لا أعرف كيف أبدأ فيما يخص ما يقع اليوم في لبنان من حرب نتنة بين المعارضة والموالاة التي لا تستحق إلا أن توصف بأنها حرب وسخة ولا يمكن البتة الاعتراف بشرعيتها . وما يفترض في هذه الأطراف المتصارعة والمتحاربة اليوم سوى أن ترجع إلى تحكيم العقل والرزانة على التسرع والدخول في طريق يؤدي بها إلى هلاك البلاد والعباد . فهل بقي اليوم من يمكنه أن يسمع هذا الخطاب المنذر بالكارثة أم هناك مجرد أطراف لا تبحث إلا عن تحقيق أهدافها التي ستكون على أنقاض العديد من الأبرياء ؟ . "" لقد أبانت الموالاة عن جهل بالنتائج عندما صعدت الأمر في البداية ودفعت حكومتها إلى إقرار عدم قانونية شبكة حزب الله التواصلية التي يستعين بها في حربه ضد الصهاينة ، وأخطأت عندما صعدت من تصريحاتها واتهمت المعارضة وحزب الله على الخصوص بأنه يقود البلاد إلى فتنة وحرب أهلية بينما كنا نسمع ومازلنا نسمع أن المعارضة وحزب الله لن تذهب إلى هذه الحرب القذرة ، وأخطأت الموالاة أيضا في تعاطيها مع مبادرات المعارضة من قبل باللامبالاة وعدم الاهتمام منشغلة عنها بكيفية الضغط على هذه المعارضة بقبول بالأمر الواقع الذي يخدم أطرافا خارجية معروفة بطموحها في الاستيلاء على المنطقة وتمرير سياساتها وقراراتها بحرية دون تواجد أي ممانعة أو معارضة تذكر . وهذه الأخطاء التي يدفع لبنان فيها الثمن بأكمله والشعب اللبناني الذي لا ناقة ولا جمل له في هذه الصراعات السياسية قد تجلب الكثير من المشاكل الخطيرة التي لا يستطيع أي طرف أن يوقف سيولتها ، فهل تعتبر الحكومة من كل هذا وتتراجع عن قراراتها وسياساتها الخطيرة التي تنسف السلم الاجتماعي ؟ . لن تجد الحكومة التي لا يمكننا أن نعتبرها شرعية مطلقا بحكم أنها لا تمثل الشعب اللبناني كله ، وليس من منطلق أننا ندعم طرفا على آخر ، من يساندها في سياساتها وقراراتها غير الوطنية والتي تذهب مع مصالح الأمريكان والصهاينة في المنطقة . ولن ندعي هنا أن الحكومة المتحدث عنها هي حكومة عميلة بل ما تقرره وتفعله يذهب مباشرة في مصلحة الصهيونية والإمبريالية ، ولذلك وجب عليها أن تختار منطق التعقل لكي تعيد المياه إلى مجاريها . فليس من الحكمة أن تقود هذه الحكومة والموالاة معها بحكم أنها تمثلها ، البلاد إلى الهلاك والشعب اللبناني إلى الخطر بمجرد أن الأمريكان والصهاينة يريدون ذلك . ولو تحدثنا عن التواجد العربي المتمثل في باقي البلدان العربية التي لها علاقة بالملف اللبناني فإننا نراها تتخبط خبط عشواء في هذه القضية بحكم أنها لا تستطيع التدخل في الأمر إلا إن راجعت أمريكا في القضية ، وبالتالي فكل الدعوات التي تطالب الدول العربية للتدخل في الملف لا يدركون أنها لا تستطيع أن تقرر أي شيء بدون الرجوع إلى الإدراة الأمريكية التي لا تريد الخير للبنان وللمنطقة كلها هدفا في تحقيق السلام والأمن لإسرائيل . إن كل المبادرات العربية والتي جاءت إما من مصر أو السعودية أو غيرها من البلدان العربية المعتدلة جدا حسب المنظور الأمريكي والإسرائيلي لم ترق إلى المكانة التي يمكن لكل الأطراف المتصارعة في لبنان أن تقبلها أو تحقق لها القدر الأدنى من الحقوق ، وبالتالي فلم تكن هذه المبادرات إلا ذرا للرماد في العيون من أجل أن يقول الرأي العام العربي على أن البلدان العربية تحاول جاهدة التدخل في القضية وحل هذا الملف الشائك . ومن هنا فلا داعي لأن يخسر الطرف الثالث في العالم العربي وقته من أجل أن يستحضر النظام العربي في الملف . إن لبنان يقاد إلى الهاوية على أيدي أطراف لا تؤمن بالوطنية اللبنانية بل تؤمن فقط بالنفوذ والمال والسلطة ، وهذه الأطراف وضحت بالملموس أكثر من مرة أنها غير مستعدة للتنازل عن مصالحها وعن ما حققته من سلطة ونفوذ . وهنا يتوضح أننا أمام أشخاص قد أصبحوا خدما وعبيدا للإمبريالية والرأسمالية المتوحشة من حيث يدرون أو لا يدرون . وإن لم يتراجعوا عن أفكارهم هذه وعن ما يفعلونه في حق شعبهم ووطنهم فإنهم سيذهبون إلى الهاوية ويجرون معهم البلد بأكمله . فالفتنة نائمة لعن الله من يوقظها . كان خطاب السيد حسن نصر الله واضحا والذي طالب فيه من الموالاة أن يتراجعوا عن قراراتهم وعن سياساتهم غير الوطنية والتي لا نتوسم فيها الخير أبدا ما دامت تتقاطع مع أهداف الأمريكان والصهاينة ، ولكن هذه الموالاة ردت بالنار وردت بالشروط المجحفة والتعجيزية ، ثم غطوها برتوشات شفافة تدعي الوطنية والخوف على البلد وعلى الوطن . نحن نعرف أن هناك البعض من الموالاة يريدون جر البلاد إلى الهلاك وإلى الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر ولذلك فلا يمكننا أن نبارك خطواتهم أبدا خوفا من أن يتمادوا أكثر . عزيز العرباوي-كاتب وشاعر من المغرب [email protected]