حتى لا يُسمع الآذان ،من جديد،في بلاط الشهداء: (خندق الملك) موقع ظل يختزن آخر ما تبقى من سيوف القائد الأموي عبد الرحمن الغافقي؛ FOSSI LE ROI عريس شهداء معركة بلاط الشهداء التي دارت رحاها سنة: 114هج/732م؛ في منطقة "بواتيي" بين المسلمين و حلف كبير من جيوش نصرانية ، بابوية ، ووثنية ؛إضافة الى مرتزقة من القبائل الجرمانية. بعد انتصارات مُدوية ،سريعة،و مكلفة، حققها القائد العربي على رأس أضخم جيش إسلامي،على الإطلاق ؛قوامه خمسون ألفا ،من الأمازيغ والعرب باتت بلاد الغال في متناول المسلمين . عمد شارل مارتل ؛ملك الفرنجة- وقد كان،من شدة دهائه، نأى بنفسه زمنا عن مواجهة الجيوش الأموية في عقر داره-الى انتهاز فرصة تناقص قوة عبد الرحمن الغافقي ؛كنتيجة لكثرة المعارك المتلاحقة التي خاضها. استهدفت خطته – بعد أن حشد قوة كبيرة- الى استدراج الغافقي للخروج من معاقله المنيعة، الى سهل بواتيي،غرب نهر اللوار، لتسهل محاصرته. باختياره لزمن المعركة ومكانها ،تمكن شارل مارتل من محاصرة جيش الغافقي وإلحاق الهزيمة به؛ليتقهقر الى منطلقاته. وقد استشهد في المعارك الرهيبة ؛وقد دامت تسعة أيام خيرة فرسان المسلمين وعلى رأسهم القائد التابعي عبد الرحمن الغافقي. كانت بلاط الشهداء – بواتييه عند الفرنجة- كما يرى بعض المؤرخين،حربا صليبية سابقة لأوانها؛ولا يزال الفرنسيون الى اليوم –حينما يستحضرون هذه المعركة- يتنفسون الصعداء ؛اذ كادت غالة(فرنسا حاليا) أن تصبح مسلمة... اليوم يتذكر اليمين الفرنسي المتطرف – وقد صار مسلمو فرنسا يعدون بالملايين- بواتيي فيهب إليها من خلال جموع من شبابه تطلق على نفسها "جيل الهوية" . هبوا لاحتلال ورش بناء مسجد لم يروا فيه غير استعادة إسلامية لروح "بواتييه" وشهدائها ؛حتى يتواصل الآذان الذي تحدث عنه المؤرخ ابن حبان ؛وقال انه ظل يسمع في موقع بلاط الشهداء لقرون. اثنا عشر قرنا لم تكتم صهيل الخيول الاسلامية: تنادو، الى "بواتييه " عبر التراب الفرنسي - تماما كفرسان العهد القديم – وفي ذهنهم فكرة واحدة لم تقتلها المدنية الحديثة ؛ولا قوانين الجمهورية الفرنسية؛ولا حتى الاتفاقيات الأممية الداعية الى احترام كل الأديان: قتل شهداء بلاط الشهداء للمرة الثانية ؛والوقوف في وجه ما يرونه مدا إسلاميا يهدد بلاد الغال ؛بل أوروبا قاطبة. لم يشبع حقدهم كل ما فعلته جيوشهم بدول "الأطلنتيد" ؛حيث ولغت في الدماء التونسية ،الجزائرية،والمغربية ... يقولون في بيانهم المنشور بموقعهم؛بعد تسجيل كونهم وُفقوا في حمل وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية على تغطية الحدث الجلل الذي صنعوه في بواتييه.(لعلهم لا ينتظرون الآن سوى مباركة البابا). يقولون معددين أهدافهم: *بداية حمل الفرنسيين على استعادة ذكرى "بواتييه" ،والملك "شارل مارتل"؛درءا للنسيان الذي يُستثمر،حاليا، لاستبدال الشعب الفرنسي الأصيل. *البرهنة على سعة انتشار أسلمة البلاد الفرنسية ،من خلال الوقوف على ورش مسجد بواتيي الكبير. * إقامة الدليل على أن "بواتييه" حاضرة بقوة في ذهن المسلمين ؛وكأنها وقعت البارحة؛في الوقت الذي نسيها معظم الفرنسيين. وعليه فان بناء مسجد كبير بهذه المنطقة لا يمكن اعتباره بدون معنى. *فضح تعاون مؤسساتنا الرسمية مع هذه الأسلمة القسرية. * فضح العلاقة الوثيقة التي تربط بين عمدة بواتيي وواليها ومندوبها ،من جهة، وإمام المسجد . * الإعلان على أنه في مواجهة التعاون بين هذه الأطراف ،توجد مقاومة؛وهي مقاومة شبابية. *هذه المقاومة الشبابية تسمى "جيل الهوية". وينتهي البيان بنوع من السخرية من استنكار الوزير الأول الفرنسي "جون مايك أيرولت" لما نعته بالسلوك العنصري ؛إضافة الى موقف الكاتب الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي "هارلم ديزير"؛الداعي الى منع الحركة. وتشكل عبارة" خطابنا من