لا أعرف لماذا لا تستطيع الدولة المغربية والسلطة في المغرب عموما تقبل النقد أو خروج وسيلة إعلامية أو ثقافية لتنتقد بعض السياسات المتخذة وتبين مدى خطورتها على الشعب المغربي وعلى الاستقرار المجتمعي والاقتصادي لدى المواطن المغربي الذي يكتوي بنار المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ... ولا أعرف لماذا لا يستطيع رجل القضاء في المغرب تقبل النقد أيضا بحكم أنه مجرد بشر قد يخطيء وقد يصيب ولذلك يفرض عليه هذا الأمر أن يتقبل النقد والنصيحة من هذا الطرف أو ذاك داخل المجتمع .... ولا أفهم هذه السياسة الممنهجة لإسكات صوت الحق المتمثل في بعض المنابر الإعلامية المكتوبة خاصة بحكم أننا لا نتوفر على وسائل إعلام مرئية وسمعية مستقلة وحرة يمكنها أن تنضم إلى هذه الوسائل الإعلامية المكتوبة والمتمثلة في الجرائد المستقلة وعلى رأسها جريدة المساء اليومية التي تعاني منذ تأسيسها من طرف طاقم صحفي شاب قبل سنة ونصف تقريبا استطاعوا من خلالها أن يستولوا على سوق المبيعات في المغرب ، قلنا أنها تعاني الأمرين من خلال بعض الممارسات اللاأخلاقية تجاه بعض مسؤوليها مثل الاعتداء السافر الجسدي الذي تعرض لها مديرها السيد رشيد نيني الصحفي المغربي المرموق ، أو من خلال بعض القضايا التي ترفع ضدها في هذه المدينة أو تلك حتى يتفرغ مسؤولوها لمتابعة هذه القضايا وينسوا قضايا الشعب المغربي المغلوب على أمره والذي تحاك ضده العديد من الأمور لجعله تابعا للوبي اقتصادي وسياسي متوحش يريد الاستيلاء على كل شيء في البلد . لقد أسست جريدة المساء اليومية من طرف طاقم صحفي يروم محاربة الفساد الاقتصادي والسياسي والمالي التي يعيش فيه المغرب والذي يعاني منه الملايين من سكان البلاد الفقراء الذين لا صوت لهم ولا يستطيعون التعبير عن ما يحسون به ، ولذلك وضع هذا الطاقم الصحفي المتميز على عاتقه مسؤولية التحدث بلسان الشعب المقهور والمغلوب على أمره . وليس من الحكمة أن يسكت عن هذه المبادرة ذلك اللوبي الفاسد في المغرب عن النقد الموجه ضده وضد أفعاله الوحشية والخطيرة في حق الملايين من المغاربة الذين يعانون مع لقمة العيش ومع حياة أصبحت صعبة فبالأحرى التفكير في الثورة على أوضاعهم أمام جشع المضاربين الاقتصاديين والفاسدين السياسيين ، وليس من الحكمة أن يصمت هؤلاء الذين سيطروا على منابع الثروة الوطنية وأصبحوا يتحكمون فيها تارة يرخون الحبل فيسهل على المغاربة اقتناء ما يحلو لهم وتارة يشدونه ويحتكرون المواد والأساسيات هدفا منهم في استعباد الناس . وما كان لهذا الطاقم الصحفي الوطني والغيور على أهل بلده أن يسكت عن ما يجري لشعبه وأهله ، وبعدما لم يجدوا منبرا يستقبل أفكارهم وآراءهم السياسية والفكرية قرروا أن يؤسسوا منبرا إعلاميا مستقلا ليعبروا عما يحسون به وعما يحس به الناس بكل حرية من خلال منبرهم الخاص الذي أسسوه بمالهم الخاص وعلى نفقتهم الشخصية دون استجداء أي أحد ، والدليل على ذلك المعاناة المادية التي ككانوا يعانونها في بداية تأسيس جريدتهم والتي كانوا يعلنونها على الملإ ، فوجدوا في القراء من الشعب المغربي مقهور خير سند لهم في محنتهم الأولى وذلك بالمواظبة على شراء الجريدة يوميا ودعمها ماديا بل بدأت أعداد المبيعات ترتفع يوميا بالآلاف مما حدا بطاقم الجريدة إلى زيادة طبعها بالآلاف لتكون بذلك الجريدة الأولى في تاريخ المغرب التي حطمت سقف المبيعات منذ صدور أول جريدة في المغرب ..... إنه لمن العار أن يتزعم محام يسوق لنفسه في الكثير من المحطات على أنه لبرالي وتقدمي وحقوقي ( وللإشارة فقد سبق له أن تحمل مسؤولية وزارة حقوق الإنسان سابقا ) عملية تصفية جريدة حرة ومستقلة تريد الخير للبلاد والعباد ، ويعمل على حشد القضاء بوكلاء الملك الأربعة بالقصر الكبير لرفع قضايا ضد مدير الجريدة والجريدة في نفس الوقت ويطالب بتعويض لم يسبق لقضاء البلدان المتخلفة والديكتاتورية أن قبلت به أو حكمت به ... ولكن ما دمت في المغرب فلا تستغرب . المصيبة هي أن يكيل المرء بمكيالين في مثل هذه الأمور التي تهم الشعب في بلد ما ، فأن يكون المرء سياسيا يتموقف في موقف المدافع عن الناس ويقف ضد الظلم ويسوق لحزبه على أنه ناصر المظلومين ثم تأتي الأيام فيصبح هو زعيم الظلم ضد الناس ومؤطره والداعي إليه فهذا ما لا يقبله أي عقل عاقل . لقد سجلت المساء هدفا في مرمى الدولة المغربية بموقفها الشجاع وموقف إدارتها الرائع والحضاري ضد هذا الحكم الظالم في حقها وذلك بامتناعها عن تأدية التعويض للمتضررين وبذلك وجدت دعما وسندا لها من مختلف شعوب المعمور بحيث تبنت قضيتها وسوقتها في الاعلم فكانت ضربة قوية للسلطة المغربية التي تسجل الأهداف ضدها في المنتظم الدولي وتسوق نفسها على أنها قاتلة الصحافة المستقلة والحرة . كنا نتمنى من السلطة المغربة أن تتدخل في هذه القضية لتوقف هذه القضية المهزلة التي تضع المغرب في عين المنظمات الحقوقية الدولية ، فأول الغيث كان هو تبني منظمة " صحفيون بلا حدود " للقضية ثم بدأت المساندة تكثر وتتقوى من كل مكان ، فهل تعتبر الدولة المغربية وتوقف هذه العملية الممنهجة لتضييع فرصة تحقيق الديمقراطية واحترام حرية التعبير وتحقيق التوازن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري بين مختلف شرائح المجتمع المغربي أم تصمت عن ما تقترفه بعض اللوبيات في بلد لا يزال يرزح في مراتب دنيا على كل الأصعدة وفي كل المجالات ؟ . عزيز العرباوي-كاتب وشاعر من المغرب- [email protected]