بعد مرور 70 سنة على "مؤتمر آنفا"، وهو المنعقد بالدّار البيضاء في مثل هذا الشهر من عام 1943، يحل جيمس روزفلت، حفيد الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت الذي كان واحدا من القادة الحاضرين بذات اللقاء الشهير، بالمدينة التي احتضنت الموعد الملتئم في أربعينيات القرن الماضي ويشكل منعطفا هاما في صناعة التاريخ. جريدة هسبريس الإلكترونية كانت سباقة للقاء "روزفلت جينيور"، الرجل الذي يشغل الآن منصب محامٍ ومستشار في الحزب الديمقراطي الأمريكي، إلى جوار توليه منصب مدير تنفيذي لشركة مشتغلة ضمن قطاع التغطية الصحية، فكان هذا الحوار الذي شمل أسئلة عن قضايا الأمس واليوم. بداية ، ماذا يمثل المغرب للأمريكيين من خلال مؤتمر أنفا، من جهة، وباعتباره أول بلد يعترف باستقلال الولاياتالأمريكيةالمتحدة، من جهة ثانية؟ إن اختيار مدينة الدارالبيضاء لتحتضن مؤتمر أنفا سنة 1943 لم يكن اعتباطيا، فقد كان رمزيا بالنسبة للأمريكيين لسببين، أولهما هو أن المغرب هو أول بلد يعترف باستقلال الولاياتالأمريكيةالمتحدة، كما ذكرت، والثاني هو أن المؤتمر عقد بشمال إفريقيا، مما شكل حدثا هاما في الحرب العالمية الثانية، خصوصا أن مدينة الدارالبيضاء شهدت أول انتصار على القوة النازية، الشيء الذي يعني الكثير للشعب الأمريكي.. من جهة أخرى، لعب الفيلم ''كازابلانكا'' دورا مهما في شرح رمزية المدينة وأهميتها خلال المؤتمر. ماذا يعني لك أن تكون حفيد رئيس أمريكي بحجم فرانكلين روزفلت؟ في الحقيقة، يشرفني كثيرا تمثيل جدي وعائلتي والشعب الأمريكي بمناسبة حلول الذكرى 70 لمؤتمر أنفا، وهي بالنسبة لي فرصة لتفسير بعض الجوانب التاريخية المتعلقة بالحدث التاريخي، وقد كان لجدتي الفضل في إطلاعي على هذه الجوانب وشرحت لي بعض التفاصيل حول تلك الفترة. زيارتك للمغرب هي الأولى من نوعها ، لماذا الآن؟ سبق لي وأن زيارة الأردن، ولكن تعد هذه أول زيارة لي للعالم العربي في الوقت الراهن وهي الأولى على الإطلاق للمغرب. بالحديث عن الوقت الراهن، ما هو رأيك حيال "الربيع العربي"؟ إن الأحداث التي عاش على إيقاعها العالم العربي السنة الماضية تعبر عن رغبة الشعوب في الحرية و المساواة ويمكن القول إن الربيع العربي، الذي ما زال ينثر نسماته، يتماشى والعلاقة التي تربط الولاياتالأمريكية مع هذه الشعوب. على عكس تونس ومصر وليبيا، عرف المغرب ما يرتأي البعض نعته ب "الثورة الهادئة أدت إلى انجاز العديد من الإصلاحات وتحقيق بعض التغيرات"، كيف تقيمون هذا المعطى؟ أنا لست على دراية كافية بما وقع في المنطقة من تغيرات في كل دولة على حدة حتى أتمكن من مقارنته بما حدث بالمغرب، ولكن، على ما يبدو أن المغرب وجد الطريق الصحيح لاستيعاب إرادة الشعب وتطوير علاقته بالحكومة. في إطار حديثنا حول ''المطبخ الداخلي للمغرب "، ما هو رأيك تجاه النزاع بالصحراء؟ أفضل عدم الخوض في هذه القضايا الحساسة، أرجوكم.. حديثنا عن فرانكلين روزفلت الجد، وعن الحكايات النادرة والطريفة التي كان يحكيها لكم وذات صلة بمؤتمر أنفا؟ عرفت جدتي أكثر من جدي، وهي من أخبرتنا الكثير عن ما جرى هنا، وقد حكت لنا انه كان أول رئيس استعمل الطائرة للقيام برحلاته، وكانت أولى رحلاته نحو المغرب، فقد كانت أجهزة المخابرات تعتقد أن السفر جوا غير آمن بتاتا وانه يفضل التنقل بحرا رغم أجواء الحرب، في الوقت الذي كان الإبحار أيضا يشكل خطرا كبيرا في التنقل. وقد كان جدي سعيدا جدا بالمدينة وخصوصا فيلا "ميرادور" التي نتواجد بها الآن. كان يعشق الخرائط، وكان كلما حل بمكان خصص غرفة للخرائط حرصا منه على معرفة بؤر التوتر وعدم الاكتفاء بما يدرج في التقارير الواردة من الجيش، وقد أعجب تشرشل الذي كان حاضرا إبان المؤتمر بالفكرة، فتبناها هو الآخر.. وقد أخبرتنا جدتي، كذلك، أن الأجواء كانت مثالية بالنسبة لجدي، حيث توفرت له كل وسائل الراحة صدفة، دون أن تتم برمجة ذلك. لو كان فرانكلين روزفلت على قيد الحياة، كيف سيكون رأيه تجاه الحرب على العراق؟ أستطيع القول إن تنظيم المؤتمر بالدارالبيضاء قدم نموذجا على طبيعة العلاقة بين الولاياتالأمريكية والعالم العربي، وبذلك كان مثالا عمّا يجب أن تكون عليه العلاقة بين الولاياتالمتحدة وأيّ بلد عربي، إلا أني لست ادري ماذا كان سيكون رأيه تجاه اتخاذ هذه القرارات التكتيكية. هل تعتقد أن إعادة انتخاب الرئيس باراك اوباما من شأنه أن يحمل حلولا لعدد من القضايا المتعلقة بالسياسة الداخلية والخارجية على حد السواء؟ إعادة انتخاب اوباما رئيسا يقوي دوره في رسم معالم السياسات الأمريكية، وكما تعلمين فالعمل بالسياسة ليس بالأمر الهين، سواء بالولاياتالأمريكية أو أي دولة أخرى.. لكن عدد الأصوات الكبير الذي حصده خلال ولايته الثانية قوى دوره في الكونغرس. برأيك، ما المطلوب من الولاياتالأمريكية القيام به لإرساء السلام في العالم؟ للقيام بهذا الدور تركز أمريكا على التعاون الدولي وعلى حقوق الإنسان، ويتجلى ذلك على الخصوص في تعيين اوباما لسوزان رايس سفيرة بالأمم المتحدة و هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية في ولايته الأولى، كما أن جون كيري، وزير الخارجية المقبل، معروف بمواقفه المؤيدة للسلام، وشخصيا تربطني به علاقة جد وطيدة حيث أكن له تقديرا كبيرا على مواقفه. مما لاشك فيه أن أحداث الحادي عشر من شتنبر غيرت معالم علاقة الأمريكيين بالعرب والمسلمين، كيف تصف هذه التغيرات؟ لقد مكنت أحداث الحادي عشر من شتنبر الأمريكيين من الوعي بخطورة الإرهاب، ومن ثمة تعلم الشعب الأمريكي، ومعه الحكومة الأمريكية، ضرورة مد جسور التعاون الدولي لتجاوز الصراعات.. وجدير بالذكر أنه بعد تلك الأحداث الأليمة مررنا بمرحلتين، مرحلة إعادة البناء بعد الصدمة التي عشناها، شعبا وحكومة، ثم مرحلة فهم أهمية التعاون الدولي في تجنب النزاعات. وما هي الرسالة التي تبعثها إلى العالم من مدنية الدارالبيضاء؟ تعد علاقة التعاون التي تجمع بين الولاياتالأمريكيةالمتحدة والمغرب قدوة، ليس لمنطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما للعالم اجمع، ويشرفني أن أكون حاضرا لتمثيل جدي والشعب الأمريكي بمناسبة الذكرى السبعين ل "لقاء أنفا"، فهذا الموعد التاريخي لا يخلد لمرحلة في الحرب فحسب، لكنه يعد محطة أساسية لإبراز الدور الذي لعبه المؤتمر في بناء التعاون والتطور.