معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    الملك محمد السادس يعزّي الكنيسة الكاثوليكية في وفاة البابا فرانسوا الأول    الجزائر تُفعّل خيار التعبئة العامة لمحاصرة الأزمة الداخلية والعزلة الإقليمية    فوزي لقجع يوجه رسائل دعم وتحفيز للاعبي المنتخب المغربي تحت 20 سنة قبل "كان" مصر    درك تطوان يُطيح بعصابة متخصصة في سرقة المواشي    حادث عرضي لطائرة سياحية خفيفة بمطار طنجة    طنجة.. إحباط محاولة تهريب 32 كلغ من الشيرا بميناء المدينة وتوقيف سائق أجنبي    ولي العهد يفتتح المعرض الدولي للفلاحة بمكناس وجهة الشمال تستعرض مشاريعها التنموية    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    نهضة بركان تكتسح شباب قسنطينة وال"كاف" يشيد: خطوة واثقة نحو نهائي الكونفدرالية    من أعطى العدل والإحسان حق احتكار صوت المغاربة؟    بركة: لم نخرج بعد من الجفاف... وتحلية المياه ستقلّص الضغط على أم الربيع وتؤمن سقي 100 ألف هكتار    تحقيقات فرنسية تضع الرئيس الجزائري تحت المجهر بعد اختطاف معارض في فرنسا    طول شبكة الطرق السريعة بالمغرب يمتد إلى حوالي 2177 كلم    تفاصيل "الجثة المقطعة" بابن أحمد    بوريطة: المغرب يضع تعزيز السلم والحكامة في القارة الإفريقية ضمن أولوياته الكبرى    توقيف بطولة كرة السلة بالمغرب    المغرب يطمح لرفع سعة المطارات إلى 80 مليون مسافر في سنة 2030    "قضاة إفريقيا" يلتئمون بالمغرب ويدعون إلى "تكتل أطلسي" يكرس العدالة    فوضى قد تطيح بوزير الدفاع الأمريكي    نجاة بلقاسم توقع سيرتها الذاتية من الرباط: من طفولة قروية إلى دهاليز السياسة الفرنسية    مصرع عامل بناء إثر سقوط مميت من الطابق السادس بطنجة    ترانسبرنسي تستغرب اعتراض الأغلبية على تقصي حقائق دعم الأغنام    انخفاض أسعار النفط بنحو 3% وسط مؤشرات على تقدم في محادثات أمريكا وإيران    ‬والآن ‬سؤال ‬الكيفية ‬والتنفيذ‬ ‬بعد ‬التسليم ‬بالحكم ‬الذاتي ‬كحل ‬وحيد ‬‮….‬    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية : الحكومة تنتصر لمصالح طبقات اقتصادية معينة على حساب الاستقرار والنهوض المجتمعي    مطالب أمريكية متصاعدة لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي    عبد النباوي: التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    جري.مة بشعة تهز مدينة العرائش    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    تحسينات جديدة في صبيب الإنترنت تفتح النقاش.. لماذا تبقى الأسعار مرتفعة في المغرب؟    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاميرا أم الكوميرا الخفية؟
نشر في هسبريس يوم 07 - 08 - 2012

للكاميرا تاريخ قديم يتصل بأحد أخبث المهن وأخطرها « الجاسوسية». ففي 1930 ظهرت أول طلائع أجهزة الرصد التي استغلت بدهاء في المجال السياسي وكذلك في المجال العسكري لتَمَلُّك معلومات عن شخصيات سياسية أو شخصيات عسكرية يمكن توظيفها في لحظات الحسم .تلك المعلومات كان من الممكن التقاطها عن طريق ميكروفونات جد صغيرة أو عن طريق كاميرات من الصعب اكتشافها.
و في سنة 1948 أطلق المنتج الأمريكي "إلان فونت Ellen Faunt " برنامجا تلفزيونيا استخدم فيه تقنية الكاميرا الخفية فلاقى نجاحا كبيرا ، تلاحق شخصيات معروفة لوقوف على بعض خبايا شخصيتها وعلى مدى انفعالاتها أمام مواقف مصطنعة . ولم تظهر الكاميرا الخفية بفرنسا إلا في حدود سنة 1964 على القناتين الفرنسيتين (RTF ; ORTE) على يد "جان بول" و جاك رولاند" وجاك لوكرا". فأصبح له جمهورها من عدة ملايين . و من عناصر الكميرا الخفية :الديكور ، سيناريو المقلب ، ضحية الموقف، أحد أصدقاء الضحية أو أحد أقربائه ، الموقف محل الاختبار، ثم أخيرا كاميرا غير مرئية .
