في الصورة النفق الذي تسلل منه السجناء الفارون استغرب عبد الرحيم الشرقاوي مستشار من فريق حزب الحركة الشعبية، الطريقة التي قيل إن السجناء التسعة فروا بها، معتبرا إياها غير منطقية، ومبرزا أنه بعملية حسابية بسيطة فإن كمية التراب المستخرجة على طول 22 مترا، وعرض 60 سنتمرا، تعني إجمالا استخراج أزيد من 13 متراً مكعباً من الاتربة أي أربعة أطنان، مما يعني ضرورة التوفر على أزيد من خمس شاحنات كبيرة لنقلها، لأن شاحنة واحدة تستطع حمل 3 أمتار معكبة من الأتربة والحجارة. وتساءل: "أين ذهبت الاتربة والحجارة المستخرجة؟". وأوضح المستشار الشرقاويمساء أول أمس بمجلس المستشارينأن أبسط عامل في البناء سيضع نفس السؤال أين التراب المستخرج من نفق طوله 22 مترا، وعرضه 60 سنتمترا، مؤكدا أهمية البحث في اتجاهات أخرى. وأكد الشرقاوي أن وضع أكياس فوق المكان الذي نام فيه السجناء أمر غير معقول قائلا : "واش من عقل هذا غادي يتقبل وضع التراب فوق بلاصة النوم ، حتى لو وضعتيه خاصك زنزانة أخرى". من جهته قالوزير العدل عبد الواحد الراضي إن عملية الفرار من المؤسسات السجنية لم تتوقف، وذلك حسب الاحصاءات التي توفرت عليها إدارة السجون، حيث فر 32 سجينافي 2002 ونفس العددسنة 2003 ليتقلص الى نحو 28 سجينا الى غاية 2006، وتراجع عدد الفارين الى 27 في 2007. وأوضح الراضي، أن أجواء مؤسسات السجن تغيرت بفعل عاملين اثنين: الأول ارتفاع عدد المحكوم عليهم في قضايا الاتجار الدولي في المخدرات، وخاصة البارونات الذين استغلوا ثراءهم لفرض قوانينهم، والثاني ارتفاع عدد المحكوم عليهم على خلفية قضايا الإرهاب، مما أدى إلى بروز صراع داخلي مع الإدارة والحراس. وأكد الراضي أن سجناء المخدرات والارهاب الذين يشكلون لوحدهم ثلث إجمالي السجناء، فرضوا خياراتهم من خلال المطالبة بامتيازات لا يخولها لهم القانون. وحينما يتعامل الحراس بمرونة معهم بمنحهم امتيازا مؤقتاً، يعتبره المعتقلون، مكسبا حقوقيا، وبالتالي يدخل الطرفان في نزاع إداري، حيث يصبح الحارس ومعه باقي موظفي الادارة متهمين بالاجهاز على حقوق، وينظر اليهم المجتمع وكأنهم هم المدانون. وعزا الراضي "الفوضى السائدة" في بعض المؤسسات السجنية، الى نقص في عدد الحراس، حيث لا يتجاوز 5 آلاف و500 حارس، بمعدل حارس واحد لأحد عشر سجينا، في الوقت الذي تتحدث فيه المعايير الدولية عن ضرورة وجود حارس لكل ثلاثة سجناء، مشيراً إلى أن ظاهرة الاعتقال الاحتياطي، ساهمت في رفع عدد السجناء الى نحو 57 ألف سجين، مما يتطلب معه توظيف 6 آلاف حارس جديد، وبناء مؤسسات سجنية إضافية، ورفع المخصصات المالية المتعلقة بالتغذية والتطبيب. وروى الراضي تفاصيل عن عملية فرار السجناء التسعة، قائلا "إنهم حفروا حفرة بعمق مترين في مرحاض زنزانة، عرضها 60 سنتمترا، واستعملوا الأدوات المنزلية في عملية الحفر بالتناوب إلى أن وصلوا إلى شق نفق طوله 22 مترا، وكانوا يخفون التراب في أكياس دقيق، حصلوا عليها بطريقتهم الخاصة، ووضعوا تلك الأكياس في أماكن نومهم موزعة على أربع زنزانات، وفي الشماعات التي توضع فيها الملابس، وتم تبليط الأكياس حتى لا تظهر منتفخة. كما استمروا في تنظيف الزنازن من الأوساخ حتى لا يثيروا الانتباه. وفي ليلة الفرار، استأذنوا الحارس حتى يسمح لهم بالمبيت في زنزانتين متقابلتين، رغم أن القانون يمنع ذلك، وفي اليوم الموالي لم يعثر لهم على أثر". وأكد الراضي أن ما جرى يدفع إلى وضع جملة من الأسئلة: لماذا لم يفتش الحراس الزنزانات باستمرار؟ هل كان هناك تواطؤ إداري، أم تواطؤ من قبل سجناء آخرين، أو جهات أجنبية من خارج السجن، أم من قبل الشركة التي كانت تقوم بأشغال صيانة في السابق؟ مشيرا الى أن هذه الاسئلة هي موضوع بحث عميق. وأضاف أن وزارته أخبرت المصالح الأمنية لوضع حواجز وتشديد المراقبة. وتم الاستماع الى جميع السجناء، وعائلات الفارين، والمسؤولين الاداريين عن السجن، ووزعت صور الفارين على وسائل الاعلام. وتم إخطار الادعاء العام لحث الشرطة القضائية والدرك الملكي والشرطة العلمية على فتح تحقيق معمق. ودعا الراضي الى الرفع من موازنة وزارة العدل لشراء آلات مراقبة متطورة، وبناء مؤسسات سجنية عصرية، تليق بالسجين، وتحفظ كرامة الحراس من سطوة بعض المعتقلين.