اعتبر محمد باسكال حيلوط، الناشط العلماني الفرنسي من أصل مغربي، أن الجدل الدائر بخصوص قضية الغزيوي نهاري قد يُفرز بعض الإيجابيات التي من بينها "مساعدة العرب والمسلمين على الخروج من زمن القحط الفكري، وتكرار أفكار مملة مليئة بالنفاق". وزاد حيلوط، في مقال توصلت به هسبريس، بأن الغزيوي ونهاري يعلمان أن المجتمع المغربي ككل المجتمعات البشرية يمارس الجنس بنسب مختلفة داخل وخارج مؤسسة الزواج، نتيجة ارتفاع نسبة العزوبية والعنوسة بين الشباب. وبالنسبة لحيلوط فإن المشكلة الرئيسة تكمن في النفاق "لأننا نعلم أشياء كثيرة ولكننا نحاول ألا نفصح بها علانية"، قبل أن يردف بأنه "لا أحد من بني البشر يقبل ممارسة أمه أو أخته للعهارة، ومع ذلك لا بد من الإقرار بالحرية الجنسية لكل فرد من أفراد مجتمعاتنا"، وفق تعبير الكاتب. وفي ما يلي مقال محمد باسكال حيلوط كما توصلت به هسبريس: الزوبعة التي أثارتها ما يعرف اليوم بقضية الحرية الجنسية لأمهاتنا وأخواتنا وبناتنا أو قضية الغزوي النهاري، ربما تنذر بأمطار قد تكون رحمة للعرب وللمسلمين، وربما قد تساعدهم على الخروج من زمن القحط الفكري والمضغ التكراري لأفكار أصبحت مملة، ملؤها النفاق والمراوغة الفكرية لتجنب الموضوع وصلبه وترك المشكلة (أو الكرة) بين أيدي التابعين، لأن السلف مازال جبانا ومتخوفا من ظله ومن مواجهة نفسه لنفسه. لن يتم الخروج من أزمنة رديئة، على ما أظن، إلا في حالة ما إذا تحلينا باحترام أنفسنا، ثم فضلنا اختيار الصدق التام والشفافية التامة التي لا تدع مجالا للتحايل الفكري الذي لا ينتج عنه، كما نعلم، سوى سوء التفاهم، ثم التصادم والعناد في ساحات مواجهة جانبية لا جدوى منها. علينا، أولا، الإقرار بأن كلا من الغزوي والنهاري يعلمان كل العلم أنهما مطوقان بمجتمع إنساني ككل المجتمعات البشرية، وأن المجتمع المغربي بكل أعضائه، المؤمنين منهم وغير المؤمنين، يمارس الجنس بنسب مختلفة داخل وخارج مؤسسة الزواج خاصة، وأنهما الاثنان يعلمان كل العلم أن سن الزواج للشبان والشابات قد تطاول في العقود الأربعة المنصرمة؛ إذ لم يعد أحد يتزوج في سن الرابعة عشر من عمره، أي بمجرد بلوغه الجنسي العادي والطبيعي المعروف بسن الحلم. وكل من الغزوي والنهاري، أبيا أم كرها، يعلمان كل العلم أن بناتنا وأبناءنا يلجئون لممارسات جنسية قبل الزواج، وذلك من أوجه عدة من بينها ما يسمى بالعادة السرية أو الكف أو "الخامسة" بالدارجة المغربية. وساء أحب الغزوي والنهاري أم كرها، فإنه ليس بإمكان أحد أن يحد من هاته الحرية الفردية، ولن يغير رأي الغزوي ولن تغير شبه فتوى النهاري بشأن الديوث معطيات الحياة الأساسية في شيء. أما أخواتنا وأمهاتنا فنعلم كل العلم أنهن اليوم بالمغرب، وبكل أنحاء العالم العربي وغير العربي، يعشن كذلك أزمان ترمل طويلة، وأن الجنس والرغبة إليه لا يهدأ كلية مع التقدم في السن، وأن أمهاتنا وأخواتنا ككل بني البشر في حاجة إلى ممارسة الجنس بين آونة وأخرى، بوجه أو بآخر، وأننا لا نجرؤ على تصور ذلك لأننا نتمنى أن تكون أمهاتنا وأخواتنا أشبه ما يكون بالملائكة التي، على ما يبدو، لا فرج لهن ولا حاجة لهن إلى ممارسة الجنس والإنجاب، مما أدى ربما لاندثارها التدريجي في العقود الأخيرة. إضافة إلى هذا نعلم كل العلم أن وسائل منع الحمل قد غيرت الأوضاع بشكل جذري بالبلاد العربية الإسلامية كما غيرتها بكل مجتمعات البرية. هاته هي المشكلة الأساسية التي تراود فكرنا المنافق وتقلقه لأننا نعلم أشياء كثيرة، ولكننا نحاول ألا نفصح بها علانية، تمنيا منا أن تبقى الأمور مستورة طالما لم نتحدث عنها. فهيهات هيهات. عوض أن يتطرق كل من الغزيوي والنهاري إلى هذا المشكل ذي الحل السهل، فإنهما يتجابهان في مشكل جانبي مفروغ منه: هل يقبل أحدنا بعهارة بنته أو أخته أو أمه؟ الجواب معروف عند الغزيوي وعند النهاري: لا أحد من بني البشر يقبل ذلك ومع ذلك لا يسع أحدنا سوى الإقرار بالحرية الجنسية لكل فرد من أفراد مجتمعاتنا، أبينا أم كرهنا، لأن ممارسة الجنس هي أساس وجودنا هنا لمخاطبة أحدنا الآخر. الجنس والحرية من أفضل وأطيب النعم، فهلا مارسناهما بكل احترام لأنفسنا وللآخرين، وخاصة للطفل أو الطفلة اللذان قد ننتجهما عبر تلك الممارسة الثلاثية، وليس الجوجية (جوج = 2) فحسب. والغريب في هذا الأمر أن لا أحد يتحدث عن الحرية الجنسية للذكور من أبناءنا وإخواننا وآباءنا. أتعلمون لماذا؟ .. ليست لهم أرحام نابضة بالحياة والتي من شأنها أن تكشف عن ممارساتهم للجنس خارج مؤسسة الزواج.