بسم الله الرحمن الرحيم هذا المقال لم يكتب على عجل، وليس وليد لحظة وفاة الإمام المجتهد عبد السلام ياسين رحمه الله، وأسئلته تبحث عن إجابات لها من داخل منطق البناء الداخلي لجماعة العدل والإحسان، ويتجاوز التحليلات السطحية التي أثيرت منذ أمد حول سؤال خلافة مرشد العدل والإحسان. خلافته فيم؟ فهو في جماعة العدل والإحسان عارف بالله، عالم بشرع الله، خبير بالواقع السياسي. فهل تبحث العدل والإحسان بعده عن عارف بالله حتى لا تضيع معاني الإحسان؟ أو بعالم بشرع الله حتى تكون تنظيما إسلاميا مبنيا على الأصول الفقهية؟ أو خبير بالواقع السياسي حتى يتقن إدارة سفينتها في منعرجات الواقع السياسي شديدة الخطورة؟ أو جامع لكل ذلك، فكيف السبيل إلى ذلك؟ إن كل اختيار يفرض طريقة اختيار خليفة للمرشد المؤسس، فالعرفانية تفترض ترك الوصية من عارف إلى عارف، والعالِمية تفترض حصر اختيار المرشد في العلماء والفقهاء داخل الجماعة، والتدبير السياسي يفترض اتباع الآليات الديمقراطية المتبعة في الأحزاب الديمقراطية حقيقة. فما يكون جواب العدل والإحسان؟ وما معنى "الصحبة والجماعة" و"الصحبة في الجماعة" الواردين في وصية المودع رحمه الله؟ نسعى من خلال هذا التحليل إلى الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها بما ينسجم مع البنية الفكرية والتصورية للجماعة، ونتائجه لا تلزم إلا صاحبها. بين منطق التربية ومنطق الشورى يلوح التناقض لكل ذي بصيرة بين منطق التربية ومنطق الشورى، والتي تجعل من محاولة التوفيق بين المنطقين مجرد تلفيق لمسارين يبدوان مختلفين في المقدمات والنتائج، وأوضح ما يبدو التناقض أن منطق التربية يعتمد على التعيين والاستخلاف، بينما يقوم منطق التنظيم على الشورى والانتخاب، فما كان جواب العدل والإحسان؟ إن أساس التنظيم الإسلامي يرتكز على التربية، والتربية محلها القلب، وأعز ما يطلب هو الإحسان، لذلك كان العارفون بالله هم بوابة التربية، ومكانهم هو قيادة الركب، "قد يكون هذا العارف قاصرا في مظهر ما من مظاهر الكفاءة، كأن يكون غيره أفصح منه لسانا، أو أصح منه بنية، أو أقدر على المعاناة الطويلة لمسائل الجماعة وجزئيات تنظيمها. لكن العارف الكامل معه رأس الأمر كله كما يعبر الشيخ الرفاعي، معه نور الكشف وروح العلم وتوفيق الله عز وجل. فكيف يستغني حزب الله، يوم يرتفع مستوى فهمهم لدينهم، عن قيادة البصير ليقلدوا أمرهم عُشْواناً أو عُميانا!"1. في منطق التربية، يقلد التنظيم أمره العشوان العميان إن ظن أن صناديق اقتراعه الداخلي هي التي ستفرز أسماء العارفين بالله، بينما اختيار العارفين على رأس قيادة التنظيم تلزمه مجموعة شروط، من أهمها أن يكون قد تحقق للعارف المصحوب "ملازمة نموذج على قيد الحياة يكون متصل السند برسول الله صلى الله عليه وسلم"2، فأهل الفن والذوق مجمعون على أن الصحبة تتحقق بشرطي صحبة رجل حي وإلا عُدَّت صحبة تبركية، وعلى كون العارف قد صحب عارفا بالله حتى تحققت له المعارف القلبية. وبما أن المعارف والمدارك القلبية غير محسوسة، والعارف قد يختفي عن أقرب المقربين إليه تحت قبته البشرية، فكيف يمكنك التعرف عليه إلا أن تكون من العارفين بالله، إذ "ليست الربانية اجتهادا وتحصيلا وشهادات وإجازات، بل هي وهب إلهي وعطاء ومنة. وكيْف تعرف العارفين بالله إن لم تكن واحدا منهم؟"3، وهل يصوت طالب التربية على من يربيه؟ أو ينبغي لأبناء التنظيم أن يسارعوا إلى عارفهم المصحوب إن أحسوا قرب منيته، ليسألوه عن وارث سره، وعن العارف المصحوب الذي يختاره لهم؟ يترتب عن التعيين نتائج سلبية عدة: من أبرزها أن المرشد العام للتنظيم يتخذ مشروعيته من سلفه الذي عينه، وبالتالي فلا أحقية للأتباع في عزله، إلا أن يأتي فعلا يجرمه الشرع تجريما، أو ينفرد بقرارات تنظيمية مصيرية لا يرأب صدعها، ما عدا ذلك، فمنطق التعيين يقول باستمراره دونما تجديد أو عزل أو إقالة. قد يستساغ منطق التعيين في الزاوية لانحسار كل قضاياها في التربية وتطبيب القلوب، فليس هناك غير المريدين والشيخ المربي. يرد الوارد على الزاوية وليس همه سوى الشفاء من أدواء قلبه، فيسلم نفسه إلى طبيبه، ففيم يشاوره وفيم ينازعه؟ وهل رأيت مريضا يبتغي الشفاء يناقش طبيبه في نوعية الدواء، أو يعصي أوامره؟ و"هكذا كانت طريق الخلف والسلف مع أشياخهم، فإن الشيخ هو والد السر في اصطلاحهم، ويجب على الولد عدم العقوق لوالده، وليس للعقوق ضابط يرجع إليه، إنما الأمر عام في سائر الأحوال، وما جعلوه إلا كالميت بين يدي الغاسل"4. نترك أهل الزاوية في مملكتهم، يعينون من شاؤوا كيفما شاؤوا ما داموا اختاروا قبلا الانشغال بخويصة النفس، وهم قاعدون عن مهمات الجهاد متعدد الميادين: مدافعة للباطل، ونقضا لأركان الاستبداد، واستنباتا لمجتمع الممانعة، وجهادا لنصرة شرع الله عز وجل، واجتهادا في كيفية تنزيله، وبحثا عن الإقلاع الاقتصادي، وسعيا لتوطين التكنولوجيا، وإدارة للحروب الإعلامية، ومصانعة للواقع الدولي، وفتلا لأواصر الوحدة بين ديار المسلمين... وهي مهمات تبتغي لم الجهود في تنظيم يجمع إلى التربية مقاصد العلم والجهاد كما فعل الإمام حسن البنا، أو التحول من التربية الفردية إلى السلوك الجهادي الجماعي كما نظَّر لذلك الإمام عبد السلام ياسين رحمها الله برحمته. كيف يستقيم عندها للتنظيم الإسلامي الانتصار لمنطق التعيين والاستخلاف وقد جعل شعاره السياسي ابتداء دفع بلاء الاستبداد عن الأمة؟ وهل منطق الاستبداد إلا وصاية المستبد على إرادة الأمة! وهل تقترح جماعة العدل والإحسان على الشعب الخروج من تحت جلباب المستبد ليدخل تحت عباءة استبداد العارف بالله! ما يقابل منطق التربية هو منطق الشورى الذي يقوم أساسا على اكتساب القيادة مشروعيتها من القواعد التنظيمية التي تختار بإرادتها عبر الانتخابات الداخلية من تكل إليه أمورها. إذا كان للعارف بالله منتهى العلم بأمور التربية، فإن الأمر لا يسلم له في الأمور الفقهية الشرعية إلا أن يكون من الفقهاء المجتهدين، فرأيه عندها كرأيهم. ثم إن التنظيم الذي فتح نوافذه وأبوابه مشرعة على هموم الأمة، وجعل الإصلاح قدر الاستطاعة من مهامه الرئيسية، لا شك أن أبناءه ينغرسون في النقابات، والجمعيات، والمنظمات الطلابية، والهيئات الحقوقية، والمؤسسات الحكومية... ويَخبُر الكثير منهم دروب السياسة والفعل الاجتماعي حتى يؤول إليهم الرأي في هذه الميادين، فلا تغني عندها معرفة العارف، ولا فقه الفقيه عن سماع رأي الخبير، بل جعله القائد في ميدانه، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجعل على قيادة الجيش المفضول وفيه من هو أفضل منه تربية وعرفانا لزيادة في الخبرة والتجربة، فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عَمرا بن العاص أميرا على جيش موقعة "ذات السلاسل" وفيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، والشواهد على ذلك من السيرة النبوية العطرة جمة. إن أمر الله عز وجل في المؤمنين ماض إلى يوم القيامة أن يكون أمرهم شورى بينهم، قال تعالى: "وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" الشورى: ?? . فلا ينبغي أن يكون البديل عن عض الحكام على السلطة عضا من نوع آخر. هذا وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم شاهدة على أنه توفي دون أن يعين خليفة للمسلمين من بعده، حتى لا يَنسُبَ الاستبدادُ بدعتَه في التعيين إلى سنته صلى الله عليه وسلم. وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم أساس الخلافة قائما على الشورى، قال عليه الصلاة والسلام: "لو كنت مستخلفا أحدا دون مشورة لاستخلفت عليهم ابن أم عبد"5، وهل يقبل التنظيم الإسلامي عن منهاجه صلى الله عليه وسلم بدلا؟ درس التاريخ يقول إن الاستبداد فتت الأمة وهدم مقومات هويتها، فلا ينبغي معاودة التأصيل للقيادة الفردية مجددا وتبريرها ولو كان المدخل هو التربية العلية، تذهب التربية ويظل الاستبداد غارسا أنيابه في أبناء الأمة. إن الشورى أمر إلهي وفعل نبوي، وفضائلها أكثر من أن تحصى. ومن أراد التفاصيل يرجع إلى مثل الكتاب القيم "الشورى في معركة البناء" لعالمنا المقاصدي الدكتور أحمد الريسوني. "الصحبة والجماعة" و"الصحبة في الجماعة" - ألا تفتح الشورى بابا ليصبح على رأس التنظيم من حظه من الله عز وجل لا يصل مستوى إمامة متقين؟ - ألا تُسقط الشورى نظرية التربية العلية نهائيا بإسقاط ركيزتها الأساسية وهي الصحبة؟ - ألا تجعل الشورى في سدة التدبير من ترى كفاءته الميدانية بينما ينزوي العارف بالله في ركن قصي من التنظيم مادامت علومه القلبية غير محسوسة؟ - أَوَ ليس هناك من مَخرج من هذا الفج التاريخي الضيق يحفظ شورى التنظيم دونما تفريط في معاني الصحبة؟ يتداخل في التنظيم الإسلامي علم الإحسان مع فقه الأحكام ثم الخبرة بالواقع، فلا معنى للتربية دون طلب أعلى ذراها وهو الإحسان، ولا معنى للمطالبة بحاكمية الكتاب دون توفر التنظيم على العلماء المجتهدين في صفوفه، ولا معنى للجهاد الحركي والسعي إلى إمامة الأمة دون الانغراس في فئات الشعب والدفاع عن قضاياه. إن الجمع بين هذه الفئات الثلاث هو ما ينبغي أن يحرص التنظيم الإسلامي على توفره في صفوفه بله قيادته، وهو ما نجد سنده في رسالة التعاليم للإمام الشهيد حسن البنا: "وللقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا"6. اجتمعت في مرشد "الإخوان المسلمين" هذه المعاني، وسعى سعيه بتوفيق من الله الرحمن الرحيم لمزجها في التنظيم الذي أشرف على تأسيسه، فوجب الانتباه أن التنظيم الإسلامي المتهمم بقضايا الأمة؛ والذي يؤسس من قبل العارفين بالله يجمع بين ثلاثية العلم الإحساني، والفقه الشرعي، والخبرة الحركية. ولا يعيش التنظيم في حياة المؤسس أزمة التناقض بين منطقي التربية والشورى، بين نسقي الصحبة والجماعة، لكنها أزمة سرعان ما تطل برأسها بعد وفاة المرشد المؤسس، إلا أن تكون المعضلة قد حلت بإجماع القيادة في حياته، وهو أمر ما تحقق في تنظيم الإخوان بعد أن طالت يد العدوان على حين غرة الإمام البنا فأردته شهيدا، وعاش التنظيم مرحلة عصيبة من بعده، وكاد النزاع حول خلافة الإمام يعصف بالبناء الإخواني. في تجربة جماعة العدل والإحسان يختلف الوضع، فقد مد الله في عمر الإمام المجتهد عبد السلام ياسين حتى استقرت مؤسسات التنظيم، وألف قلوب أبناء التنظيم بإذن الله تعالى وألف عشرات الكتب حتى استكمل بناءه النظري، وما غاب هذا الإشكال عن خلد المرشد العام ولا مجلس الإرشاد ولا بقية الأعضاء، وكان اجتهاد الجماعة فيه اتباع النموذج النبوي السَّني العلي، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك من الصحب الكرام العارفين رجالا كثرا، وكان الأعرف والأعلم بمن يصلح للأمة من بعده، ومع ذلك صمت وترك أمر تدبير أمور الأمة للأمة تعليما لها. نعم، قد يعتري أهل السابقة والغناء في التنظيم الإسلامي الخوف على التجربة السلوكية الجهادية الجماعية التي بنوها بالدعاء، والدماء، والسجون، والصبر على اللأواء، أن ينحرف مسارها إذا ما وَسَّدت الشورى الأمر إلى غير أهله، وهو تخوف مشروع لكنه لا يبرر منطق التعيين والوصاية على التنظيم ولو من قبل الرجال الرجال. وهذه هواجس نجد شبها لها حتى عند النبي المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد تخوف على مستقبل الدعوة وهو على فراش الموت حتى فكر أن يعين أبا بكر خليفة على الناس من بعده. فعن "عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعي لي أباك أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر"7، وأهل السنة مجمعون أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك كتابا يوصي فيه لأحد، وإنما تعبر هذه المقالة عن عظيم خشيته صلى الله عليه وسلم على أمته من بعده، حتى بدا أن التعيين هو الحل الأمثل. لكن الله عز وجل عصم نبيه عليه السلام من مثل هذا القرار ليظل الخطاب القرآني: "وأمرهم شورى بينهم" الشعار العام للمؤمنين، ينتصرون له انتصارا مضاعفا بعد أن خبروا عن كثب النتائج الكارثية