الحلقة الثامنة أعزائي القراء اليوم أتنهد بكم ومعكم وعليكم ، ولأجل كل من سيأتي بعدي من أجيال ممن سيواصلون عشق كرة القدم ، تلك الساحرة التي رافقت معظمنا منذ الصغر ..ولست أحتاج أن أقول لكم لماذا ألمي فهو بالذات كل من يعشق منكم الفريق الوطني المغربي لكرة القدم. أراكم جميعا تتنهدون معي لما آلت إليه حالته. طنجة المغرب 1970 بدأ العفريت يحس بأن والده لم يعد يسأله كثيرا عن واجباته المدرسية ولم يك العام الدراسي قد انتهى بعد. كما أحس أن الأب قد بات أكثر سعادة وفرح .. ولقاءات تحضيرية بالببت للإحتفال باليوم العظيم . إنها أول مشاركة للمغرب في كأس العالم سنة 1970. فرح العفريت كثيرا وهو يكتشف بأنه يشارك والده عشق نفس الفريق .. المنتخب المغربي .. وأن الأب القاسي الشرطي بالبيت والشارع والحنون كذلك عند الضرورة، إنما هو إنسان كذلك وبداخله طفل صغير ومواطن مغربي قح يعشق الكرة ويتمنى الفوز لبلده. انتبه العفريت إلى مدى التقدير الذي كان والده يكنه للآعبي الفريق الوطني يومها من أمثال باموس و بوجمعة والغزواني وحمان وعلال وغيررهم ممن وقفوا وقد عاهدوا الله والوطن والشعب بأنهم سيستميتون دفاعا عن شرف كرة القدم المغربية والإفريقية والعربية. 3 يونيو 1970 المكان : منزل العفريت ، حي بال فلوري بمدينة طنجة كان العفريت يحمل العلم المغربي وهو يطوف مع زمرة من أبناء حي دشار جديد و الزبالة وبال فلوري وموستارخوش ، وكلها أحياء كانت في سائر الأيام أحياء متطاحنة متحاربة وكم راكمت في تاريخها من داحس وغبراء. كانوا يركدون وهم يصيحون أطفالا وشبابا وكهولا - Viva.. Viva.. Marruecos ... البي ألابا أبي بومبا المغرب المغرب المغرب را را را كان الجمع يكرر العبارة بنشيط وموسيقى فيها خليط من لغة الإسبان وتشجيعهم لفرقهم المحلية ولم لم يك من أهل طنجة في تلك الأيام الخوالي يعشق الريال أولا والبارصا ثانية بالإضافة لمنتخب المغرب . يومها لم يك لأهل طنجة أي إهتمام بالفرق الوطنية لا لشيء سوى لأن مدينتهم عرفت ولسنوات مسلسل تهميش وإقصاء فيه الكثير من التجني. كان العفريت بينهم يجري ويصرخ .. Marruecos ...Viva Viva البي ألابا أبي بومبا المغرب المغرب المغرب را را را إقتربوا من حي دشار جديد فانضم محمد وإدريس وهم من أبناء أعمام العفريت .. انصهرت قلوب الصغار والكبار في صياح وبهجة وهم يتوافدون على القلة قليلة من المقاهي التي كانت يومها قد أدخلت جهاز التلفزيون .. كما تزاحم العشرات منهم في بيوت كان بها تلفازوكانت أبوابها مفتوحة لكل المارة فالحدث لم يك حصرا على البعض دون الآخر. فاليوم كان يحمل إسم الوطن وقد كان من حظ العفريت أن والده كان يعشق كل أنواع التكنولوجيا فكان بيته جهاز تلفاز قديم ملبس بالخشب المدهون باللون البني الفاتح وكان نوعه فليبس ، إقتطع الأب سعره من بضع مآت الدراهم التي كان يتقاضاها كل شهر. صاحبه إلى البيت ما لا يقل عن 10 أطفال من أبناء الحي وبينهم بعض الأقارب.كان صراخ الصغار يملأ فضاء وغابات بال فلوري .. Marruecos ... Viva Viva البي ألابا أبي بومبا المغرب المغرب المغرب را را را انطلقت المباراة ، لمح العفريت والده وهو يكاد يجن وهو يتطاير فرحا عندما سجل اللآعب حمان الهدف الأول لفائدة المغرب في مواجهة ألمانيا وفيها القيصر بيكنباور .. سُمع صراخ كل الأحياء المجاورة وشوهد الناس وهم يتطايرون من مقاعدهم بعد هدف المغرب الأول في تاريخ مشاركاته بكأس العالم. ما أجملها من لحظة عاشها عفريتنا ، رأى الدموع تتساقط فرحا من مقلتي أبيه .. ومن عيون كل الحاضرين ، دموع بهجة وإخلاص للوطن .. وما أحوجنا اليوم إليها. إستغل العفريت اللحظة بشكل شيطاني واقترب من أبيه وطلب منه بعض المال - أبا عطيني خمسة فرانك - هاك 100 آ ولدي يا الله .. غير بعد مني فهاد الساعة كان الأب يتحدث وعينه وعقله وجسمه وكل ملكاته منغمسة في بلورة التلفاز. . لم يصدق العفريت عيناه .. فقد أصبح يملك 100 فرانك أي درهما واحدا بالتمام والكمال .. وما أن إنتهى الشوط الأول حتى طار العفريت عند محماد البقال ..