بواتييه بسيط ؛ولن نتراجع عنه أبدا." خاتمة هذا البيان الذي لا يزال يسمع –عبر أكثر من اثني عشر قرنا- صهيل الخيول الأموية وهي تغشى الجنوب الفرنسي. كيف برر الكاتب العنصري "جيواشيم فيليوكاس" هبته المالية ل"جيل الهوية": يقول: *لأن امام مسجد بواتيي عضو في اتحاد علماء المسلمين بفرنسا ؛وهو الاتحاد الذي صرح قادته ،مفتخرين،بأن سندهم هم الإخوان المسلمون ،الذين يناضلون من أجل دولة إسلامية عالمية؛بالحيلة والجهاد. * اذا كان وجود أماكن العبادة الإسلامية يقره القانون الفرنسي ؛فان انتصاب المئذنة عالية يعد استفزازا. * لأن حركة"جيل الهوية" سلمية ولم تعبث بمكان للعبادة لأن الأمر يتعلق باحتلال ورش فقط. * لأنني مع الدعوة الى استفتاء عام يخص الهجرة ،وبناء المساجد الكبرى. *لأن الدول الإسلامية،وبصفة خاصة المغرب والجزائر،تعتمد تشريعات تمنع الأنشطة التبشيرية المسيحية.هاتان الدولتان هما اللتان تسيران مساجد فرنسا من خلال جمعياتهما. *لأن الإخوان المسلمين – وهم ملهمو الاتحاد- يمنعون بناء كنائس في البلاد الإسلامية ؛تطبيقا للتشريع العمري القديم. *لأن نفس الصحفيين والسياسيين الذين رأوا في تدنيس كنيسة المسيح المخالص ،بموسكو،عملا نضاليا ؛من طرف نشطاء؛لم يتوانوا في النطق بفضائع في حق مريم العذراء؛ هم من يهاجمون اليوم حركة "جيل الهوية" ودعوتها الى الاستفتاء.. أسرار مسجد "بواتيي" الكبير وإمامه بوبكر الحاج عمر: يورد موقع الحركة مقالا نشرته الأكسبريس الفرنسية سنة2005؛أقتبس منه: ليُقنع هذا الإمام اتحاد العلماء المسلمين بفرنسا؛ ادعى أنه يعيد قراءة تاريخ "بواتيي" باعتبارها مكانا للعبادة والسلام ؛على أنقاض معركة732م.انها رمز ذو دلالة. وحسب بوشعيب كمالي –رئيس جمعية مغاربة بواتيي- وهو المسلم الوحيد الذي لم يخف فضحه لتهافت الحاج عمر وهو يعمل على استدرار أموال البيترودولار لهذا المشروع الفرعوني ؛فان هذا الإمام تربطه علاقة متميزة بعمدة بواتيي الاشتراكي ،الشديد العلمانية،"جاك سانتروت". تعود هذه العلاقة الى زمالة في الدراسة بالمدرسة الوطنية للميكانيك وتقنيات الفضاء؛حيث يشغل الإمام الآن منصب أستاذ محاضر. إن هذه العلاقة جعلت سانتروت يعتبر زميله هو المحاور الوحيد في ما يخص المسلمين ؛غير ملتفت الى الجمعيات الإسلامية الأخرى؛أكثر تمثيلية وأكثر انفتاحا. هذه مقدمات لها ما بعدها: ما كنت لأفرد للحدث هذا المقال لو كان عاديا ؛مما يتكرر وقوعه بين الملل والنحل ،كلها ،وعبر العالم. ليس عاديا ،على الإطلاق،وهو يختار جغرافية وتاريخا محددين ؛بعد كل التضامن والنصرة التي واجه بها المسلمون شريط"براءة المسلمين". هل ننتصر لمسجد بواتيي الكبير –فقط لأننا مسلمون- رغم ما شكله من تهييج لليمين الفرنسي ؛حتى يمضي قدما صوب موريسكية جديدة تلقي بمسلمي المهجر في البحر؛كما فعلت محاكم التفتيش ذات زمن ايبيري أحمق؟ هل نأخذ انتقادات رئيس جمعية مغاربة بواتيي مأخذ جد ؛بكل ما تعنيه من اتهام تيارات سلفية متشددة بالتهافت على المال الخليجي ،وعلى اذكاء صراع صليبي لا تكافؤ فيه؛تتضرر منه شعوب المغرب العربي في الوقت الذي تتحصن دول الخليج وراء أرصدتها الضخمة؟ في وجود أماكن للعبادة ،يحميها التشريع الفرنسي ،في بواتيي وغيرها،ما هي القيمة المضافة التي تتأتى من خلال مسجد "فرعوني" كما يرى اليمين الفرنسي؟ متى نجيب على أسئلة النصارى: لماذا تمنعون بناء الكنائس ؟ لماذا لا تسمحون لرهباننا بالتبشير المسيحي ؛على غرار ما يفعله علماؤكم وأئمتكم في العالم المسيحي؟ الى متى ستظل ردود أفعالنا تشنجية لا تقيم للمنطق وزنا ؟ هذه أسئلة عنت لي وأنا أحضر للقراء الأعزاء هذه المادة ؛أنتزعها ،انتزاعا،من بين حوافر خيول الغافقي وشارل مارتل وكل الشعارات التي رفعها الشباب ؛بعد اثني عشر قرنا وزيادة. [email protected] http://www.facebook.com/ramdane3