المشهد التالي ، حدث أمام حمام عمومي : سيدة يبدو من خلال مظهرها الخارجي أنها تنتمي إلى الطبقة المتوسطة ، توقف سيارتها أمام الحمام وتنتظر أن يخرج زوجها . لباس السيدة وتسريحة شعرها توحي بأنها امرأة منفتحة ، مثل كثير من المغربيات . الذي سيحدث بعد خروج الزوج من الحمام يوحي بأن المجتمع المغربي ورغم كل هذا الانفتاح المزيف الذي نراه يعيش كثير من أفراده بعقلية تعود إلى القرون الوسطى ، وليس إلى القرن الواحد والعشرين ! عندما خرج الزوج نزلت السيدة من السيارة كي تفسح له المجال للقيادة . يا له من منظر متخلف ! "" علاش زعما هاد السيدة خلات الفولون لراجلها ؟ هذا هو السؤال الذي قفز إلى ذهني عندما انطلقت السيارة بقيادة الزوج . قلت مع نفسي : لماذا تقود هذه السيدة سيارتها عندما تكون لوحدها ، وعندما تكون برفقة زوجها تترك له زمام القيادة ؟ ياك بجوج بيهوم كايسوكو بنفس البيرمي . واش فيها كاع يلا هاد الراجل خلا مراتو تصوك الطوموبيل وهو كالس حداها . الجواب بكل بساطة هو أن الرجل المغربي يمكن أن يتنازل عن كل شيء وأي شيء ما عدا ... رجولته المقدسة ! عندما يخرج زوجان يتوفر كل واحد منهما على رخصة السياقة من بيتهما ، ويتجهان نحو السيارة ، يتوجه الرجل نحو الباب الأيسر حيث يوجد المقود ، بينما تتوجه الزوجة نحو الباب الأيمن بشكل أوتوماتيكي . بحال يلا مريكلين على هاد القاعدة ! السؤال مرة أخرى هو علاش ؟ حيت الأعراف اللي تربينا عليها علمتنا أن الراجل كايبقا ديما راجل ، والمرا كاتبقا ديما مرا ، واخا يكونو تخرجو من جامعة هارفارد أو أوكسفورد ! ففي المغرب عندما يرى الناس رجلا تقود به زوجته السيارة يذهب تفكيرهم بشكل أوتوماتيكي إلى أن تلك المرأة دايرة راجلها تحت الصباط ! وأصعب شيء عند المغاربة والعرب أجمعين هو أن يكون الرجل تحت صباط مراتو ! لذلك يحرص الذكور عندنا على إظهار "رجولتهم" بكل الوسائل الممكنة ، ويتجنبون الوقوع في مثل هذه المواقف التي قد تجعلهم يفقدون رجولتهم في رمشة عين ، وهي أعز ما يملكون ! في المنزل مثلا ، عندما يجلس أفراد الأسرة أمام التلفزيون ، يكون جهاز التيليكوماند دوما في يد الرجل ، حيت الراجل كايبقا ديما راجل ! وحتى عندما لا يكون رب الأسرة حاضرا ، يتولى الذكور من الأبناء هذه المهمة أحسن تمثيل ، المهم أن يكون الجنس الخشن هو الذي يتحكم في الأمور . وعندما يذهب زوجان للتسوق يكون الرجل هو من يحمل محفظة النقود ، حيت هو سيدي ومولاي ، بينما الزوجة تتولى مهمة حمل القفة ، لأنها امرأة ، والأعراف التي تربينا عليها رسخت في أذهاننا أن المرأة مهما بلغ شأنها تظل مهمتها الأولى والأخيرة هي السهر على خدمة الرجل ، سواء في النهار أو في نصاصات الليل! وفي إحدى الوصلات الاشهارية التي كانت تبثها القناة الأولى والثانية ، لفائدة أحد الأبناك نرى الزوجة تمسك ذراع زوجها أمام صندوق الأداء في محل تجاري ، محفظة النقود بطبيعة الحال كانت بيد الزوج ، ياك كلنا ليكم راه الراجل كايبقا ديما راجل واخا فالوصلات الاشهارية ! مع الأسف ما زلنا نفهم كثيرا من الأمور بشكل مقلوب ، ونتشبث بأعراف بالية تجعلنا نظهر مثل أناس متحضرين ، وفي دواخل رؤوسنا تختبئ عقليات متخلفة مليئة عن آخرها بأفكار تعود إلى عصر الجاهلية الأولى ! أن تكون رجلا ليس معناه أن تبسط سيطرتك المطلقة على زوجتك مثل دكتاتور جبار ، فالرجل في نهاية المطاف ليس سوى نصف إنسان ، والنصف الثاني هو المرأة ، ولكن كاينين بزاف ديال الناس الله يهديهم لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة ، لأن طعمها بالنسبة إليهم أكثر مرارة من طعم الحنظل ! إيوا راه ما فيها باس الواحد يلا عندو مرا مدوزة البيرمي يخلليها تصوك بيه الطوموبيل وهو كالس حداها ، ولا يكلس كاع فالكوسان ديال اللور إذا اقتضت الضرورة ! وما فيها باس يلا كانو فالسوق يخلليها تخلص وهو هاز القفة ! وليس عيبا أن يغير الواحد حفاظات أطفاله الصغار ويدخل إلى المطبخ بين فينة وأخرى ، ليس من أجل الأكل ، بل لتقشير الخضر وغسل الأواني ! ولتذهب الرجولة إلى الجحيم ! [email protected]