نشرت جريدة أخبار الخليج خبرا بالصفحة الأولى في يوم الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429 ه الموافق 1 ابريل 2008 م عن الحكم على الدكتورة هدى الابنة الكبرى للرئيس الراحل جمال عبدالناصر بدفع تعويض 100 ألف جنيه مصري (18300 دولار) للسيدة رقية الابنة الكبرى للرئيس الراحل محمد انور السادات بسبب حملة اتهامات متبادلة بينهما بسبب سؤال الدكتورة هدى عن مقولة نسبت إليها بقولها «السادات قتل ابويا «فاجابت« نعم. لقد ساورتني هذه الشكوك لأنه كان الإنسان الوحيد الذي رافق أبي في الأيام الخمسة الأخيرة (السابقة) على الوفاة« في مقابلة نشرتها مجلة روز اليوسف وتداولها كثير من الصحف والمجلات فلجاءت رقية الى محكمة الجنايات لأن ادعاءات هدى ألحقت بها وبعائلتها أضرارا نفسية ومادية وطعنا في وطنية والدها ولكن المحكمة رفضت الدعوى واعتبرتها غير قانونية وحكمت ببراءة هدى فأقامت رقية دعوى اخرى أمام محكمة شمال القاهرة المدنية التي اعتبرت تصريحات هدى فعلا ضارة تستوجب المسئولية لأنها تفتقر الى دليل. "" تناقلت القنوات الفضائية الخبر وتنافس بعضها في إعداد حلقات عن الشوائع التي رافقت وفاة ناصر للإثارة خاصة عند حلول ذكرى وفاته يوم 28 سبتمبر1970 ومنها حلقة من برنامج اختراق الذي يقدمه الصحفي المصري عمرو الليثي اسبوعيا على القناة الثانية المصرية والفضائية الرسمية في ذكرى وفاته. تابعت بعض المقابلات الصحفية والتلفزيونية عن وفاة ناصر من معارفه والمحيطين به وآخرين ادعوا معرفة خفايا الامور لقربهم ودورهم وتأثيرهم ومعارضتهم لناصر ولكن المتابع لهذه المقابلات يعلم ان اغلبها مبالغ في أحداثها ووقائعها وانها اعدت للإثارة واستقطاب متفرجين للقنوات الفضائية وفي اعتقادي ان السادات بريء من الشوائع والتهم بأن المخابرات الأمريكية جندته لديها منذ سنة 1966 وانه قتل او ساهم بقتل عبدالناصر بالسم او بطريقة اخرى وهناك ثلاثة اسئلة مهمة هي: لماذا اثارة الحادثة الآن؟ ولماذا الصمت طوال 38 عاما؟ ومن المستفيد من الاتهامات المتبادلة؟ اتهام هدى السادات بقتل والدها من دون إثبات ودليل ليس بالأمر البسيط او الهين لأنه موضوع خطر واثار تساؤلات عديدة ومس عائلتها وعائلة السادات واجهزة ووزارات واشخاصا في المخابرات المصرية وحرس واطباء ناصر ومنهم الطبيب المعروف الصاوي حبيب وطبيب روسي مشهور لا اتذكر اسمه الآن وسيؤدي الى اتهام دول عربية وغربية والى طعن في كفاءة ناصر في اختيار اصحابه ومعاونيه ونوابه وعند التمعن في الأسئلة التي وجهت الى هدى او الآخرين عن موت ناصر يشعر المتابع للأسئلة انها استدراج مما جعلها ترد «أشعر بأنه مات قتيلا ! وعند سؤالها مرة أخرى ومن قتله؟ فردت: حال قتله سيكون قاتله السادات«. تعرض ناصر الى محاولات عديدة لاغتياله منها اغتيالات حقيقية وملفقة وتعددت الاقوال عن مصادر تخطيطها وتمويلها من قبل مصريين، عرب، سوفييت، امريكان، انجليز، فرنسيين، اسرائيليين ولكن واجهتهم مشكلة صعبة للضغط والتهديد او التخلص منه لأنه ذو شخصية جذابة وقوية وقيادية ومسيطرة (كاريزما) واثار شعورا قوميا عند المصريين والعرب وشعوب دول العالم الثالث التي كانت تحت الاحتلال او في طريقها نحو الاستقلال كما اثار غضب مخالفيه من بعض الدول العربية والغربية فقد اثار اعجاب اغلبهم ورغم الخلافات من مؤيد او معارض لسياسته الداخلية والاقليمية والخارجية خاصة الصراع العربي الاسرائيلي وتأميم قناة السويس ومحاولة توحيد الدول العربية وفرض نظام اشتراكي فانه كان رجلا بلا رذائل نحو المال والنساء والحفلات وملذات الحياة مما صعب عليهم استغلاله او استغلال معاونيه او المحيطين به او اغتياله وكان من الصعوبة مقاومة افكاره واتجاهاته لأنها مبنية على كرامة وعزة وشموخ وعدم تنازل جعلت اغلب الشعوب العربية وغيرها تعتبره تجسيدا ورمزا لها. ومن محاولات اغتياله تقديم وفد لبناني تفاحا مسموما له لندرة التفاح اللبناني في مصر في ذلك الوقت ويعتبر هدية قيمة ومحاولة مدلك مصري تسميمه بمرهم مسموم اثناء تدليك رجل ناصر ولكن المخابرات المصرية نفت الحادثة وفشل طباخ يوناني يعمل في فندق النيل هيلتون جندته المخابرات البريطانية في تسميم شوربة اعتاد ناصر تناولها لكن ارتعاش يد الطباخ عند تقديم الطبق كشفه فاعترف بالمحاولة وحاولت المخابرات الأمريكية اغتياله عندما قال ايزنهاور بعد القاء عبدالناصر خطابا حماسيا قائلا: الا يوجد احد يستطيع ان يجعل هذا الرجل يصمت؟ فأصدر دالاس وزير الخارجية تعليماته إلى جهاز المخابرات بالتخطيط لاغتيال ناصر وعندما طلبوا إلى ايزنهاور التوقيع على خطة الاغتيال لكنه بخلفيته العسكرية رفض وقال «ليته كان معنا والمشكلة انه ضدنا ولكن ليس إلى درجة الاغتيال« وهناك محاولة جماعة الاخوان المسلمين التي نفت قيادتها علمها او موافقتها على اغتيال ناصر باطلاق 8 رصاصات في 26 أكتوبر 1954 اثناء خطابه في ميدان المنشية في الاسكندرية ولكنه واصل الخطاب متحديا اطلاق الرصاص وقال: فليبق كل في مكانه انني حي لم امت ولو مت كل واحد منكم هو جمال عبدالناصر ولن تسقط الراية. كشفت صحيفة الشرق الاوسط في فبراير 2005 عن وثيقة بريطانية بعد مرور 30 عاما على كتابتها في 1974 من قبل القنصل البريطاني في المغرب وذكر تورط اشخاص في اعطاء ناصر علاجا يتضمن الاكسجين خلال رحلته الى موسكو سنة 1970 وهم موقنون بوفاته خلال 3 اشهر وهذا ادعاء غير صحيح لأن العلاج بالاكسجين كان معروفا قبل وفاته ولم يكن من الاسرار وكان الروس متقدمين في استخدام خيمة الاكسجين لعلاج رواد الفضاء بعد عودتهم من رحلات الفضاء وكذلك للمرضى الذين في حاجة إلى مساعدتهم على التنفس ولو اعطي الاكسجين بكمية اكثر من احتياج ناصر او المريض قد تفجر الرئة وتتلف خلايا المخ وتظهر على المريض اعراضها في الحال ولا داعي للانتظار والقول ان المريض سيموت بعد 3 اشهر هناك اقوال عديدة عن وفاة ناصر بعضها منطقي وبعضها غير منطقي ولكن لابد من الالمام التام بظروف ناصر الصحية