت مياه كثيرة تحت الجسر . الرجل جاء بعقلية سياسية جديدة مغايرة تماما لعقلية الشيخ شيراك ، وعمله يعتمد على البراغماتية والواقعية بعيدا عن المجاملات . هكذا أراد أن تكون علاقة فرنسا بدول العالم بما فيها الدول العربية مبنية على المصالح المتبادلة ولا شيء غيرها ، أو بالأحرى أن تكون فرنسا هي المستفيدة بالدرجة الأولى من هذه العلاقات .
ومباشرة بعد وصوله إلى كرسي الحكم استطاع أن يجلب إل بلده ملايير الدولارات عبر الصفقات العسكرية والتجارية التي وقعها مع ليبيا والمغرب والجزائر والسعودية ودول خليجية أخرى . وهذا بالتحديد هو الذي سيزيد آلام العرب تتضاعف ، لأنهم منحوه ملايير الدولارات من خزائن دولهم الغارقة في البترول ، وهاهو الآن يزور إسرائيل ويندد "بالعمليات الإرهابية" التي ينفذها الفلسطينيون ضد رعايا الدولة العبرية من داخل مبنى الكنيسيت الإسرائيلي في العاصمة تل أبيب .
يجب على العرب أن يكفوا عن البكاء ، لأن البكاء لا يزيد الجريح إلا معاناة على معاناة ، عليهم أن يفهموا أن العلاقات الدولية صارت اليوم أكثر تعقيدا ، وليست مثل علاقات القبائل التي ألفوها في جزيرتهم الغارقة في التخلف .
اليوم كل دولة لا تبحث إلا عن مصلحتها الخاصة ، ولو أدى ذلك إلى الدوس على الأخلاق والقيم الإنسانية . ومتى كانت الأخلاق والقيم موجودة في السياسة كما يتوهم العرب يا ترى ؟
نيكولا ساركوزي ذهب إلى إسرائيل لأن اللوبي اليهودي في باريس هو الذي أرغمه على ذلك ، وهو بطبيعة الحال لا يستطيع أن يرفض أي طلب لهذا اللوبي الشرس ، حتى لا يخسر دعمه ومساندته . هذا اللوبي العتيد الذي أرغم باريس قبل أسابيع على تنظيم احتفالات كبرى بمناسبة مرور ستين عاما على تأسيس دولة إسرائيل. بتزامن مع نكبة فلسطين .
لماذا لا يتوفر العرب على لوبي قوي في كل عاصمة من العواصم العالمية الكبرى كما هو الشأن بالنسبة لإسرائيل ، حتى تكون كلمتهم مسموعة في كل بقاع الدنيا . ماذا ينقصهم . إسرائيل لا تملك بترولا ولا فوسفاطا ولا أي معدن آخر ، ومع ذلك تعتبر أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط سياسيا وعسكريا واقتصاديا أيضا ، حيث يوجد متوسط الدخل الفردي في إسرائيل ضمن المراتب العشرين الأولى في العالم ، ويصل إلى أكثر من عشرين ألف دولار . وتوازي الميزانية السنوية التي تخصصها إسرائيل للبحث العلمي ما تخصصه له الدول العربية مجتمعة . هذه الدول الغارقة في البترول والمعادن تعيش في أدنى المراتب العالمية على جميع الأصعدة والمستويات . ومن ضمن أفضل خمسمائة جامعة عالمية لا يمكن أن تجد ولو جامعة عربية واحدة مصنفة بينها ، في الوقت الذي يمكنك أن تعثر بين هذه الجامعات على واحدة إسرائيلية . هل هناك تخلف أكبر من هذا .
العرب ليست لدهم لوبيات ضغط في أي عاصمة عالمية ، لأنهم ببساطة يحبون حل مشاكلهم بالبكاء كما يفعل أي رضيع صغير .
على العرب أن يفهموا جيدا أن "صديقهم الكبير" جاك شيراك ذهب إلى غير رجعة ، ولن يعود أبدا . وعليهم أن يفهموا أن حزب الحركة من أجل الجمهورية لذي ينتمي إليه نيكولا ساركوزي لم يعد بينه وبين الحزب الاشتراكي الذي ما زال العرب يعتبرونه حزبا "لينا" أي فرق في نظرتهما تجاه السياسة الخارجية لفرنسا .
ولو كانت سيكولين رويال هي التي فازت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة لقامت بدورها بزيارة إلى إسرائيل تحت ضغط اللوبي اليهودي النشيط في باريس .
وإذا كانت فرنسا قد أدارت ظهرها للعرب بهذا الشكل الذي يعبر عن احتقارها لهم ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستنزل عليهم بمزيد من الضربات في السنوات القادمة . ولعل من يتابع تصريحات باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي الذي يعتبره العرب بدوره حزبا "لينا" مقارنة بالحزب الجمهوري المحافظ سيعتقد بلا شك أن الرجل ينتمي إلى الحزب الجمهوري الذي يكرهه العرب أجمعين .
فمنذ الأحداث الإرهابية التي قام بها أتباع أسامة بن لادن في جزيرة مانهاتن صبيحة يوم الثلاثاء 11 شتنبر عام 2001 لم يعد هناك أي فرق بين نظرة الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي الأمريكيين نحو السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية . وساء أكان جون ماكين هو الرئيس المقبل لبلاد العم سام أو باراك أوباما فالسياسة الخارجية التي سينتهجها الأول لن تختلف عن السياسة التي سينتهجها الثاني .
لذلك يجب على العرب أن يكفوا عن البكاء ويكونوا "رجالا" ، ويعيدوا النظر في علاقاتهم مع الدول الغربية التي يجب أن تكون مبنية على أساس الأخذ والعطاء ، وليس على أساس الصداقات المزيفة ، وإلا فإنهم سيجدون أنفسهم عما قريب في مزبلة التاريخ التي يوجدون على أبوابها اليوم . أنتم أيها السادة لديكم أكثر من ثلتثي الاحتياط العالمي من البترول ، ولديكم ملايين من أطنان المعادن النفيسة تحت جبالكم وسهولكم ، ولديكم ثروات هائلة في البر والبحر . لكنكم تفتقدون إلى الديمقراطية التي تتمتع بها إسرائيل ، وهذه هي مصيبتكم الكبرى . ولكم أن تتصوروا كيف سيكون حالكم لو لم يكن لديكم بترول .
يجب على العرب أن يستوعبوا أن السياسة ليست فيها صداقة دائمة مثلما ليست فيها عداوة دائمة ، هناك فقط مصالح متبادلة .
وهاهي فرنسا التي كانت صديقة للعرب في عهد شيراك قد تخلت عنهم ووضعت يدها في يد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، التي قال ساركوزي بالمناسبة أمام محمود عباس في الندوة الصحافية التي عقدها برفقته بأنه صديق كبير لها .
لكن الزعماء العرب بدون شك ليست لديهم أي رغبة في فهم هذه الحقيقة البسيطة ، ويفضلون أن تكون علاقاتهم بقادة الدول القوية مبنية على الصداقة الشخصية ، حتى يحافظوا على مناصبهم فوق كراسي الحكم ، لأنهم بكل بساطة لا يتمتعون بأي شرعية لدى شعوبهم ، وهذه هي المصيبة التي تجعل الأمة العربية اليوم في أسفل سافلين ، في انتظار أن يرمي بها الزمن في مزبلة التاريخ .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.