إنها بالفعل مظهر من مظاهر السيبة واستغلال السلطة وهدر المال العام في أبشع وجه من أوجه الفساد وتجلياته .إنها تجسيد قوي لغياب وازع المواطنة الحقة لكنها قبل كل هذا قمة الانتهازية واستخدام مقدرات الوطن الحبيب في أغراض شخصية. إنها بكل بساطة *دابة الإدارات العمومية* دابة المدراء ورؤساء الأقسام والمصالح التابعة لها بل وحتى السائقين المكلفين بها من المنعم عليهم من قبل رؤسائهم المباشرين والأمر سيان سواء في المؤسسات العمومية أو حتى الشبه العمومية مادام الحساب في آخر المطاف يستخلص من جيوب دافعي الضرائب . إنها سيارات الدولة والتي ألفنا أن نرى إلى جانب ترقيمها حرف *ج* أو اسم بلدنا العظيم *المغرب* سواء بالأحرف العربية أو اللاتينية وأصبح بذالك المغاربة مجبرين على التطبع مع مثل هاته الظاهرة وهم يشاهدون سيارات الدولة تستعمل في أغراض شخصية وخارج التوقيت الإداري بل وحتى في فترات متأخرة من الليل فهذا يستغلها في إيصال أبنائه إلى مؤسساتهم التعليمية الخصوصية طبعا ولا يتورع في انتظارهم ساعة مغادرة المدرسة للقيام بواجب إرجاعهم إلى البيت محملين هم ومحفظاتهم على سيارة الدولة التي قد يختلف المرفق العمومي التابعة إليه وآخر قد لا يستحيي في تخصيصها لأغراض زوجته المحترمة بدءا من عملية التسوق إلى الحمام إلى صالون الحلاقة إلى زيارة الأهل والأقارب وآخر لا يتورع في ركنها أمام محطة القطار في انتظار وصول أحد أفراد عائلته ...وغيرها من مظاهر الاستغلال البشع لهاته السيارة التي تتحرك طبعا بالوقود الذي رفع بن كيران من تسعيرته رغبة منه في تخفيف العبء على صندوق المقاصة. سيارات الدولة جميعها الآن تحولت إلى طاكسي من الحجم الكبير أو الصغير دون الحاجة إلى مأذونية وزارة السيد الرباح ودونما الحاجة إلى دفتر التحملات. إنها سيارة الدولة التي يجتهد مستعملوها في اختيار نوعيتها ويجتهدون في نفس الأثناء بملئها بالوقود الكافي دونما الحاجة إلى التفكير في ارتفاع سعر الوقود ففي نهاية المطاف المواطن سوف يتكلف بأداء الثمن. السيد بن كيران وهو يتحدث عن الفساد وإهدار المال العام ربما أغفل هاته النقطة بالذات والتي هي استفزاز للمواطنين يوميا من قبل مستغلي سيارات الدولة التابعة للمؤسسات العمومية والشبه العمومية بل العدوى انتقلت حتى إلى الموظفين العاملين في قطاعات بعينها كالماء والكهرباء. فهل نحتاج إلى قرار حكومي في هذا الصدد يقوم بتفعيل قرارات سابقة تقضي بمنع استخدام سيارات الدولة خارج أوقات العمل عبر منح الإذن للسلطات المختصة شرطة ودرك بحجز أية سيارة تستعمل خارج التوقيت الإداري أو تلك التي تضبط في حالة تلبس وهي خارج التوقيت الإداري وخارج المدار المخصص لها بالتحرك فيه من الناحية الترابية. وهل نحتاج مع هذا كله حملات إعلامية شبيهة بتلك التي نراها الآن على شاشات الإعلام العمومي حول محاربة الرشوة في المرافق العمومية أم نحتاج أكثر من هذا إلى ضرورة بزوغ جمعيات للمجتمع المدني تحمل اسم* ماتعداش على سيارة بلادي* أم أننا قد نحتاج للتقدم أكثر ومطالبة المجلس العلمي الأعلى عبر وزارة الأوقاف بإصدار فتوى رسمية تقضي بتحريم استعمال سيارة الدولة لأغراض شخصية وإدخالها في باب خيانة الأمانة واكل أموال الناس بالباطل وتخصيص خطب الجمعة للحديث عن هاته الخطيئة . لكن والحال أننا في بلدنا المغرب عهدنا هاته الممارسات اللامسؤولة لا يسعنا إلا أن نقول لمستغلي سيارات الدولة *إذا لم تستحيوا فاصنعوا ماشئتم * في انتظار قرار حكومي جريء يتم تفعيله على أرض الواقع.