احجيرة: المغرب يصدر 423 مليار درهم ويستورد 716 مليار درهم    بعد الإطاحة بنظام الأسد.. بوريطة يجري مباحثات مع نظيره السوري في خطوة تُمهّد لإعادة فتح سفارة المغرب في دمشق    هذا ما قررته المحكمة في حق هيام ستار    كلية الناظور تشهد مناقشة رسالتين لنيل شهادة الماستر في اللسانيات الأمازيغية    تنديد بمنع مسيرة لمناهضي قانون الإضراب    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تستعد لعقد الجموع العامة للعصب    السكوري .. تخصيص ميزانية مهمة لدعم التشغيل بالعالم القروي    فتاح: حجم استثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية يقدر ب345 مليار درهم في 2024    أستاذ وعاملة فراولة !    اكتشافات الغاز الطبيعي.. نتائج مشجعة    السيارات تجر قافلة الصادرات المغربية    إلغاء اللقاء التواصلي للرجاء وتأجيل الحسم في مستقبل النادي    "عكاشة" ينفي اتهامات سجين سابق    الملك محمد السادس يبعث برقية تعزية ومواساة إلى بايدن إثر وفاة الرئيس الأسبق جيمي كارتر    تصريحات رونالدو والتشكيك في مصداقية الكرة الذهبية    الحكومة ستقدم عرضا أوليا حول إصلاح أنظمة التقاعد في شهر يناير المقبل    من يرد الاعتبار للكاتب بوعلام صنصال.. بعد تطاول عبد المجيد تبون؟    امطار رعدية مرتقبة بالريف والواجهة المتوسطية    البشرية على شفا الانقراض.. تحذيرات عراب الذكاء الاصطناعي من الخطر المقبل    حزب العدالة والتنمية يستعرض ملاحظاته حول تعديلات مدونة الأسرة.. وينتقد "استفزازات" وزير العدل    سفير روسيا في الرباط يبرز قوة العلاقات بين البلدين ويؤكد أن موقف المغرب متوازن بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية    استفادة حوالي 34 ألف أسرة من دعم السكن إلى غاية 27 دجنبر الجاري    الحسيمة..العثور على جثة أربعيني داخل منزل ببني بوعياش    والي جهة الشمال يعلن عن فتح باب الترشيح لشغل مناصب شاغرة بعمالة طنجة أصيلة    2025: سنة التغيير في ملف الصحراء    التحقيقات تكشف تفاصيل مثيرة عن كارثة الطائرة الكورية.. هل كان الجشع وراء الحادث؟    تأملات مرحة في موضوع جدي!    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    التكنولوجيا في خدمة التعليم: التحالف الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مع شركة هواوي المغرب    شخصية السنة/الدجاجلة: بين جغرافيا الجسد وسيكولوجيا السلطة !    تبون يمارس سياسة "كاموفلاج" للتغطية على أزمات الجزائر الداخلية    الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت    الدورة الثالثة لمهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش ما بين 30 يناير و2 فبراير المقبلين    تأجيل محاكمة فؤاد عبد المومني إلى تاريخ 20 يناير المقبل    المالكي يغادر السجن بعد تخفيض العقوبة    جماهير الرجاء تطالب عادل هالا بالاستقالة    وزارة الثقافة تعلن موعد الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    سطات تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن 100 عام    دراسة: طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    وفاة المطرب المصري الشعبي الشهير أحمد عدوية    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    مسبار "باكر" الشمسي يحقق إنجازا تاريخيا باقترابه من الشمس والتحليق في غلافها الجوي    ارتفاع حصيلة قتلى حادث السير في إثيوبيا إلى 71 شخصا    المدرج الجنوبي" يخرج عن صمته ويرفع الورقة الحمراء في وجه رئيس الرجاء ومكتبه    داري وعطية الله يعززان دفاع الأهلي في مواجهة إنبي    بسبب فرضه الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يواجه الاعتقال    علاكوش يشرف على تأسيس النقابة الوطنية للمتصرفين التربويين بجهة الدار البيضاء سطات    مع اختتام فعاليات مهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية.. المنظمون يهدفون إلى تحقيق 1000 جدارية بالمدينة    الوزاني بخمسة أهداف في البرتغال    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا بلاداً تستعذب القمع!!
نشر في هسبريس يوم 17 - 08 - 2012

لا أدري لماذا كلما ركبت قطارات الخليع "السريعة" أحس أن التعامل مع الإنسان في هذا البلد أبعد ما يكون عن مفهوم المواطنة...رائحة بول عطنة...مكيف الهواء معطل...وأعطاب على طول ...تأخر لا حصر له ...ومع ذلك تقول اللوحة الإشهارية على خطوطنا تظهر معالم المستقبل. لا أدري بالضبط أي مستقبل تقصده الجملة الإعلانية، لكن الذي أعرفه أن مستقبل الشعوب يبدأ أولا بإحساس الإنسان بالمواطنة والأمن في نقله وتعليمه وصحته.
