كيف كان رجل التعليم سابقا ،وكيف أصبح؟ لماذا تغيرت نظرة المجتمع إليه؟ "" كان رجل التعليم أحب الناس لدى المجتمع المغربي حتى نهاية الثمانينات .لماذا؟ لأنه كان المثل الأعلى في الخلق . كان هو المعلم والفقيه والقاضي والطبيب والعادل. كان يؤم الناس ويتدخل لحل مشاكل الناس .كان كل تلميذ يعتبر ابنا له يعلمه ويربيه و بمسح له انفه ويغسل له وجهه ويداويه ويعتني به على جميع المستويات. كان دائم الأناقة واكبر من يحترم الناس. كان القدوة الحسنة في كل شيء ، لذلك كان محبوبا لدى جميع الناس كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا فقراء وأغنياء . موظفون كبار وصغار.عمالا وفلاحين وحرفيين. كان المعلم والأستاذ قمة في الشموخ الإنساني والاجتماعي. كان القمة في الوطنية كان أقوى ضمير حي اكبر ناكر لذاته ، لذا كان الناس يقبلون يديه ويقفون إجلالا له ولا يتأخرون في تطبيق أوامره ويتنافسون في خدمته . ويكون أول واحد يدعون له في صلواتهم. ماذا بقي من هذه الصفات لدى رجل التعليم الحالي؟ إن هذا السؤال لا يعني أن نموذج رجل التعليم الموصوف أعلاه قد انقرض. لا. إن هناك حاليا رجال تعليم لهم نفس صفات السابقين ويحظون بتقدير واحترام المجتمع لكن نسبتهم لا يمكنها ان تؤثر فى الموقف العام للمجتمع تجاه معظم زملائهم. وهنا يجب طرح عدة أسئلة لاستكشاف الأسباب الكامنة وراء هذا الموقف السلبي.فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" ما اتفقت آمتي على ضلال". لهذا علينا ألا نكون منافقين ومتعصبين وأنانيين وكذابين وننكر هذا الموقف السلبي للمجتمع تجاه رجل التعليم. لماذا رجل التعليم الحالي في معظمه لم يعد يحظى بهذه المكانة؟ لماذا غير المجتمع نظرته إليه؟ لماذا أصبح رجل التعليم في المجالس والمقاهي وفي أي مكان مثار للسخرية والتنكيت . بل أحيانا وجهة للسب والشتم وأقبح النعوت؟ لماذا ينعته البعض بأنه اكبر ظالم؟ لماذا يمثل بالنسبة للتلميذ أكبر عدو؟ لماذا يكرهه الآباء والأمهات والأولياء؟ لماذا يربطون فشل أبنائهم بالأستاذ . لماذا تشتكي منه الإدارة التربوية . لماذا يشتكي منه رجال الأمن والدرك على الطرقات - رغم احترامهم له -انه هو الأكثر رفضا للغرامات. لماذا تعتبر البلديات والجماعات المحلية والقروية التي يسيرها رجال التعليم اكبرها وأكثرها مشاكل حسب بعض الإحصائيات؟لماذا يشتكي تقرير المجلس الأعلى للتعليم من رجل التعليم ويحمله مسؤولية عدم الانخراط في إصلاح المنظومة التربوية؟ لماذا يتفق الجميع على أن معظم رجال التعليم لم يعودوا يؤدون مهمتهم كما ينبغي ؟هذه الأسئلة تدل عل أن هناك خللا ما بجب إصلاحه. أين يكمن هذا الخلل؟ على رجل التعليم أن يراجع نفسه وان يعرض ذاته للنقد وسوف يكتشف الخلل. لا تنتظروا من الآخرين اكتشاف الخلل. لان الخلل فينا رغم كل الظروف ، لان المسالة أخلاقية وإنسانية بالدرجة الأولى . علينا أن نداويه لنفرض أنفسنا ونرد مكانتنا لان لا احد يمكنه أن يعطيك مكانة وتقديرا إذا لم تنتزعه لنفسك. وهذا لن يتم إلا بمراجعة سلوكاتنا. لان"الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". صدق الله العظيم.