1) الإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف وباقي الأديان السماوية مرفوضة، والإساءة إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وباقي الرسل والأنبياء مرفوضة، أيا كانت الجهة الواقفة خلف هذه الإساءة، لكنّ التصرف بهمجية أيضا، من أجل التعبير عن الغضب، أمر مرفوض. السفير الأمريكي المقتول حرقا في العاصمة الليبية لا يد له في إخراج ولا إنتاج فييلم " innocence of muslims"، المسيء إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك تمّ قتله، وثلاثة من موظفي السفارة بطريقة همجية بشعة. 2) المسلمون غاضبون من أمريكا، ومن الغرب بصفة عامة، لأنه، أي الغرب "المسيحي"، يضع قوانين صارمة تحرّم المساس بالديانة اليهودية مثلا، أو التشكيك في محرقة "الهولوكست"، ويجد كل ما يبدي عداوة أو حتى مجرد اختلاف مع اليهود نفسه تحت طائلة المتابعة بتهمة معاداة السامية، في الوقت الذي يتعرض فيه الإسلام والمسلمون لشتى أنواع الإهانة والاحتقار، ولا أحد يحرك ساكنا. كل هذا صحيح، لكن الشيء الذي يغفل عنه المسلمون هو أنهم هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن هذا الوضع. 3) إذا كانت الديانة اليهودية "مقدسة" في الغرب، ومعاداة اليهود ممنوعة، والتشكيك في محرقة "الهولوكست" محرّما، فلأن اللوبيات اليهودية في أمريكا، وفي الغرب بصفة عامة، والتي تتحكم في مراكز القرار، ووسائل الإعلام، هي التي تقف وراء هذه المناعة التي اكتسبها اليهود وديانتهم. فلماذا لا تكون للمسلمين أيضا جماعات ضغط مثل جماعات الضغط اليهودية؟ المسلمون، والعرب منهم على الخصوص، يملكون في يدهم أوراقا كثيرة للضغط، وعلى رأسها النفط والمال، لكنهم لا يستثمرون أوراق الضغط هذه في مكانها الصحيح، وهكذا عوض أن يستثمروا أموالهم في تمويل القنوات الفضائية الغربية النافذة، كما يفعل اليهود، يستثمرونها في إنشاء قنوات الرقص، وعوض أن يستثمروا أموالهم في الضغط على مراكز القرار في الغرب، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، يستثمرونها في شراء أندية كرة القدم، والفنادق الفاخرة، واللوحات الفنية والتحف النادرة. 4) المسلمون إذن، وليس اليهود أو المسيحيون، هم المسؤولون عن هذا الوضع المزري الذي نعيش فيه، وبما أن الحيلة الوحيدة التي يملكها الضعيف، في المعارك الفكرية، هي العنف، فإن المسلمين يفضلون اختصار الطريق، ويلجؤون إلى القنابل والأحزمة النافسة، من أجل الدفاع عن أنفسهم، وعن دينهم، لكن النتائج مع الأسف تكون عكسية. فماذا ربح المسلمون من الهجمات الإرهابية ل11 شتنبر مثلا؟ لا شيء سوى المعاناة. معاناة المهاجرين المسلمين، والعرب منهم تحديدا في البلدان الغربية، ومعاناة الشعوب (الشعب الأفغاني)، الذي جلبت عليه تلك الهجمات كثيرا من الويلات. 5) إن من حق المسلمين أن يعبروا عن غضبهم من أي إساءة إلى الدين الإسلامي، لكن بطريقة سلمية وحضارية، وأنا أتفق تماما مع الشيخ محمد الفيزازي، الذي كتب قائلا: "فلتكن ردودنا على قدر قدرتنا وفي مستوى أخلاق الإسلام الرفيعة. ونحن في مقدورنا أن نضغط على أي حكومة في العالم صدرت الإساءة في ربوعها بأساليب راقية شتى. منها مقاطعة المنتوجات والسلع لهذا البلد أو ذاك مثلا...". هذا حل من بين الحلول، وعلى المسلمين أن يلجؤوا إلى الحلول التي تعود عليهم بالنفع، والربح، وليس إلى الحلول الهمجية التي تعود علينا بالكوارث والخسائر على جميع الصّعد والمستويات. 6) إذا كان المخرج الأمريكي التافه الذي أنتج فيلم "براءة المسلمين" قد أساء إلى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فليس الحل هو أن نقتحم السفارات الأمريكية ونقتل سفراءها وموظفيها، ونضرم فيها النيران ونحرق الأعلام الأمريكية في الشوارع، فهذا لن يزيد صورتنا في نظر الغرب، وفي نظر باقي شعوب الكون إلا سوادا على سواد. الحل هو أن نردّ بطرق حضارية. لماذا لا ينتج المسلمون أفلاما سينمائية، ومسلسلات، وهم الغارقون في أموال النفط، ويقدمون فيها للغرب الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف، ورسوله الكريم؟ بهذه الطريقة نستطيع أن نغير نظرة الغربيين إلى ديننا، وإلى أنفسنا، أما القنابل والأحزمة الناسفة والزبَد الذي يتطاير من الأفواه في المظاهرات الصاخبة فلن يجلب لنا غير الويلات. فرجاء كونوا متحضرين ومتعقلين قليلا أيها المسلمون! [email protected]