للاستبداد على الدين والأمة. لقد كانت التربية النبوية لصحابته الكرام تربية متكاملة جامعة، وما خص هذا بالتربية وذاك بالفقه وآخر بالعلم، وإن كان هذا لا يمنع اشتهار أحدهم واختصاصه بصفة من الصفات دون انتفاء الباقي عنه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أصحابه: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا؛ وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"8، ويقاس على ذلك أن العارف المؤسس للتنظيم يكون قد ترك من خلفه عارفين ومجاهدين، يجمعهم الحب في الله عز وجل وطلب نصرة دينه، وتمييز هذا عن ذاك إنما هو إرث رسب في قاع وعينا بفعل ما توارثناه من تاريخنا، ومنطق التعيين التربوي إرثُ صوفيةٍ قعَّدوا له بعد أن قعَدوا عن مهمات الجهاد، والاستمرار على هذا المنوال هو استمرار لحضور منطق الزاوية في التنظيم الجامع لمهمات السلوك والعلم والجهاد. أسس الإمام المجتهد عبد السلام ياسين رحمه الله تنظيما أحيا المعاني النبوية الشاملة الكاملة، واستكمالا للخط النبوي الرسالي ترك أمر استخلاف من بعده شورى في المؤمنين كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ويترك الوصية من بعده وصية النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه: "لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ"9، فيُحفظ خير الصحبة والإيمان في التنظيم بالحفاظ على وحدته، والتي تعد رأس الأمر كله، فإن ضيعت فلا محالة يُنقض الخير الجامع الذي فتله العارف المرشد المؤسس إلى أنكاث، ويصبح البناء الواعد أثرا بعد عين. على عاتق أهل السابقة والغناء في التنظيم يقع دوما عبء الحفاظ على هذا المقصد، لتستمر الصحبة والجماعة، الصحبة في جماعة. يحفظ أبناء التنظيم المؤسَّس من قبل العالم المجاهد العارف بالله وبَناتُه ما ورثوه من خير عنه بالحفاظ على وحدة التنظيم. وتحفظ بُنيات أفكار المرشد المؤسِّس المبثوثة في كتبه التصور الفكري من الزلل، تُذكر كل راغب عن العلوم الشرعية إلى زوايا الدروشة؛ أو كل راغب في العمل السياسي دون إحكام مقدمات التربية؛ أن المطلوب فقه جامع: علم إحسان، وفقه أحكام، وخبرة واقع. وتحفظ المحبة التي هي قاعدة الشورى التنظيم من التنافر والتحاسد والتباغض والتناجش، وتخلع عليه أردية التوادد والتراحم والتغافر والتصافي. ويكون من أهم ما يتناصح عليه حفظ الوظيفة والأوراد التربوية، وقد اجتهد الإمام المجتهد ياسين أن تكون أوراده مسنونة غير مبتدعة، فهي أوراد لا يطولها التقادم؛ بل هي منبع التجديد، فإن ضُيعت خَلق وبَلِيَ، فإن تطاول الأمد تشاكى من ذاقوا حلاوة الإيمان قَبْلا من الأزمة الروحية. وتبنى الشورى بعد ذلك على كل ما ذكر، ويختار مجلس شورى الجماعة بمختلف مكوناته في أول جمع المرشد العام لجماعة العدل والإحسان، وبعد انتهاء ولايته يجتمع نفس المجلس لتجديد ولايته أو انتخاب بدل عنه كما هو مقرر في القانون الداخلي المنظم لمجلس الإرشاد بالجماعة، والذي صادق عليه مجلس الشورى، ويعد المرجع في هذا الباب لا ما كتبه سابقا الإمام المجتهد عبد السلام ياسين رحمه الله في الموضوع في "المنهاج النبوي: تربية وتنظيما وزحفا". [email protected] ***** 1 عبد السلام ياسين: الإحسان 1/250 2 طه عبد الرحمن: "العمل الديني وتجديد العقل" ص 233 3 عبد السلام ياسين: الإحسان 1/92 4 عبد الوهاب الشعراني: الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية 2/17 5 أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، باب ذكر مناقب عبد الله بن مسعود، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود 6 حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام الشهيد. ص 276 7 صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر 8 مسند الإمام أحمد. مسند العشرة المبشرين بالجنة. باقي مسند المكثرين من الصحابة. مسند أنس بن مالك. إسناده متصل ورجاله ثقات. 9 صحيح البخاري. كتاب العلم. باب الإنصات للعلماء