لخص الدكتور عبد العالي مجدوب، الباحث المتخصص في الشأن الإسلامي بالمغرب، انطباعاته بعد قراءة رسالة عبد الله الشباني، القيادي في جماعة العدل والإحسان وصهر زعيمها الشيخ عبد السلام ياسين، التي وجهها إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وانفردت هسبريس بنشرها أمس الجمعة، في ستة انطباعات تلقائية. وكان الشباني قد خص الموقع برسالة مفتوحة مطولة وجهها إلى بنكيران وإخوانه في العدالة والتنمية، نبهه فيها إلى "مهالك" العمل تحت إمرة "المخزن"، وطالبه بالتوبة إلى الله عبر تقديم استقالته، وحثه على أن يقترح على الملك تحويل قصوره إلى معاهد ومدارس، وبأن تُحول أرباح شركاته إلى الفقراء. وقال مجدوب، في تصريحات خص بها هسبريس، بأن الانطباع الأول يتجلى في كون الرسالةُ، من حيث الشكل، هي "تقليد باهت ورديء لرسائل مرشد الجماعة، وهو ما سيجعلها، بعد حين، معرضة للإهمال والنسيان وعدم الاكتراث". أما الانطباع الثاني للقيادي السابق في جماعة العدل والإحسان فهو أن الرسالة في مضمونها لم تقل شيئا جديدا وجديرا بالاهتمام، بل هي في معظمها بالعبارة الصريحة أو المُلمِّحَة لا تخرج عن دائرة الطعن والتجريح والنقد الساخر لاختيار السيد بنكيران ومن معه في حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح. واستطرد مجدوب، في ما يخص ملاحظته الثالثة، بأن الرسالة تعبير عن تضخم أنا جماعة العدل والإحسان؛ فالجماعةُ هي البداية الصحيحة، والموقف السليم، والاجتهاد الصائب، والسير الثابت، والحجة البالغة، يقابلها السيد بنكيران وحزبه وحركته، الذين يمثلون المخزن، والبداية المنحرفة، والسير المضطرب، والفشلَ والجبنَ والخنوعَ والتردد وغيرها من المعاني والصفات القادحة الجارحة التي لا يصعب على قارئ الرسالة استنباطُها من العبارات الصريحة في الرسالة، أو من وراء السطور"، وفق تعبير مجدوب. تخبط واضطراب ولفت المحلل، متطرقا إلى انطباعه الرابع، إلى أن كاتب الرسالة هو عضو في الأمانة العامة للدائرة السياسية، التي تمثل هيئة قيادية مسؤولة من هيئات الجماعة، والتي تتخذ موقفا سياسيا رسميا متزنا تجاه اختيار حزب السيد بنكيران وتجاه اجتهاد حركة التوحيد والإصلاح التي تقف وراءه. وتساءل مجدوب قائلا "ما معنى أن تصرح الجماعة رسميا، على لسان قيادييها وفي بياناتها، بأنها تحترم اختيار "الإخوان" في حركة التوحيد والإصلاح وفي حزب العدالة والتنمية، ثم تسمح لقيادي منها أن يكتب مثل هذه الرسالة في انتقاد رئيس الحكومة والتشهير بتاريخه السياسي، والتشكيك في أهداف حركته، وزاد مجدوب بأن "هذا ليس من الأخلاق السياسية في شيء، بل هو التخبط والاضطراب والضرب في التيه". واسترسل المتحدث، في ملاحظته الخامسة، بأن أسلوب الرسائل المفتوحة في التواصل مع المسؤولين السياسيين، وفي التعبير عن مواقف معارضة، أسلوب متقادم لم يعد صالحا ولا مؤثرا في ظل أوضاع سياسية جديدة، وخاصة بعد هزات الربيع العربي الهائلة. ويرى مجدوب بأن الجماعة، بعد أن حسمت موقفَها من حكومة السيد بنكيران حتى قبل أن تبدأ عملَها، لم تترك لنفسها فرصة للمناورة والمراجعة السياسية، فأحست بنوع من الاختناق السياسي، فأرادت أن تفتح ثقبا للتهوية، فكانت هذه الرسالةُ وما يشبهها من المواقف والأحداث والمناوشات التي وجدت فيها الجماعةُ فرصة للتعبير عن حضور الذات، ومحاولةِ الخروجِ من الهامش السياسي بعد أن سيطر المخزن وأتباعه، وفي مقدمتهم حزب العدالة والتنمية، على مركز الأحداث"، بحسب تعبير القيادي السابق في "الجماعة". وأفاد مجدوب، في ما يخص سادس انطباعاته بعد قراءة رسالة الشباني إلى بنكيران، بأن العمل السياسي الجاد لا يكون بالرسائل المتحاملة الحاقدة "العدمية"، التي تتزيّى بزي النصيحة، وإنما بالانخراط المسؤول في المعمعة، والتشمير عن سواعد العمل وسط المخاضة السياسية الحقيقية، لا ما يتوهمه الحالمون، الجالسون على شاطئ الهناءة والاستقالة، ينظرون إلى أنفسهم على أنهم الخبراء والأساتذة والقادة، يعلقون وينتقدون ويقوّمون، ويعدّلون ويجرّحون، في راحة بال، بعيدين عن أهوال الموج، وعصف الرياح، ومخاطر المحيط الهادر الصّخّاب"، وفق تعبير مجدوب.