قال عبد العالي مجذوب، الباحث المتخصص في الشأن الديني، إن ما يُسمَّى "حفل الولاء" يمن تناوله من ثلاث زوايا رئيسة، الأولى كونه يتضمن تقاليد وطقوسا مخزنية كان ينبغي أن تزولَ إذا كان النظامُ يريد بالفعل أن ينتقل إلى زمان الحداثة والديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان وكرامته. واعتبر مجذوب، في تصريحات هاتفية مع هسبريس، أن الإصرار على بقاء هذه الطقوس المخزنية هو إصرار على البقاء في زمن الاستبداد والاستعباد والحكم "الثيوقراطي" الذي يذّكر بظلام القرون الوسطى. والزاوية الثانية في تناول موضوع "حفل الولاء"، يُكمل مجذوب، هي أن هناك فجوةً واسعة بين النظام المخزني وبين المواطنين عموما، والرأي العام السياسي خصوصا، لأن فرضَ هذه الطقوس الحاطّة من الكرامة الآدمية لا يتناسب مع ادعاء التشبث بمبادئ الدولة الحديثة، التي تجعل كرامةَ الإنسان، وحريةَ الإنسان، وحقوقَ الإنسان، على رأس أهدافها وأولوياتها. وتابع المتحدث بالقول: "كأن النظامَ يريد أن يقول، في عناد وتكبر وتجبّر: أنا وحدي الذي يقرر ما يجوز وما لا يجوز، وما يناسبني وما لا يناسبني، وما على الشعب الرعية، ومنه النخبةُ من السياسيين ومن غيره، إلا أن يسمع ويطيع. أما الزاوية الثالثة، بحسب المحلل ذاته، فيظهرُ من خلالها "النظامُ المخزنيُّ، وعمادهُ الملكيةُ التنفيذيّة، والحكومةُ وكأنهما كيانان ليس بينهما تواصل أو تفاهم أو تعاون، وإن كان الخطاب الرسمي يزعم عكس هذا"، بحسب تعبير الباحث. ويشرح مجذوب بأن "المفروض أنه لو كان هناك تواصلٌ حقيقيٌّ وجِدّيٌّ ومسؤولٌ بين الملك والحكومة أن يكون موضوعُ حفل الولاء قد طُرح، بشكل أو بآخر في لقاءٍ خاص، أو على هامش لقاءٍ من اللقاءات، يستمعُ فيه الملكُ لرأي الحكومة التي يُفترض أنها تمثل أغلبية المُنتَخَبين، ثم يَنظرُ الطرفان في صيغة توافقية يرضى بها الجميع". لكن الذي يجري، يضيف مجذوب، أن النظامَ يرى أنه ليس للحكومة شأنٌ بأمور تخصه، ومن ثَمَّ، فهو مُصر على بقاء المخزن بصورته القديمَة، يَفرضُ رأيَه وقرارَه واختيارَه، ولا يرى في الحكومة إلا عونا من أعوانه، يطلب خدماته عند الحاجة، وإلا، فهي، أيْ الحكومةُ، عنده، في حكم العدم". وخلص المحلل إلى أن الحكومةُ هنا لها مسؤولية لا تقل عن مسؤولية النظام، لأنها، بضعفها وسكوتها وتسليمها وطاعتها العمياء، تُكرّس التقاليدَ المخزنية، بل تُضفي عليها المصداقية والشعبية، وتفتل في حبل ترسخها واستمراريتها"، وفق تعبير مجذوب.