عندما فاز المنتخب المغربي على الموزمبيق بأربعة أهداف نظيفة، معلنا تأهله الإعجازي إلى كأس أمم إفريقيا 2013، كتبت على تويتر "عادت الأسود لتزأر بقيادة مايسترو وطني اسمه رشيد الطاوسي". فرد علي أحد الزملاء باستغراب "لتزأر أمام الموزمبيق؟ يا له من زئير!!". زميلي هذا مثل سائر المغاربة العاشقين لكرة القدم من الصعب عليه أن يرى الشعب المغربي يهلل لمنتخبه الذي صال وجال في الأدغال الإفريقية ويملك تاريخا كرويا مشرفا وراءه، بسبب فوزه على فريق مغمور لم يكن يسمع له صوت حتى وقت قريب. هذا صحيح، وأتفق نسبيا مع كل من استهجن فرحة المغاربة "المفرطة" بهذا النجاح، لكن يجب أن نقر أيضا أن هذا الفريق المغمور هو نفسه الذي هزم الأسود بهدفين نظيفين هناك في مابوتو. وأشد المتفائلين لم يكن واثقا من قدرة المغرب على تخطي هذه العقبة في مباراة العودة وتعويض خسارته بثلاثة أهداف دون رد على أقل تقدير. وأتحمل كامل مسؤوليتي وأنا أجزم بأنه لو كان غيريتس مستمرا على رأس الجهاز الفني للمنتخب المغربي، لبقيت دار لقمان على حالها ولخرجنا من الباب الضيق للتصفيات الإفريقية. لهذا ففرحة المغاربة مرتبطة بالتأهل الصعب للكان والأهم من ذلك عودة الروح والقتالية وحب الوطن إلى عناصر الفريق، وكل هذه عوامل صنعها المدرب الجديد رشيد الطاوسي. شخصيا، لم أكن لأحزن لو لم ينجح "كوماندو" الطاوسي في ترويض الأفاعي السامة وحجز بطاقة التأهل لجنوب إفريقيا، التي ظلت مستعصية على أسود الأطلس لسنوات طويلة. كنت سأكتفي بتلك المباراة الرائعة والروح الجديدة المفعمة بالندية والحماس والإصرار التي دبت في جسد المنتخب. فالجميع يعلم أن مروض أسود الأطلس تولى المهمة في ظروف صعبة وورث تركة معقدة لا تسمن ولا تغني من جوع من سلفه البلجيكي، بالتالي لم يكن هناك أي سبب منطقي لمحاسبته على مباراة حياة أو موت، لكن المدرب المغربي تفوق على نفسه واستطاع بفضل إصراره، وبمساعدة من الإعلام والجماهير المغربية صنع المستحيل والخروج من عنق الزجاجة، وهذا يجعلنا ننحني احتراما له ولصنيعه. لكن، مهلا. فهذه ليست نهاية الحكاية، وحذاري من السقوط في فخ هذه المباراة، فالتاريخ يذكرنا بمباراة الجزائر العام الماضي على نفس الملعب، حيث فاز المنتخب المغربي على شقيقه الجزائري بأربعة أهداف نظيفة، فدوت الأفراح في جميع ربوع المملكة وذهبنا إلى الغابون ونحن متأكدين بأننا عائدين والكأس معنا، وبقية الحكاية لا أريد أن أستذكرها بصراحة... مهمة الطاوسي بدأت للتو، لديه قرابة ثلاثة أشهر للتحضير الجيد للعرس الإفريقي، الذي سيعد بدوره تحضيرا لتصفيات مونديال البرازيل. وإذا ما سار الإطار الوطني المغربي على هذا النهج الذي يسير عليه دون تدخل جهات عليا أو سفلى، وأهم من ذلك فرض سيطرته على اللاعبين وخلق نوع من الندية بينهم من أجل نيل شرف حمل القميص الوطني، واختيار المعسكرات والمباريات الودية المناسبة، أنا متأكدة من أننا سنرى وجها جديدا للمنتخب عكس ذلك الذي اعتدنا رؤيته في السنوات الأخيرة. بالمناسبة سمعت أن رئيس الاتحاد المغربي علي الفاسي الفهري قد استقال من منصبه، "خير اللهم اجعله خير".