تراوحت ردود الفعل عقب اللقاء الذي جمع مؤخرا الرئيس المصري محمد مرسي بعدد من الفنانين بين الارتياح الذي عبر عنه نجوم الفن السابع بعد تأكيد مرسي حرصه على ضمان حرية الإبداع والفن٬ ومندد بهذه المبادرة التي اعتبرتها شخصيات سلفية "خروجا عن شرع الله". أولى ردود الفعل صدرت بمجرد الإعلان عن عقد هذا اللقاء وكانت من أحد الشيوخ السلفيين الذي انتقد استدعاء فنانين لقصر الجمهورية للقاء الرئيس وطالبه بموقف واضح من الفن مبرزا أن "الرئيس الذي انتخبته الجبهة السلفية لأجل الإسلام يتعين أن تكون له وقفة حازمة مع الفنانين". وتابع الشيخ عبد الله بدر في حديث لإحدى القنوات الفضائية أنه "كنا ننتظر من مرسي أن يساند شرع الله بدلا من أن يساند الفنانين والإبداع" مشددا على أنه تحديدا في هذه القضية سيظل يدافع عنها حتى النهاية"٬ في إشارة إلى تحريم الفن وضرورة التصدي له. وهدد الشيخ السلفي الذي سبق وأن تهجم على الفنانة إلهام شاهين واتهمها ب "الفجور ونشر الزنا وإفساد أخلاق المجتمع" كما لم يسلم من انتقاداته عدد من نجوم السينما المصريين مثل نور الشريف وغادة عبد الرازق٬ بتصعيد وتفجير الموقف من جديد في حال لم يتخذ الرئيس "الموقف الصائب" من هذه القضية. وبالمقابل رحب الفنانون بتأكيد مرسي بأن مصر لن تكون دولة دينية أو عسكرية٬ وستظل دولة مدنية وبدعوته لهم بالاستمرار في إبداعهم وعدم الالتفات لما يثار من جدل حولهم فيما أكد رئيس الجمهورية استيائه من الحملة التي تعرضت لها إلهام شاهين واعتبر ذلك أمرا غير مقبول. واعتبر عادل إمام الذي حضر اللقاء بأن هذه الالتفاتة من مرسي كانت بمثابة "مبادرة سلام" وتقدير للفن وبادرة حميدة لتهدئة وتبديد مخاوف الفنانين والمثقفين عموما من الهجمات التي يتعرضون لها من تيارات دينية ٬ فيما عبرت إلهام شاهين عن ارتياحها عقب تلقيها مكالمة هاتفية من المتحدث باسم رئاسة الجمهورية والذي نقل إليها تحيات وتقدير محمد مرسي. وبحسب الفنانة المصرية فإن المتحدث نقل إليها تأكيد مرسي بأن الهجوم عليها كان "حادثا منفردا تتبرأ منه الدولة ومؤسساتها" مشيرة إلى أن هذا الاتصال كان بمثابة رد اعتبار لها ولكل رفاق الدرب. وقد انتهز الفنانون اللقاء لتذكير مرسي بأن الفن "جزء من هوية الدولة وهو القوة الناعمة لمصر التي غزت بها العالم العربى والغربى٬ مبرزين "نضال المبدعين من أجل حرية مصر ونهضتها". وقد أدان عدد من علماء الأزهر من جهتهم التصريحات التي أطلقها الشيخ بدر بحق الممثلة المعروفة بأدوارها "الجريئة" مؤكدين أن تلك التصريحات "لا تمت للإسلام ومبادئه بصلة" ودعوا الشيخ السلفي للاعتذار منها بل ذهب أحد أعضاء مجمع البحوث الإسلامية٬ بتطبيق "حد القذف" على الشيخ السلفي. متاعب الفنانين في مصر بدأت حتى قبل نجاح ثورة 25 يناير 2011 وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك٬ حينما بدأت تتسلل لمواقع التواصل الاجتماعي قوائم سوداء بأسماء فنانين ونجوم كبار اتهموا بقيادة "ثورة مضادة" والاستفادة من الفساد الذي نخر الجسد المصري لعقود طويلة. وقد أثر هذا التصنيف للفنانين بشكل كبير على صناعة السينما المصرية التي سجلت خسائر غير مسبوقة هددت بإفلاسها وتجاوزت المليار دولار نتيجة توقف كلي لدور العرض والإنتاج والتصنيع ٬ مما حذا بوزارة الثقافة إلى إحداث صندوق خاص لإنقاذ السينما بتكلفة 150 مليون جنيه (نحو 25 مليون دولار) كانت من أبرز مهامه تشجيع الوجود الجديدة نتيجة رفض الجمهور لمعظم "رموز الفن السابقين". وتلت هذا التصنيف بلاغات قدمت للنيابة العامة للتحقيق مع عدد من النجوم بسبب أدوار أدوها في أعمال سابقة كان أبرزهم "الزعيم" عادل إمام" الذي أصدرت في حقه محكمة جنح الهرم بالجيزة حكما بالحبس لمدة ثلاثة أشهر بتهمة "تقديم أعمال فنية سخر خلالها من الدين الإسلامي والجلباب واللحية". واستشهد مقيم الدعوة وهو أحد المحامين السلفيين بمسرحية "الزعيم" وفيلم "مرجان أحمد مرجان" و"الإرهابي" و "طيور الظلام" و "الإرهابي والكباب" وأعمال فنية أخري استخف فيها الكوميدي المصري برأي المدعي من الإسلام وسفه من تعاليمه. وقد أكد عادل إمام أنه تعمد عدم إثارة قضيته مع الرئيس بحكم أنها ما تزال معروضة أمام القضاء٬ مبرزا أنه يرفض ممارسة أية وصاية على الفن والإبداع . كما ذكر بالهجوم الذي سبق وأن تعرض له أديب في قامة نجيب محفوظ ووصول الأمر إلى حد تكفيره مبرزا أن نجيب محفوظ وغيره من الأدباء والفنانين الكبار أسعدوا الملايين بأعمالهم. إلا أن عددا من النقاد والمتتبعين يرون أن هذا الوضع طبيعي ويعتبرون أن المشهد السينمائي المصري يبرهن على أن هناك حالة من الاضطراب الفكري تسود صناعة السينما التي اعتدمت خلال السنوات الماضية على مواضيع سعت في معظمها لإرضاء النظام السابق شكلا وموضوعا. من جهته أكد القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي أن آفاقا غير مسبوقة ستفتح في مصر في "زمن الإخوان" في مجال حرية الرأي والإبداع والأدب والفنون٬ منتقدا عبر صفحته على موقع "تويتر" الفتور الذي واكب الاحتفالات الرسمية بذكرى رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ .