تلقت الأوساط الفنية المصرية خبر تأييد الحكم الصادر في حق الفنان المصري عادل إمام بالسجن لثلاثة أشهر بتهمة "إزدراء الإسلام" بقلق كبير وتخوف من مستقبل الفن والسينما خصوصا٬ وفرض رقابة صارمة عليها تحد من إبداع العاملين في هذا القطاع وتفرض عليهم وصاية في ظل دعوات تطالب ب "السينما النظيفة" و"الهادفة". واعتبر العديد من المثقفين والمفكرين المصريين أن هذا الحكم يعكس حالة عدم اليقين السياسي في مصر بعد الثورة وعبروا عن توجسهم من أن يتم استغلال الصعود المتنامي للتيارات الإسلامية وتحديدا السلفية في تصفية حسابات مع من حملوا مشعل الفكر الليبرالي الحر . ووصف الكاتب الكبير يوسف القعيد هذا الحكم بأن فيه تجاوزات كبيرة مذكرا بأن هيئة المحكمة كان عليها استدعاء خبراء متخصصين خاصة وأن الأعمال موضوع الدعوى سبق وأن عرضت على هيئة الرقابة باعتبارها الجهة المنوط بها مراعاة الآداب العامة والعقائد والأديان. ولم يستبعد القعيد وجود تصفية حسابات وحملة منظمة لتخويف وإرهاب المثقفين محذرا من أن مصر أوشكت على توديع زمن الحريات العامة والأساسية والتي تعد الركن الأساسي في حضارة هذا البلد منذ فجر التاريخ. وبالنسبة للموسيقار عمار الشريعي سيفتح هذا الحكم أبوابا تعيد مصر إلى الجاهلية التي يحاكم فيها الإنسان على رأيه موضحا أن على القضاة أن ينتبهوا إلى أن ما يقدم من الفنانين هو تقمص ومجرد خيال وليس إهانة لا إلى أشخاص ولا إلى الأديان٬ ومحاولة من الفنان لتوصيل رسالة للمشاهد ليفرق بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول. من جهته اعتبر الناقد حامد أبو أحمد أن مدلول الحكم في منتهى الخطورة لأنه يسحب حرية المبدع في استخدام اللغة والتعبيرات الأدبية في أي موضوع ويقيده بوضعه تحت طائلة القانون معتبرا القضية هجمة شرسة وانقضاضا على الفن والثقافة . وقال إن "الزعيم" لم تكن له أية مواقف ضد أي دين من الأديان بقدر ما عبر عن موقفه من التطرف الذي يرفضه المجتمع كله متسائلا عن سبب تجاوز المؤلف والمخرج ووضع عادل إمام في قفص الاتهام. ووجه ممدوح الليثي رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية الدعوة لنقابات الموسيقيين والسينمائيين للقيام الى وقفة احتجاجية أمام مكتب النائب العام والضغط عليه للتدخل من أجل إيقاف تنفيذ هذا الحكم ٬ مضيفا أن كل فناني ومبدعي مصر يعتبرون الحكم تسلطا وسابقة خطيرة في تاريخ الإبداع والفن في مصر . وطالب الليثي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء ورئيسا مجلسي الشعب والشورى بضرورة الوقوف والتضامن مع فناني مصر ومبدعيها من هذه الهجمة الشرسة التي يتعرضون لها في الآونة الاخيرة . وأصدرت جبهة الإبداع بيانا أكدت فيه أن الدين لا يتعارض مع الفن وأنها مستمرة في مساندة الفنان عادل إمام مهددة بتصعيد الأمر داخليا وخارجيا لمواجهة ما وصفته بتيارات التخلف والتكفير. وقال المنتج مدحت العدل عضو جبهة الابداع إن الحكم يعد مقيدا للابداع بصفة عامة موضحا أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن عادل إمام واحد من أبرز الفنانين على مدار تاريخ الفن المصري وان شهرته فاقت مصر والعالم العربي بكثير. وحذر من تنامي ظاهرة الزج بالفنانين في قضايا أمام المحاكم بتهم واهية خاصة بعد إقدام مجموعة من المحامين السلفيين على إقامة دعاوى قضائية ضد كل من المخرج خالد يوسف والفنانات غادة عبد الرازق وسمية الخشاب وعلا غانم وإيناس الدغيدي والمخرج محمد فاضل لاتهامهم بالإساءة للدين و "نشر الفاحشة" من خلال أعمالهم. وعبرت العديد من مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي عن تضامنها مع عادل إمام من خلال تغيير الصور الشخصية الخاصة بحساباتهم ووضع صورة "الزعيم" وكتابة تغريدات ترفض الحجر على حرية الإبداع والتضييق على فناني ومثقفي مصر باسم الدين. وكان الفنان المصري عادل إمام قد صرح مؤخرا بأنه يرفض ممارسة أية وصاية على الفن والإبداع وقال إن أي فصيل أو حزب سياسي لن يستطيع أن يغير من حب الشعب المصري للفن والفنانين. واعتبر ما يحدث حاليا في بلاده مجرد "زوبعة في فنجان" ستنتهي بمجرد اختيار الشعب لرئيس جديد وسيتم حينها إدراك الدور الذي يقوم به الفن والمبدعون. وذكر بالهجوم الذي سبق وأن تعرض له أديب في قامة نجيب محفوظ ووصول الأمر إلى حد تكفيره مبرزا أن نجيب محفوظ وغيره من الأدباء والفنانين الكبار أسعدوا الملايين بأعمالهم. ووفقا لدرجات التقاضي في مصر فإن إمام ليس أمامه سوى تقديم نقض للحكم وهي المرحلة الاخيرة من درجات التقاضي حيث يتم نظره أمام محكمة استئناف جنح منطقة الهرم على أن يكون حكم المحكمة في المرة القادمة نهائيا وواجب التنفيذ٬ يصدر على إثره إذا ما أيدت الحكم قرار بضبطه واحضاره لتنفيذ الحكم القضائي . وكانت محكمة جنح منطقة الهرم قد أيدت أمس الثلاثاء حكما قضائيا سابقا بحبس الفنان عادل إمام لمدة ثلاثة أشهر وذلك لاتهامه بالإساءة للدين الاسلامي في بعض أعماله الفنية ورفضت المحكمة العريضة الاستئنافية التي تقدم بها دفاع "الزعيم" على الحكم الصادر بحقه. وكانت نفس المحكمة قد أصدرت حكما غيابيا في جلسة سابقة بإدانة عادل إمام وتغريمه 100 الف جنيه بسبب ما وصفته ب "ازدراء الدين الإسلامي وتقديمه لأعمال فنية تسيء للدين والاستهزاء بمرتدي الجلباب والحجاب والنقاب" من بينها مسرحية "الزعيم" وأفلام "مرجان أحمد مرجان" و "الإرهابي" و "حسن ومرقص".