استهلك "بعض'' المسلمين نسب كبيرة جدا من مادة الادرنالين هذا الاسبوع، ادت لوفاة أشخاص ابرياء، وتحطيم بنايات ومنشئات دبلوماسية، كما وضعوا كل الغرب وخصوصا الأمريكان في سلة واحدة واعتبروها حربا ضد كل "الكفار" وكأن كل من لم يعرف باعتناقه للاسلام قد شارك بشكل ما في اخراج الفلم القصير والوضيع جدا "المسيء للاسلام" وان كنا نجهل شكل الاساءة هنا. لكن هل سأل المسلمون انفسهم عن حجم المعانات التي يتسببون فيها يوميا لغير المسلمين؟ وليسمحوا لي ان اسألهم ايضا عن السند الاخلاقي والحقوقي الذي يعتمدونه لتطبيق حكم الردة في الاسلام "القتل"؟ وهل فكروا ولو لمرة في كلمات السب والتحقير والكره التي يطلقونها على المرتدين عن الاسلام واتباع المعتقدات الاخرى التي يكفرونها ويعتبرونها خاطئة؟ كم منكم تعرض لي بالسب والقذف. والتهديدات المقدسة، وحتى كي لا نذهب بعيدا راجعوا مجمل التعليقات التي تصلني من بعض زوار موقع "هسبرس" أو "الفايسبوك"؟ الغير مسلمون يقومون بانتاج افلام رسوم وكتب تتحدث عن العنف والارهاب الاسلامي، وهذا يدخل في اطار حرية الفكر والتعبير، بغض النظر عن جودة المادة المعروضة من الناحية الفنية والأدبية، فالنقد ما دام موجها للافكار والمعتقدات فلا احد يحق له محاكمته او مصادرته، في الوقت الذي نقف فيه مكتوفي الايدي والألسن أمام نداءات القتل وتطبيق أحكام الشريعة التي لا تدخل في اطار الحرية في الكلام والتعبير بل تتجاوز ذلك بكثير، تتجاوزه الى حد المطالبة بقطع الأطراف وجلد النساء وبقر البطون وتقسيم العالم الى كفار ومؤمنين، ولا غرابة في أن يرد المسلمون بالعنف والارهاب ....فردودهم دائما تؤكد للاخر ما يقال عنهم سواء كان صحيحا أو خاطئا. ثم لنتحدث عن الاساءات التي يتعرض لها الدين المسيحي من اتباع عقيدة الاسلام، وانت تتابع قنوات البترودولار كم مرة علت قلبك الفرحة بسماعك لشيخ بقناة الرحمة يقول عن "يسوع" انه مثلي جنسي ومريم ليست عذراء. او عن فيديوهات وجدي غنيم باليوتوب الذي سبق وطالب بدفع المسيحين للجزية او يطردوا من مصر شر طردة. ولنقارن ردود فعل المسيحين تجاه ما يمكن اعتباره اساءات لدينهم، أكيد بعضكم شاهد فلم شفرة دافتشي والجيل العظيم أو يسوع مصاص الدماء التي عرضت بعدد من دور السينما العالمية وكذا شاشات التلفزيون، هل قام بعدها أي مسيحي باحراق مقر سفارة أو علم دولة؟ أو قتل سفير كما فعل ثوار ليبيا؟ فهل ياترى هم اكثر ثقة وايمان بمعتقدهم؟ ان سلطة المنع والتضييق التي يفرضها الفهم التقليدي للنص الديني باسم حماية المقدسات هي التي تنتج لنا هذه النماذج من العنف والاتباع المسخرين للارهاب، انهم نفس النماذج البشرية التي رأيناها مؤخرا تصرخ وتدمر وتقتل. فالغضب وترويع الناس ليس حلا ولا سلوكا حضاريا للرد على ما تعتبرونها اساءة، فالاحرى بكم ان تحرروا انفسكم من لعنة التبعية الاقتصادية والسياسية والعلمية للغرب وان تحققوا اكتفاءكم الذاتي من الغذاء والدواء قبل ان تفكروا في حرق اعلامهم وقتل مواطنيهم. ان الحرية هي المقدس الوحيد الذي يعلمنا ان ان لا نقدس شيئا لكنها تتقدم وتحتكر كل القداسات، انت أيها الانسان هو المقدس الوحيد الذي ادرك واحس بوجوده، أما معتقدك فكرك أو توجهاتك السياسية فهي دائما مفروشة على الارض هنالك من سيلتقطها ويضعها في خزانته وهنالك من سيتصفحها ثم يلقي بها في سلة المهملات.