تسير حملة الانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة جيليز النخيل بمراكش للظفر بمقعد واحد كان قد فاز به حزب العدالة والتنمية خلال انتخابات يوم 25 نونبر الماضي، قبل أن يصدر المجلس الدستوري قرارا بإلغائه٬ على إيقاع الاتهامات المتبادلة بين مرشحي الأحزاب المتنافسة وخاصة مرشحي حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة ب"استخدام وسائل غير قانونية لاستمالة الناخبين". ووصلت هذه الاتهامات بين المرشحين البارزين في هذه الاستحقاقات إلى حد وضع مرشح حزب العدالة والتنمية منذ بداية الحملة عدة شكايات لدى النيابة العامة يتهم فيها مرشحة الأصالة والمعاصرة "باستعمال وسائل غير قانونية في الترويج لحملتها الانتخابية"٬ فيما وضعت هذه الأخيرة شكايات تتهمه فيها "بتوزيع منشورات انتخابية خارج الدائرة الانتخابية". ويتنافس في هذه الانتخابات، التي ستجرى يوم رابع أكتوبر الجاري، مرشحون عن خمسة أحزاب وهم أحمد المتصدق عن حزب العدالة والتنمية، وزكية المريني عن حزب الأصالة والمعاصرة، وأحمد العنتري عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، وعباسة القراط عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأمين زايز عن حزب الاصلاح والتنمية. وبعد بداية اتسمت بالفتور ولامبالاة عدد كبير من الناخبين٬ بدأت الحملة الانتخابية التي انطلقت يوم 21 غشت الماضي وتستمر الى غاية ثالث أكتوبر الجاري٬ تحتدم مع اقتراب نهايتها حيث شرع المرشحون في النزول إلى الشارع للالتقاء المباشر مع المواطنين في محاولة لإقناعهم ببرامجهم الانتخابية٬ فضلا عن توزيع المنشورات وعقد تجمعات ومهرجانات خطابية بشكل مكثف. كما دعت عدد من الأحزاب التي تخوض غمار هذه الاستحقاقات قيادييها على المستوى المركزي إلى المجيء إلى المدينة الحمراء من أجل تقديم الدعم والمساندة لمرشحيها من خلال مشاركتهم في المهرجانات الخطابية٬ وكذا الالتقاء بالهياكل التنظيمية على المستوى المحلي لحثها على مؤازرة ومساندة مرشحها. ويرى المراقبون والمتتبعون لهذه الانتخابات أن حزب العدالة والتنمية يسعى جاهدا لاستعادة المقعد الذي فاز به في الانتخابات التشريعية المنصرمة بفارق كبير من الأصوات عن منافسيه٬ و"تبديد التخوفات من التشويش على عمل الحكومة التي يقودها حزب المصباح والتي من شأنها أن تؤثر على صورة الحزب وتموقعه داخل الخريطة السياسية". ومن أجل بلوغ هذا الهدف٬ يحرص مرشح حزب العدالة والتنمية وهو الحزب المعني أكثر بنتائج هذه الانتخابات، على رفع نفس الشعارات التي قاد بها حملته الانتخابية السابقة المرتكزة على محاربة الفساد والاصلاح في ظل الاستقرار٬ في محاولة منه للتأكيد على أن شعبية الحزب لم تتأثر بالرغم من انتقاله من صف المعارضة إلى تدبير الشأن الحكومي. من جانبه يسعى حزب الأصالة والمعاصرة ٬ حسب المتتبعين٬ هو الآخر إلى الفوز بهذا المقعد من أجل إثبات الذات وتأكيد وتعزيز تموقعه وحضوره القوي داخل الخريطة السياسية بجهة مراكش تانسيفت الحوز بعدما كان قد فاز برئاسة المجلس الجماعي للمدينة ومجلس الجهة والمجلس الاقليمي٬ فضلا عن توفره على عدد كبير من المستشارين الجماعيين بمختلف الدوائر بالجهة. كما تراهن باقي الأحزاب المتنافسة على عدم تصويت الناخبين على مرشح حزب المصباح كعقاب للحكومة التي يقودها الحزب مركزة في حملتها الانتخابية على الوعود التي قطعها حزب العدالة والتنمية على نفسه ولم يف بها وعلى ضعف الأداء الحكومي، من وجهة نظرها. وكان المجلس الدستوري قد ألغى مقعد أحمد المتصدق البرلماني بدائرة جليز-النخيل بمراكش٬ وذلك إثر الطعن الذي تقدم به وصيف لائحة حزب الأصالة والمعاصرة بدعوى"استغلال الرموز الدينية" في الملصق الانتخابي الخاص بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011 . ويبلغ عدد مكاتب التصويت 362 مكتبا بهذه الدائرة الانتخابية التي تضم كل من أحياء النخيل والداودي اتوايسيل والازدهار وجليز والحي الشتوي والحي العسكري، بالإضافة إلى الجماعات القروية أولاد دليم وحربيل والبور وواحة سيدي ابراهيم وأولاد حسون والويدان. وفي إطار مواكبة السلطات المحلية لهذه الاستحقاقات وحرصها على أن تمر وفق الضوابط القانونية٬ تم وضع مجموعة من الإجراءات الكفيلة بإنجاح هذه الانتخابات الجزئية، من بينها إحداث خلية للمداومة لدى النيابة العامة لتتبع الحملة الانتخابية واستقبال الشكايات بخصوص الخروقات التي قد تسجل في هذا الشأن? بالإضافة إلى عقد مجموعة من اللقاءات بمقر الولاية لحث المرشحين على التحلي بروح التنافس الشريف وتجنب كل ما من شأنه النيل من مصداقية وشفافية العملية الانتخابية التي تعتبر ترسيخا لأسس الديمقراطية الحقة. ويبقى التحدي الكبير أمام مرشحي الأحزاب المتنافسة٬ حسب المتتبعين٬ مدى قدرتهم على إقناع الناخبين من جديد بصدقية وجدية وواقعية برامجهم الانتخابية وبالتالي ضمان مشاركة مكثفة على غرار تلك التي شهدتها الانتخابات التشريعية المنصرمة وهو ما ستكشف عنه صناديق الاقتراع يوم الرابع من أكتوبر.