نزل عقبة بال فلوري وهو جريا لم يوقفه سوى التقاطع الكبير بين طريق المطار والعقبة . نزل درج الدكان الذي كان يقع على شكل قبو شبه أرضي وجد محماد البقال بدوره ملتصقا براديو ترانزيستور وهو يتابع الحدث العالمي الكبير. - عطيني واحد الردومة ( قنينة ) د فانتا صغيرة. - خوذ هاهي عندك تحت الثلج .. يا الله سير بحالك - والفلوس باقي ما خلصتك؟ - ارا نشوف 25 قرانك .. شنو مازال بغيتي - عطيني واحد ماروخا كاملة وخمسة دزريعة . وخمسة دلحاوة الناطا .. وجوج دبولوس دلحليب. عاد العفريت إلى البيت جريا فأجلسه الصغار في أحسن مجلس ، كيف لا وقد بات يحمل في يده كل ما لذ وطاب من الثروات وما يعشقونه من حلويات ومشروب وشوكولاته. انتهت المبارة بخسارة المغرب بإصابتين لواحدة. ارهق الألمان أنفسم لإدراك الإنتصار بمشقة كبيرة. خسارة بطعم الإنتصار بل والإنتصار الساحق لفريق بلد لم تمضي على إستقلاله سوى 14 سنة وجاء للمكسيك ليقدم ذلك العرض الرائع بأرجل رجالات مثل الغزواني وحمان وباموس وعلال رحم الله منهم الأحياء والأموات. لبس العفريت قميصه الأحمر المخطط بالأخضر وكان في الأصل لوالده فقامت جدته بقصه على مقاسه وحياكته بالإبرة .. وبات لا ينطق إلا بأسماء أبطال المغرب.. ولم يك يومها يعلم أنه سينتظر بعد ذلك 16 سنة لكي تأتي أفراح كروية جديدة للمغرب وفي المكسيك نفسها. كما لم يك يعلم أنه سيأتي يوم على فريق وطنه وهو يجرجر أذياله مثل الخرفان على يد أفقر وأصغر وأضعف الفرق الإفريقية . لم يك العفريت يومها يفهم أن الحاضر ومهما كان جميلا سيظل المستقبل أهم منه وأجمل فهو ذلك المجهول الذي نؤثث كل ركن فيه داخل ذواتنا بحثا عن ملاذ. انتفض والده وهو يصرخ .. - ما شفتوشي واحد 100 دلفرنك طاحت مني ؟ - آهي عاود ؟؟!! ( اجابت الجدة ) 100 دفرانك أولدي .. ماشي عطيتيها للعايل ملي كنت كنتفرج فالبارتيدو د لكرة - آ إيه بصاح أيما . عيطلو ؟ !! فاين هو .. !؟؟ آجي آداك العفريت فان نتينا ؟!! - ها أنا شيني ؟ .. شيني كاين؟ .. شيني عملت .. أنا..؟ - اسكوت أنا قلتلك غير آجي ؟ باقي ما سقستكشي .. كلس جلس العفريت وهو لا يكاد يفهم معنى هذا التغير الفجائي في تصرفات أبيه . - أنا عطيتك 100 دفرنك ياك ؟ - إييه والله العظيم الله يرحم والدك أبا. - وشحال باقي منا ؟ - باقي شي 10 فرانك .. صافي - وفاين مشا الباقي .. - شريت فانتا .. ومارخا ، هاديك لي كلتي منا حتى انتينا والعزيزة ، .. والباقي فكاليينطي والزريعة والحلوة .. وصافي .. الله يرحم والديك أبا مزيانة كانت. - وشعاند دايخ .. إذن هذا هو السبب علاش دابا كرشك كتحرقك وكترد..فهمتي علاش ؟ هذا كلو بسبب ماكلة الكاليينطي والوسخ. الناس إلى شراو كيشريو حاجة مغطية. إنتهى اليوم بعقوبة صغيرة ، شفعت له فيها جدته بعد أن أصابه وجع كبير في البطن جراء خليط الحلويات والمملحات التي التهمها. مر فيصل الصيف سريعا وعاد الصغار لمدارسهم .. وكلهم مغرومون بجمع صور اللآعبين المغاربة التي يجدونها بعد أكلهم لحلوى العلكة الحمراء. بدات السنة بمذاق جديد .. مذاق الإنخراط في مسار الرياضة العالمية. سمع العفريت يومها حديثا لأحد المعلمين مع والده وهما يعددان مزايا ما حققه المنتخب الوطني في المكسيك وكيف أشرقت كرة القدم الإفريقية من المغرب. - إلي دابا هادو عملو لي عملوه .. شيني ما نشوفو ف 74 . - الله الله ماشيكونوا زادوا تمرنوا .. المهم الخير باقي ماجي أودي آ السي محمد. - الله يعاونهم والله إلا فرجونا وشرفوا بنا - أنا منتوقع المغرب ماشي يكون فحال البرازيل من دابا 4 سنين .. ياك حتى هما عاندوم الفقر ؟ وبنادم بطالي ؟ - دابا نشوفو .. !!!! ؟؟؟؟ لكنها كانت مجرد أضغاث أحلام .. وتحية خالصة من العفريت اليوم وإلى كل من السادة : علاوي أحمد – باموس – بوجمعة – شكري مصطفى بيتشو – دحان حميد – الفيلالي – الخيطي عبد القادر – فضيلي جمال – أحمد فراس - سعيد غاندي – غزواني موهوب – هزاز محمد – حمان – بن قصو علال – خنوسي مولاي إدريس – عبد الله – معروفي – سليماني قاسم شكرا على متابعتكم وإلى اللقاء في الحلقة القادمة للتواصل مع الكاتب عبر الفايس بوك الموقع الإلكتروني