امتحان آخر يواجه الحزب الحاكم أم أنه ترويض ليدخل في النسق المطلوب، فإلغاء ثلاث مقاعد لبرلمانييه قوبل ببيان احترام للقضاء، وحزب العدالة والتنمية –في اعتقاده-لا يريد الانجرار وراء معركة خاسرة، لكن الواضح كان استهزاء بالعقل المتزن، فكيف تعتبر صورة بانورامية لمدينة طنجة العتيقة تزخرفها فنون معمارية لمعالم بنيت بإتقان ارتضت مئذنة وجامعا يكون قلب هاته التحفة الفنية –كيف تعتبر- استغلالا للرموز الدينية؟ وكأن المرشحين التقطوا الصورة من على منابر الخطب. شهور قلائل بعد النكسة تلتها ضربة موجعة لأبواق الحريات شهدت خرقا سافرا للدستور والقوانين، بعد منع شبيبة الحزب من تنظيم نشاط بساحة عمومية مخصصة لمثل هاته الأنواع من الأنشطة. دور الأحزاب والفعاليات المدنية بعيدا عن المنافسة والاختلاف القريب-البعيد عن حزب العدالة والتنمية ذو التوجه والمشروع الاسلاميين، ورضا باللعبة الديموقراطية، واحتراما لاختيارات الشعوب، كان الهراء باديا ومواقف الهيآت والأحزاب متخاذلا وداعما بعض الأحيان لمشروع الفساد وخندق اللوبيات، اتضح للجميع أن شعار المصلحة العامة كان مناسباتيا وأن الديموقراطية هي إما على مقاسهم أو ألا تكون، وانخرطوا ضدا على إرادة الشعوب لتسفيه كل المبادرات التي يراد منها تنزيل حقيقي للدستور. دور المثقفين والمتتبعين هنا ظهر الفراغ الضخم والحيرة المطلقة لدى مثقفي الموضة، كتابات كاريكاتورية عمقها يفسر استغراب القرارات وظاهرها فرحة لهزيمة "الرجعية"، نرضاها رجعية بنا لحقبة الفساد والاستبداد، ولا نرضاها لإرادة "الجهلة وغير المتزنين والحمقى" اللذين صوتوا لأصحاب اللحي –كما وقع تماما وتفرجنا عليه بعد فوز إسلاميي تونس- هؤلاء احتقروا الشعب واستصغروه بالمطلق. الآخرون كانوا في عمق الحدث، وعي بالحاضر ومواكبة للقادم، فهموا أن مشروع الفساد مازال قائما وأن الاختلاف مهما كانت حدته لا يمكن استغلاله ضدا على إرادة المغاربة فاحترموا شعوبهم. دور التماسيح والعفاريت اصطلحوا عليهم في بلدان أخرى بالدولة العميقة والثورة المضادة، دورهم الأساسي "الحفاظ على النظام القديم ضمان مصالحهم"، تكليخ للشعب، ومقاومة لكل مشاريع الإصلاح، لا يقبلون ممن كانوا بالأمس عبيدهم أن ينافسوهم اليوم، ارتاعوا في كل المجالات الحيوية للبلدان فسادا. الآن سيتعينون بكل قواهم ويستغلون كل الإمكانات ليصير قطب طنجة مجددا تحت رحمتهم، وتظل دائما هاته المدينة الاستراتيجية الموقع تكنة لهم. دور الشعب والغيورين 4 أكتوبر، ليست مواجهة ومنافسة بين الأحزاب، بل استفتاء آخر للدستور، تصويت بنعم أو لا.. هو سؤال الخوض في درب الاصلاح رغم كل التحديات والمعيقات، أو الاستسلام وتسليم المدينة لتلك الجهة المجهولة؟ وجب على الكل الانخراط فيها تأكيدا على العزيمة الفولاذية لتنزيل الدستور، فحزب العدالة والتنمية ليس المرشح لإرجاع مقاعده بل معادلة الحرية والكرامة والعزة وعدم القبول بالمهانات والسعي لبناء وطن حر يعيش فيه أبناؤنا، هو الهدف الأسمى وراء كبح فلول الفساد. نقول لمن تسول له نفسه إرجاعنا إلى الوراء، أن تصويتنا هو كلمة، وكلمة الرجال لا رجعة فيها، بل هي بنتنا المصونة وعرضنا الذي نقبل الموت على أن ينهك، كانت الكلمة الأولى يوم 25 نونبر يوم قلنا حزب العدالة والتنمية، لا ترجعنا الظروف على قول غيرها، فنحن معشر طنجة لا نشترى ولا نباع، نقولها مرة أخرى ونتعهد بها، اليوم وغدا، 4 أكتوبر موعدنا، ولكم منا دروس مجانية في الشهامة والمروءة، تذكروا طنجة ولا تحاولوا الرجوع إليها مرة أخرى ، قلنا ونكرر أن مرحلة الفساد قد ولت ومشعل الاصلاح حان نحمله اليوم رفقة حزب العدالة والتنمية.