والنفسية وظروف مصر الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية بسبب استمرار الحرب والتضحية بشباب مصر في ظروف قاسية لا يمكن إهمالها وتأثيرها فيه ومعرفته أن الدول الكبرى لن تسمح له بهزيمة اسرائيل مهما كان الثمن وسأذكر قولا متداولا منذ مدة قد يكون صحيحا وهو ان ناصر استخدم حقنة الانسولين قبل حضوره مأدبة غداء ولكن تطورات القتال في الاردن حتمت على ناصر والحضور الاستمرار في الاجتماعات التي انتهت بوقف القتال وتوديع ناصر جميع الضيوف في المطار وأدى عدم تناول الطعام بعد حقنة الانسولين الى هبوط حاد في مستوى السكر واضطراب في القلب مما جعل الطاقم الطبي عند وصولهم الى بيت ناصر يعتقدون انها نوبة قلبية وليس هبوطا في السكر وكان من الممكن اسعاف ناصر باعطائه قطعة سكر بدل التركيز في تنشيط القلب ولكن هناك صعوبة بقبولها لأن الأطباء الذين باشروا في اسعاف ناصر معروفون ولا يمكن الطعن في وطنيتهم وخبرتهم وإلمامهم الكامل بحالته ومرضه بالقلب والسكر وتصلب الشرايين ومضاعفات كثرة تدخين ناصر قبل اقلاعه عنه والضغوط العملية والنفسية واحساسه بمسؤولية هزيمة حزيران 1967 واستمرار القتال بين الأشقاء في الأردن وقرب انتهاء فترة وقف اطلاق النار بين مصر واسرائيل بعد حرب استنزاف مجيدة لم يسلط عليها الضوء الكافي لان خلال هذه الحرب كانت اسرائيل هي التي تطلب وتلح لإيقاف اطلاق النار وكانت اسرائيل ترد بارسال طائراتها لقصف مناطق غير محمية في عمق الأراضي المصرية وليس لها اهمية استراتيجية وعدم مواجهة القوات المصرية في قناة السويس لأن ناصر استطاع بناء اعظم واقوى حائط صواريخ في ذلك الوقت وكان هناك انزال وارسال قوات مصرية تمكث اياما في سيناء وجعلت الجنود الاسرائيلين لا يستطيعون الخروج من المخابئ. كانت هناك ضغوط داخلية وخارجية عربية وعالمية سوفيتية وامريكية واوروبية على ناصر لاستمرار وقف اطلاق النار والدخول في مباحثات لإنهاء الحرب وكان وليم روجرز وزير خارجية الولاياتالمتحدةالامريكية يطلب بالحاح من ناصر قبول مبادرته التي اقترنت باسمه وارسل السفير يارنج وفي المقابل كانت هناك ضغوط ومزايدات حماسية شرسة وشخصية ضد ناصر من بعض اذاعات دول عربية ثورية لم تستمر في الحرب ومنظمات فلسطينية ومازلت اذكر بعض البيانات الاذاعية خلال دراستي الطيران في مصر خلال حرب الاستنزاف ورؤيتي الاستعدادات الحربية وتدريب زملائي المصريين على الطيران وإلحاقهم بالقوات الجوية المصرية وسماعي صفارات الانذار والغارات الجوية والهجوم على جزيرة شدوان وأفتخر بكون مدربي النقيب طيار هاني جلال هو قائد الطائرة المدنية المصرية المخطوفة إلى مالطا في سنة .1985 الشوائع او الادعاءات لن تتوقف عن ناصر او غيره وهو ليس اول او آخر شخص واجهته هذه الاقوال والتاريخ به كثير منها كوفاة نابليون بونابرت بسم الزرنيخ وانفجار منطاد هندنبرغ الالماني الشهير وتحطم طائرتي عبدالسلام عارف وضياء الحق ولكن نقول قدر الله وما شاء فعل.