أكد الشيخ محمد الفزازي، أحد أبرز الأسماء الدعوية بالمغرب، بأن "التبرع بالأعضاء وزرعَها قضية من قضايا العصر، حيث لا ينبغي أن نسقط عليها فتاوى لأئمة وعلماء قضوا منذ قرون من الزمن، باعتبار أن قضايا العصر يجب أن يَنظر فيها علماء العصر لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره". وأوضح الفزازي، في مداخلة له ألقاها أخيرا بأكادير بمناسبة ندوة حول "زراعة الأعضاء بين القانون والشريعة وحقوق الإنسان"، بأن "علماءنا الأجلاء الذين خلوا لم يلحقوا هذه التقنيات المعاصرة وهذه الثورات العلمية الهائلة، وبالتالي هم لم يتصوروا المسألة، ليس نقصا في قدراتهم وكفاءاتهم، ولا تقصيرا منهم أو عجزا، بل لأن زمانهم لم يعرف ما يعرفه زماننا من تطور مُبهر في التكنولوجيا الرقمية والإلكترونية وتبادلِ المعلومات وإيصالِها من أقصى الأرض إلى أقصاها في حينها". ووضع الفزازي شروطا لجواز التبرع بالأعضاء وزرعها، حيث إنه " لا بد من ممارسته ممارسة مهتدية بالضوابط الشرعية وقيودها التي وضعها العلماء الأولون، وإلا ستنشأ أضرار نفسية واجتماعية بليغة، منه إهانة كرامة الإنسان، واختلاط الأنساب، وزرع الأعضاء بطرق فوضوية، والانحطاط بالعضو البشري إلى مستوى قطعة غيار في آلة أو محرك، ولا بد كذلك من إعمال مقاصد الشريعة الإسلامية الكفيلة بتحقيق مصالح الناس فرادى وأسرا وجماعات ومجتمعات. ووصف الداعية زرع الأعضاء ونقلها بكونها "مسألة إنسانية" بامتياز، ولا تخرج عن نطاق التعاون ولا عن نطاق التراحم، أو نطاق الإيثار، مشيرا إلى أن الله تعالى امتدح المؤثرين غيرهم على أنفسهم، فقال سبحانه "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"، أو نطاقِ الإحسان "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين". وأبرز الفزازي، في محاضرته ذاتها، بأن "التبرع بالعضو هو أعلى وأغلى من التبرع بالمال، على أن الستر والتنفيس والعون ينبغي أن يكون للأقرب فالأقرب لذي الرحم أولا، ثم الجار المسلم ثانيا، ثم الأبعد فالأبعد، حيث إنه على هذا الترتيب يتم الإحسان"، حسب المحاضر. وسرد الفزازي "ضوابط شرعية" تحيط بعملية زرع الأعضاء ونقلها؛ ومن ذلك على سبيل المثال "وجود ضرورة ملحة لزرع العضو، وقرارُ الأطباء أن لا خطر على المانح إذا نُزع منه العضو، وأن هذا العضو صالح لمن نُزع من أجله، وأن هذا المانح كامل الأهلية، وأن يكون المتبرَّعُ له معصومَ الدم ، أي أن يكون مسلماً أو ذمياً، بخلاف الكافر المحارب...وأيضا ألا يكون التبرع بالعضو مفضيا إلى الموت يقينا، كالتبرع بالقلب مثلا فهذا يدخل في معنى الانتحار.. وجدير بالذكر أن فدرالية التضامن الجمعوي بأكادير نظمت ندوة حول زراعة الأعضاء، السبت الفائت، وحضرها كل من مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، والدكتورة رجاء ناجي مكاوي أستاذة القانون الخاص بكلية الحقوق بالرباط، ومحمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والدكتور حسن بوكيند رئيس المركز الوطني للحروق وجراحات التجميل والتقويم بالمستشفى الجامعي.