أما بالنسبة للإنتاج التلفازي العربي ، فلم تظهر الكاميرا الخفية إلا في العقود الأخيرة ، مستغلة نفس الأدوات تقريبا من أجل خلق المتعة في صفوف المشاهدين. إلا أن هناك عدة انتقادات توجه لهذه الكاميرا الخفية العربية كونها تستغل مواقف حرجة مع مشاهير في الغالب يُصعَقون بتأثير المفاجأة ، ويُوضعون أمام امتحان عسير مرتبط بمدى قدرتهم التعامل السليم في أحلك اللحظات أو أدفئها. فحين تعتمد الكاميرا الخفية على عنصري المفاجأة والمباغتة يكون وقعها قويا على نفسية الضحية، وهذا لوحظ كثيرا. والسؤال هل هناك ضمانات تحمي حقوق الضحية في حالة تعرضها لوعكة صحية من جراء قوة الموقف الذي تعرضت له أثناء اشتغال الكاميرا الخفية ،أم المسألة لن تتعدى قبلات تسامح وابتزاز نفسي بِوضْع الضحية أمام أمر واقع جديد يكشف أنه فقط كان ضحية كاميرا خفية . فيحاول الضحية وقتها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من كرامته وعزة النفس التي " مرمدتها " الكاميرا الخفية أمام المشاهدين وكشفت عن بعض أسرارها.
وإذا كانت الكاميرا في الدول الغربية تسعى إلى الكشف وإبراز السلوك الإنساني للمشاهير والفنانين الكبار بنوع من اللباقة ، وتضع أصبعها على مكامن الخلل الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي لتتم معالجته.فإن الكاميرا الخفية في البلدان العربية غالبا ما تسعى إلى إبراز مقومات الشخصية العربية ذات الأوجه المتعددة . فهي تحاول أن تكشف للمشاهد إن كان الضحية هو الشخص نفسه بعيدا عن الأضواء، أم هو إنسان أمام الكاميرا، وعفريت وراءها؟ وعموما يبقى هدف الكاميرا الخفية بالبلدان العربية هو التسلية والكشف عن أغوار شخصية الإنسان بوجه عام، وحتى يستطيع المشاهد مراجعة نفسه انطلاقا من موضوع الكاميرا الخفية البسيطة ، ودون الغوص في الظواهر والأمراض الاجتماعية الفتاكة التي يجب معالجتها قبل التفكير في التنمية.
وحتى لا تتحول الكاميرا الخفية إلى « كوميرا» مصدر اغتناء أشخاص مَعْنيين ، يستغلون الهشاشة القانونية في محاربة الغش والتدليس وكما جاء في كلام الإدريسي في صفحة “الجمعية المغربية لمهنيي الإذاعة والتلفزيون:« وإذا كنت أفهم أن العديد من شركات الإنتاج مستعدة للتنازل على كل القيم والأخلاق التي لا تملكها أصلا مقابل الربح المادي، فما يحز في النفس هو أن ينخرط فنانون وفنانات يحترمهم الجمهور في عملية غش وتدليس حقيرين، يعاقب عليها القانون الجنائي» ،فإن الدول الغربية التي يأتي دائما من عندها الجديد والمفيد تستغل الكاميرا الخفية " دون ميزانية تذكر" في معالجة قضاياها وظواهر اجتماعية .
وإن آخر صيحة في عالم الكاميرا الخفية والتي كشفت عورة الأوروبيين المتبجحين بتملكهم ناصية حقوق الإنسان جاءت من أوروبا نفسها . حيث تركت تأثيرا كبيرا داخل عاصمة أوروبا بروكسيل قبل أيام قلائل .لقد استعملت" صوفي بييتر sofie Peters" كاميرا خفية لتصوير فيلم " امرأة في الشارع femme de la rue " لمعالجة ماتشيزما machisme " وهي ظاهرة التحرش الجنسي وملاحقة النساء بالكلام الجارح كآخر عمل تقدمه صوفي قبل تخرجها من معهد السينما ببروكسيل. لقد اصطادت صوفي بييتر ضحاياها في أحد أحياء العاصمة "إنيسانس "المأهول بمهاجرين من شمال افريقيا . حيث صب عليها رواده صناراتهم الكلامية : " الكلبة! ، الوقحة ! تفضلي بشرب كاس معي!.=وو..!".
فبسبب الضجة الواسعة التي أثارها الفيلم ، ومباشرة بعض عرضه قررت السلطات الرسمية البلجيكية تقديم مشروع قانون ينص على معاقبة ظاهرة التحرش الجنسي ببلجيكا ، وفتح محضر تحرش لكل من تعدى حدود اللياقة في الشارع العمومي. لقد عاشت صوفي مشاكل كثيرة داخل الحي الذي صورت فيه فيلمها والذي كانت تقطنه مدة سنتين. لقد كانت بروكسيل صامتة على الظاهرة إلى أن فجرتها صوفي بييتر، وفي وقت كانت بروكسيل وغيرها من الدول الأوروبية تقدم الدروس تلو الدروس للمغرب في وجوب احترام حقوق وحرية المرأة في حين أن حقوق المرأة في أوروبا في تراجع إن لم نقل لم تتغير . لقد طالبوا المغرب بالجواب على 140 توصية حقوق الإنسان قبل أشهر وما فتئوا يطالبونه بالمزيد من " التزيار" وكأن المرأة في أوروبا تمشي وسط الظلال والملائكة . فلا أحدا يكلمها ولا أحدا يقول لها كم الساعة؟
هذا الفيلم " فَرَش" a dévoiléالادعاءات الأوروبية بأن كل شيء عندهم هناك بخير. لكنه من جهة ثانية رسم صورة قاتمة عن المهاجرين العرب ، وكأنهم " نقصاهم الترابي " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.