بحكم عملي، ازعم انني متابع الى حد "الادمان" لابرز المحطات الاخبارية العربية خصوصا وبعض القنوات الاجنبية يوميا وفي كل ساعة خارج فترة النوم..وقد اثارتني تغطية بعض هذه القنوات البترودولارية للاحداث الاخيرة في مصر وما تعرفه الساحة هناك من استقطاب حاد بين الاسلاميين ومن معهم في الشارع من جهة ومجموعة احزاب اغلبها ميكروسكوبي ومن معها من الشارع ومن فلول النظام المخلوع من جهة ثانية.. للاسف ، هذه القنوات كلها ترفع شعارات براقة مثل:"الموضوعية" و"الجرأة" و"الحياد" و"ان تعرف اكثر" ..هذه القنوات انكشف زيف ادعاءاتها منذ انطلاقها، لكنها صارت مسخا امريكيا خلال ما سمي بالربيع العربي ... البترودولار في خدمة الشيطان الاكبر: ليس خفيا ان بعض شيوخ وامراء الخليج وظفوا البترودولار بشكل سخي جدا في مجال الاعلام ولا سيما القنوات التلفزيونية ...في بداية التسعينات من القرن الماضي اطلق السعودي وليد الابراهيم قناة ام بي سي ، وهي اول قناة فضائية غير رسمية تحمل فكرا يناقض قناعات الجمهور الذي تخاطبه ..وهي اول قناة نشرت وتنشر القيم الامريكية بكل اخلاص ..ثم توسعت هذه المجموعة في اطار باقة من القنوات ضمت ام بي سي 1 و2 و3و4 بالاضافة الى قناتي العربية والعربية الحدث.. وكلها توظف لخدمة المشروع الامريكي والاسرائيلي في المنطقة العربية ..بل ان الامريكيين يصفونها ب"المجموعة الامريكية الذكية" لانها بكل بساطة عربية التمويل وعربية اللسان وعربية الجغرافيا وعربية الوجوه ..لكنها "عبرية" المضمون، تستميت بكل جرأة في مساندة التوجهات الامركية قلبا وقالبا وبصورة ممنهجة ،خفية حينا وفاضحة في اغلب الاحيان.. دفاعها عن الكنز الاستراتيجي ل"اسرائيل": عند اشتعال الثورة في مصر ضد نظام حسني مبارك..كانت قناة العربية منحازة للنظام البائد وذلك من خلال استضافة ابواقه في استوديوهاتها والنفخ في من يقف داعما له وتقزيم المسيرات والمظاهرات الثورية..كان هذا فاضحا في الايام الاولى ..ثم لما تاكد الجميع ان النظام ساقط لا محالة بدات هذه القناة تعدل من لهجتها دون ان تتخلى عن مبارك حتى انها نالت كلمة حصرية منه لما عزل من منصبه بايام.. ومنذ سقوط الطاغية في مصر والقناة لا تكتفي بالتغطية المغرضة لمسار الثورة، بل تصنع احداثا وتضخمها للتشكيك في من وصل الى السلطة عبر صناديق الاقتراع..فاغلب ضيوفها ،في الشان المصري، من ابواق مبارك او من الليبراليين او اليساريين الذين لا رصيد لهم في الشارع انما همهم في هذه الحياة هو معاداة كل ما له علاقة بمصر المسلمة.. رفع منسوب التضليل : قناة العربية التي منحتها مجرمة الحرب الاسرائيلية تسيبي ليفني شهادة حسن السلوك خلال الحرب على قطاع غزة في 2008-2009 استنفرت كل مراسليها وامكاناتها لنقل مظاهرة المعارضين للرئيس محمد مرسي ومعهم فلول النظام السابق في ميدان التحرير والتي لم تكن حاشدة بما يكفي..لكن نفس القناة لم تهتم بالمظاهرة المؤيدة لقرارات الرئيس والتي وصفتها وسائل اعلام غربية انها الاكبر في تاريخ مصر الحديث..واكتفت ببعض اللقطات المحتشمة ..بل انه اثناء بلوغ هذه المظاهرة اوجها ، و لتشكيل الانطباع المضلل، تطلب الأمر من هذه القناة استضافة اصوات معارضة بينما على النصف الايسر من الشاشة ظلت تعرض تكرارا مشاهد لبعض الخيم المنصوبة في ميدان التحرير وصور اخرى قديمة لمحتجين يشتبكون مع الشرطة ، في ايحاء الى ان مرسي اشعل مصر بالنار !!!؟ يا لها من موضوعية ونزاهة صحفية !! انها لعمري قمة شعار "ان تعرف اكثر"!! الاكثر وقاحة من ذلك ان هذه القناة ،لما غاضها ومن يقف خلفها مشاهد المليونية المؤيدة ، بدات تصنع احداثا لا قيمة لها على ارض الواقع المصري ..مثل عرض فيديو بالهاتف لاحد خطباء الجمعة يتحدث فيها عن مرسي او عرض فيديو اخر لاحد المتظاهرين امام المحكمة الدستورية وهو يحتج على قاضية معروفة بولاءاتها المشبوهة..او التركيز على تصريحات بعض القضاة المعترضين على الاعلان الدستوري وكانهم يمثلون القضاة كلهم..ومثل هذا كثير..الغرض منه خلق بلبلة في الدول التي شهدت تغييرات مهمة ..والتحريض المباشر وغير المباشر لزعزعة الاستقرار خوفا من انتقال العدوى الى انظمة اخرى نعرفها جميعا.. هذه حقيقة قناة العربية وموقفها من الاحداث في مصر ..وهو نفس التوجه مع كل الاحداث التي عرفتها دول الربيع العربي..سواء في تونس او ليبيا او اليمن..باستثناء الثورة في سوريا ، فموقفها يتسق مع الموقف السعودي الرسمي لاعتبارات ليس هنا المجال للحديث عنها.. قناة العربية، ومعها جوقة من القنوات الاخرى هي في الواقع تقدم خدمات عظيمة للمشروع الصهيوامريكي عجزت حتى القنوات الامريكية الموجهة للعرب مثل اذاعة سوا وقناة الحرة ان تنجزه !!؟ ولانها تحمل اسم"العربية" المستهان.. اقول لها.. كم يضحكني العمي حين يقاضون الألوان!! *صحفي مغربي مقيم في المهجر