أطلق تعبير الطابور الخامس لأول مرة أثناء الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936حيت كانت القوات الزاحفة على مدريد تتكون من أربعة طوابير ،لكن الجنرال" كويبو كيللانو " أكد أن هناك طابورا خامسا يعمل لصالح قواته ضد الجمهوريين من داخل مدريد ، وترسخ هذا المعنى فأصبح يطلق على الجواسيس ومروجي الإشاعات و الحرب النفسية ،خصوصا مع تصاعد حدة الحرب الباردة بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي . لكن ما علاقة بنكيران بكل هذا ؟ الحقيقة التي لا يجادل فيها أحد أن بنكيران وإخوانه كانوا من المغضوب عليهم قبل أحدات الربيع العربي ، فقد كانت كل التوقعات تشير إلى أنه من سابع المستحيلات أن يشارك حزب العدالة والتنمية في أية حكومة ،بل إن مجرد إعلان نوايا حسنة حول هذا الحزب والدعوة إلى عدم شيطنته كلف البعض الكثير كما هو الحال مع زعيم الأحرار السابق وغيره . جاءت أحدات الربيع العربي وعدل الدستور ،وجرت انتخابات 25 نوبر التي منحت الحزب المرتبة الأولى ، لكنها لم تمنحه الأغلبية لأسباب يعرفها الجميع ،بدءا من العتبة الانتخابية التي لم تخدمه بشكل جيد ، مرورا بإقصاء غير المسجلين في اللوائح الانتخابية من التصويت ، إضافة إلى إقصاء الجالية المغربية من التصويت أيضا والتي تشكل كثلة انتخابية قادرة على قلب المعادلة الانتخابية جذريا . وجد بنكيران نفسه في حاجة إلى تحالف قوي "يسخن به كتافوا " على حد تعبيره ،عمل بنكيران على أن يكون تحالفه قويا منسجما ، بعد مفاوضات ماراطونية شكلت الحكومة ، وتم الاشتغال على برنامج حكومي ،حاولت الصحافة في شخص مدير جريدة أخبار اليوم الحصول عليه قبل أن يصل لنواب الأمة ، قال عفريت من الأغلبية أنا آتيك به قبل يرتد إليك طرفك ، وكذلك كان . غضب بنكيران من هذا الفعل ، وطوي الملف بعد ذلك حفاظا على أغلبيته ، ومند ذلك الحين والطابور الخامس يعارض كل مبادرة يأتي بها بنكيران ووزراء حزبه على الخصوص ، إذ عارض حزب التقدم والاشتراكية الإعلان عن لائحة مأذونيات النقل ، ثم قامت القيامة على دفاتر الخلفي ، لكن أخطر ما يواجهه بنكيران الآن هو "شباط" والذي ليس سوى كرة الثلج التي تخفي جبل الجليد . يقول بعض المتتبعين أن شباط يريد أن يحصل على مكاسب أكبر داخل الحكومة لهذا يدعوا لتعديلها ،والحقيقة أن الخطوات التي يريد بنكيران الإقدام عليها هي التي تحرك شباط الآن وغيره . بعزمه تقديم مساعدات مالية للأسر الفقيرة ، يكون بنكيران قد اقترب من أحزمة الفقر التي تشكل خزانا انتخابيا لا يمكن المساس به . تقديم دعم مباشر للفئات الهشة والفقيرة معناه أن المعادلة الانتخابية ستتغير جذريا ، وسيضاعف العدالة والتنمية من عدد أصواته في الانتخابات المقبلة ، في الوقت الذي يريد فيه البعض من بنكيران أن يؤدي دوره ويذهب غير مأسوف عليه كسابقيه . بنكيران اليوم بعمله هذا ،الذي يريد من خلاله الاعتناء بالفئات الهشة والمحرومة ، بهدف الوصول إلى مجتمع متضامن تسوده العدالة الاجتماعية، سيثير عليه علية القوم ، المتحالفين مع الطابور الخامس داخل الحكومة بغية إفشاله بأية وسيلة . تحكي بعض الرويات أن الإمام علي كرم الله وجهه حاول أن يسوي بين الناس في العطاء ، بين الأشراف والموالي فثار ضده علية القوم الذين أجزل لهم معاوية في العطاء فقاتلوا إلى جانبه وتركوا الإمام علي كرم الله وجهه، وهاته الحكاية لا زالت تتكرر إلى يومنا مع كل دعوة للاصلاح وما موقف الباترونا منا ببعيد . يحاول بنكيران أن يظهر أن تحالفه منسجم ويسير في الطريق الصحيح ، لكن الأحداث كثيرا ما أكدت عكس ذلك . بنكيران وتحالفه، يذكرني بإحدى الحكايات التي لست أدري أين قرأتها ، تقول الحكاية أن أحد الأشخاص قام بتدريب مجموعة من القطط على حمل الشموع حول مائدة الطعام حتى يتسنى له الأكل وسط إضاءة جيدة . ذات يوم زاره أحد أصدقائه وما إن جلسا حول المائدة والقطط تحمل الشموع من أجل الإضاءة، حتى أخرج الضيف فأرا من جيبه، رمت القطط الشموع وتبعت الفار الذي فر لا يلوي على شيء ، وتركت المائدة والمنزل يحترق برمته . فهل يسير الطابور الخامس على نهج هته القطط ؟ ذلك علمه عند ربي وعفاريت الطابور الخامس. [email protected]