تباينت ردود علماء وفعاليات إسلامية بالمغرب بخصوص الدعوة التي أطلقها أخيرا الشيخ يوسف القرضاوي مِن على منبر أحد مساجد الدوحة عاصمة قطر، حيث طلب من حُجاج بيت الله الحرام هذه السنة أن يدعوا على إيران وحزب الله اللبناني خصوصا بالدمار والهلاك، لما لهما من يد طُولى في ما يجري في سوريا حاليا، إضافة إلى روسيا والصين. وفيما اعتبر البعض أن دعوة القرضاوي قد تثير النعرة الطائفية بين المسلمين، كما أنها جانبت الصواب والحكمة لأن موسم الحج يقتضي توفر الأمن والوحدة بين المسلمين، رأى آخرون بأن دعوة القرضاوي صادقة وجاءت في محلها، وذلك بسبب "عجز المسلمين عن وضع حد للدماء التي تسيل على الأرض السورية، فلم يعد متاحا أمامهم سوى دعاء الله بهلاك كل من يعين نظام الأسد على تقتيل شعبه". من دخله كان آمنا وأعرب الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة وجدة، عن عدم اتفاقه كُليا مع دعوة الشيخ يوسف القرضاوي حجاج بيت الله بالدعاء على إيران وحزب الله الشيعي بالويل والثبور، باعتبار أن ذلك قد يُفضي إلى حالة من عدم الاطمئنان في صوف الحُجاج، مردفا أن الناس قد يتخوفون من أداء هذه الفريضة العظيمة بسبب مثل هذا النوع من الدعوات. وأضاف بنحمزة، في تصريحات هاتفية لهسبريس، بأن من دخل المسجد الحرام كان آمنا مصداقا لقوله سبحانه وتعالى عن البيت الحرام: "ومن دخله كان آمنا"، وفي ذلك إخبار بتكليف المسلمين بأنه من دخل البيت الحرام فأمّنوه، لافتا إلى أن "الناس قبل مجيء الإسلام كانوا يتجنبون الخصومات والنزاعات في الأشهر الحُرم". وشدد العالم المغربي على أن دعوة الشيخ القرضاوي لحجاج بيت الله الحرام بالدعاء بالدمار على إيران وحزب الله لتورطهما في ما يقع في سوريا ليست مفيدة في هذا التوقيت، لكونها ستُثير الطرف الآخر وتحد من فرص الحوار معه، مشيرا إلى أنه "ينبغي أن تكون الدعوة إلى تمكين العقيدة الإسلامية بالحُسنى وبالتي هي أحسن". وخلص بنحمزة إلى أن الحديث مع الشيعة له طُرق وأساليب بدون المساس بأمن الحج، مردفا بأنه ليس من مصلحة المسلمين في شيء أن تُثار مثل هذه الدعوات في موسم الحج الذي يجب أن يكون في منأى عن كل ما يمزق الوحدة الإسلامية أو يعكر أمن واطمئنان الحجاج في البقاع المقدسة. مغالطات القرضاوي وقال الباحث الشيعي عصام احميدان، في تصريحات لهسبريس، إن دعوة الشيخ يوسف القرضاوي للدعاء على إيران وحزب الله والشيعة بالدمار، على خلفية الأزمة السورية، تنبني إما على خلفية دينية أو سياسية. ويشرح احميدان بأنه إذا كانت الخلفية دينية فهي قائمة على مغالطة فكرية، حيث إن العلويين في سورية هم طائفة وليسوا مذهبا إسلاميا، والمسلمون الشيعة سواء كانوا جعفريين أو زيدية في كتب الفقه، وتحديدا باب "الطهارة والنجاسة" يعتبرون الغلاة أنجاسا عينا، ويدخلون من ضمنهم "الغلاة النصيرية"، باستثناء السيد محمد حسين فضل الله الذي يرى طهارة الإنسان كله، ولكنه يرى أن الغلو كفر ونجاسة معنوية". وتابع المحلل: "إذا كانت دعوة القرضاوي مبنية على خلفية سياسية، فإن النظام السوري كما هو معروف يحكم من منطلق إيديولوجي قومي اشتراكي علماني "حزب البعث العربي الاشتراكي"، بعيدا عن إيديولوجية "الإسلام الحركي" الذي يعنون الحركة السياسية في إيران ولدى حزب الله اللبناني". وزاد احميدان بأن إيران وحزب الله يدعمان الحل السياسي للأزمة اللبنانية، ويرفضان إسقاط النظام السوري بقوة السلاح على يد قوى إقليمية ودولية معادية لمحور الممانعة، وبالتالي لا دليل مادي على مشاركة فعلية لإيران وحزب الله عسكريا حتى الآن"، بحسب تعبير احميدان. وأكد الباحث بأن فشل الحل العسكري في سورية وموضوع الطائرة بدون طيار، والتحرك القوي للمسلمين نصرة لرسول الله في قضية الفيلم المسيء، إشارات تدفع أكثر من طرف إقليمي إلى محاولة لعب ورقة الفتنة المذهبية لخلط الأوراق وضرب الوحدة الإسلامية للأمة، مشددا على أن "الحج هو فريضة إسلامية توحيدية للمذاهب، فلا يجب جعلها محور افتراق وأساسا فتنويا طائفيا"، يجزم احميدان. القنوت في المساجد ضد الشيعة وبالمقابل أيد الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، دعوة القرضاوي بدعاء الحجيج إلى بيت الله على إيران وحزب الله الشيعي لما لهما من يد رئيسية في أحداث سوريا، مضيفا أنه لو كان الأمر بيده لنادى المسلمين في المغرب وخارجه إلى القنوت في المساجد يوميا، والدعاء في الجمعة على إيران وحزب الله بالدمار والهلاك. واستطرد الزمزمي، في تصريحات هاتفية لهسبريس، بأن الحكومات العربية والإسلامية وقفت عاجزة وأضحت مكتوفة الأيدي أمام آلة التقتيل اليومية لنظام الأسد في سوريا، وبالتالي صار الدعاء على كل من يساعدهم مثل إيران وحزب الله الشيعي واجبا على كل مسلم. واسترسل المتحدث بأنه بالنسبة لروسيا والصين، اللتان لا تخفيان مساعدتهما لنظام بشار الأسد، هما دولتان لا تؤمنان بالله تعالى، فأمرهما إليه سبحانه، لكن المشكلة تكمن في من يدَّعون حمل راية الإسلام، فتعين على أن يعرف المسلمون حقيقتهم الخطيرة، نظرا لاغترار الكثير من الشباب المغربي بالشيعة وانخداعهم بهم وبمذهبهم. وبخصوص قول بنحمزة وغيره من العلماء بأن دعوة الحجاج إلى الدعاء في الحج على إيران والشيعة يهدد الوحدة الإسلامية، أجاب الزمزمي بالقول: "عن أية وحدة يتحدث هؤلاء العلماء، وأين هذه الوحدة الإسلامية عندما كان الشيعة يمزقونها"، قبل أن يُكمل بأن "الشيعة أناس عدوانيون لا يَهنئون حتى يدخل الجميع إلى مذهبهم، لذلك يتعين محاربة تيارهم الهدام"، يقول الزمزمي.