في القطار الرابط بين البيضاء وفاس وجوه الناس متشققة، سحناتهم حالكة، ومابين جبينهم ارتسمت خطوط طول مليئة بالكآبة. لا استثناء، الرجال كما النساء وقد اكفهرت الدنيا أمامهم. أهو مجرد إحساس رمضاني بفعل نقص مفعول السكر في الدم؟ أم أن الكآبة ناتجة عن افتقاد وجوه الجميلات لماكياج إخفاء العيوب بفعل هذا اليوم الرمضاني؟
الجميلات هن الجميلات كما يقول محمود درويش لكن في مغرب اليوم صار الناس فعلا أكثر بؤسا وشقاء، وصار المغاربة أكثر اعتلالا، وباتت أمراض العصر مثل ارتفاع الضغط تتجاور وبقوة مع أمراض الفقر من سوء التغذية وفقر الدم والسل وغيرها. يتساءل المتسائل ولكن لماذا هذا التشاؤم والمغرب يشكل استثناء بعد أن مر الربيع العربي بسلام وأتى بخيراته التي لاتنضب. أليس العدالة والتنمية في السلطة؟ أليس الرميد وزيرا للعدل والحريات؟ أليس بنكيران من كان الناس يترجون بركاته؟
في المغرب دق شبان20 فبراير جدران الخزان بقوة. أدانوا الفساد ورموزه، شجبوا تزاوج المال والسلطة، طالبوا بفصل حقيقي للسلط، وطالبوا بملكية برلمانية. صحيح لم يستسلموا. وظلوا كرجال في الشمس يحترقون، يسجنون، يقمعون، ويدقون جدارن الخزان. لكن أشباه أبو الخيزران في رواية رجال في الشمس للراحل غسان كنفاني كان لهم رأي آخر. لقد أصيبوا بالخصاء والمخصيون عموما غير قادرين على الفعل الإيجابي وإن تفاعلوا مع الأحداث صاروا انتهازيين، لأنهم يفتقدون قيمة الحياة الإنسانية الكريمة وحرارتها.
الخصاء السياسي هنا يعني عدم القدرة على الفعل، والعجز عن المبادرة والحراك من أجل تجاوز العبودية والاستغلال. ويعني فيما يعنيه غياب شخصيات سياسية وطنية تتوفر على رؤيا ومنظور يتجاوز لعق أحذية الأولياء والأوصياء. والنتيجة افتقاد النسق السياسي المغربي لرموز وطنية قادرة على أن تقول كفى افتراسا.
العدالة والتنمية القابض على الاعتذار والولاء والخنوع يزيد في ارتفاع ضغط المواطن المقهور بزيادات يقول القائلون أنها سابقة في تاريخ تدبير الأزمات. وقبل "عدالة وتنمية" بنكيران مر الاتحاد الاشتراكي من النفق ذاته، فترك الجلد والعظم ورشف من معين الغضب الشعبي نفسه.
الفارق بين الاتحاديين والإسلاميين بسيط وشاسع في نفس الوقت. بسيط لأن كلاهما استجلب لأداء مهمة الترقيع السياسي وشاسع لأن الإسلاميين أمامهم حلول الدنيا فإن عجزوا خدروا الناس بحلول الآخرة. أليس الدين ،كما يفهمه بنكيران وأتباعه، فيه رحمة ورأفة بالعباد، وفيه حتى العفو عند عدم المقدرة.
لم يستطع بنكيران أن يفرض ضريبة على الأغنياء فعوضها باقتصاص المزيد من جيوب الفقراء، ولم يستطع الالتزام بمعدل النمو فطلب فتح خط البنك الدولي للاستدانة. لم يستطع أن يزحزح أذرع أخطبوط الفساد فنحت نظريته الشهيرة عفا الله عما سلف، أما وزراؤه في التعليم والصحة والعدل فلا ينتهون من شطحة إلا ليدخلوا في أخرى.
صحيح أن بنكيران منتوج مغربي خالص. وهو غير مسؤول كلية عن شقاء المغاربة وبؤسهم لكنه الحلقة الأخطر في مسلسل التبئيس. في عهده حصانة العسكر بلا رقيب،وقانون الإضراب لابد أن يمر، والمعطلون أمرهم لله، والاحتجاجات السلمية كفر، والخروج عن طاعته مزايدة، والتعليم فئوي، والمعتقلون السياسيون اختفوا من السجون المغربية بفعل تضخم مفعول الكرسي الوثير.
يلزم المغاربة الكثير من هدوء الأعصاب واتساع الصدر مع هكذا وضعية. فبنكيران قد يعتذر لجميع المخلوقات، لكنه لن يعتذر أبدا لشعب حملته مظاهراته إلى قطف ثمار حراك لم يشارك فيه حزبه. لكن لنا المغاربة نصيب في هذي المعاناة لأن الشعوب التي لا تستطيع سحب المستبد من رجليه شعوب تستعذب القمع ويصير فيها الإنسان أحقر من صرصار. ف"يا بلاداً بلا شعوبٍ.. أفيقي واسحبي المستبد من رجليه ،يا بلاداً تستعذب القمع.. حتى صار عقل الإنسان في قدميه ،كيف يا سادتي، يغني المغني ،بعدما خيطوا له شفتيه؟...وإلى روح نزار قباني الطاهرة في عليائها سلاما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.