إلى غبار ينقشع بصوت الحق في المغرب وخارجه تحية تليق بكم وبأساتذتكم وأتباعكم هنا وهناك . وبعد : " لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الاتجاه "، من هذا المنطلق سأرد على من عنون مقاله ب " غبار بن لادن " على جريدة هسبريس الالكترونية ، لا حبا في ردود الأفعال ، ولا طمعا في شهرة يسهل الوصول إليها بمجرد أن يسلك طالبها مسلك " خالف تعرف " ، ولكن حبا في تحقيق الحق ، وأملا في إرساء مركب الكلام بشاطئ الحقيقة التي يصبو إليها كل حر وعاقل ونبيل . فأقول بعد الاستعانة بالعلي القدير ، إن من قال لنا بأنه يعبد الله ، ونعبد " أسامة " والقاعدة وتطرفها وارتكاباتها ، قد وقع في خطإ جسيم لطالما نهى عنه غيره ، ألا وهو التكفير ، فحين يقول أحد ما بأنه يعبد الله وبأن غيره يعبد " بن لادن " فهو يتهمه بقصد أو بغير قصد بالكفر ويخرجه بهكذا اتهام عن الملة ، والعاقل الحر الشهم لا يأمر بخلق لا يأتيه ولا ينهى عن خلق ويأتيه ، حتى لا ينطبق عليه قول العرب " رمتني بدائها وانسلت " . لقد علمنا دين الإسلام أن التطرف تخلف ، وأن الانحراف زيغ وضلال ، وأمرنا أن نبحث في قواميس البشرية عن أحسن العبارات وأرقاها وأجملها وأعذبها لمجادلة من يخالفنا الرأي ، حتى وإن كانوا من أشد " الخوارج " تعصبا وتعنتا ، وبين لنا أن قتل نفس واحدة هو قتل للبشرية جمعاء ، ودعانا لما يحيي النفوس والعقول ، وحرم علينا ترويع المسلمين وغيرهم ، ووضح لنا أن الفتاوى صغيرها وكبيرها لا يتصدر لها إلا من كان جهبذا نحريرا في العلم والفقه بمختلف ميادينه وشعبه ، ففهمنا كما فهم أجدادنا وآباؤنا بأنه دين وسطية واعتدال ، ومن قال فيه وفي معتنقيه غير ذلك فإنما هو ناقم يلقي الكلام على عواهنه ، وغاشم يهرف بما لا يعرف ، كما هو حال بعض المتحاملين على المسلمين هنا في هذا الوطن . لا نفقه في لغة الشتم والسب حرفا ، ولا نجهر بالسوء من القول ، ولا ندعو إلى سوء الفعل ، لأن التورع عن ذلك واجتنابه من تعاليم الإسلام وروحه وسماحته ، ونبتسم للدنيا ومن فيها ، ونعتبر ذلك صدقة نتقرب بها إلى الله عز وجل ، ونعرف كيف تبتدئ الحياة وكيف تنتهي ، ونطرح على أنفسنا صباح مساء أسئلة البداية والوظيفة والنهاية ، ونردد عن اقتناع وطواعية قول العارفين بأن من لم يطرح على نفسه سؤال البداية ( كيف وجِدت أو من أوجدني ) وسؤال الوظيفة ( لماذا أنا موجود أو ماهي مهمتي في الحياة ) وسؤال النهاية ( ما نهايتي أو ما مصيري بعد الموت إما الجنة وإما النار )، هو إما مختل عقليا أو مريض نفسيا ، ... ولكل من يرى أن لذة الحياة لا تحلو إلا بحرية جسدية تقدس العورة ، أقول أنظر هداني الله وإياك للإجابة الصحيحة عن الأسئلة أعلاه وقل لي بربك أأنت مختل عقليا أم مريض نفسيا ؟؟؟ نرتعد خوفا ورعبا وهلعا من كل صارخ بالآيات والأحاديث المحذرة من عذاب جهنم ، ونرى في كل مرتعد من التحذير فطرة سليمة لم تنصر ولم تهود ولم تمجس ولم تغرّب ولم تغير، فنفرح ولا نأمن من مكر الله ، ونسأله حسن الخاتمة ، ولا ندعي أن أعمالنا ستدخلنا الجنة ، ولا نستصغر رحمة الله ، ولا نستخف بعقابه الشديد ، ولا نستدل بآيات وعده وننسى آيات وعيده لعلمنا أن ذلك من تلبيس إبليس ، ... وما أدرى البئيس بتلبيس إبليس ؟؟؟ ترومون إغواءنا كما أغوى إبليس من أتته الآيات فانسلخ عنها وأخلد إلى الأرض فاتبع هواه فأصبح مثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ، وتضعون الكلام المقدس الذي أتانا من الله سبحانه وتعالى في المكان الذي لا يليق به ، وتحرفون الآيات عن مواضعها ، وتزيغون بها عن مقاصدها ، وتدّعون أنكم تفهمون المساحات الكبرى التي تركها لنا ربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم من أجل الاجتهاد و الاجتهاد ثم الاجتهاد، وتنسون عمدا أنه لا اجتهاد مع وجود نص قطعي الثبوت والدلالة ، وتحيدون عن الحق حينما تخندقون الدين في المسجد ، وتجانبون الصواب حين لا تعرفون بأن الإسلام كما مجد العقل وكفل له حرية التفكير ، مجد النقل الصحيح ودعانا للعض عليه بالنواجذ ، لأنه من الله وما كان من الله يستحيل أن يخالف الفطرة الإنسانية ... وستر الجسد فطرة في الإنسانْ ، لن يزيغ عنها إلا شاذ خوّانْ ، أو ديوث جبانْ ... هذا ما تعارف عليه الفاهمون للسنة والقرآنْ ... فعلام الجحود والنكرانْ ؟؟؟ من الخطإ القول بأننا نحس بالقوة ، بل على العكس من ذلك فنحن ضعفاء وأسوأ حالات الضعف بادية علينا ، وأنين ضعفنا يسمعه القاصي والداني ، وكيف لا يسمع واللحية " النبوية " والحجاب " القرآني " يجابهان بتهمة الإرهاب وينعتان بالتطرف والتخلف على لسان دعاة " الحرية المشوهة " ، ولأجل ذلك نحس بالضعف في وطن " الإستثناء " ، ونشعر بالغبطة تجاه من دانت لهم الأمور في غير البلاد ، لأنهم حولوا الحرية من أحلام تراود المخيلات إلى واقع حي تضرب به الأمثال ، وما سمعنا عن تلك البلدان تكفيرا يسود بين مواطنيها ، ولا رأينا علما يرفع في أطوار ثوراتها يلخص الحرية في جسد وعورة . نبتسم لابتسامة الشعوب الإسلامية لأننا منهم ، ولأن سنة المختار صلوات ربي وسلامه عليه تدعونا للإهتمام بالمسلمين أينما كانوا ، وتحثنا على الفرح لانتصار المستضعفين على الطغاة والمستبدين بغض النظر عن ديانتهم أو لغتهم أو جنسهم ، ونمني أنفسنا بيوم يأتي فيه على المغرب نسيم من الديموقراطية الحقيقية التي تفعل فعلها في كل مكان من الوطن ، ونبستم أكثر منكم ، ونحن نؤمن بعد الله سبحانه وبعد النبي الكريم أفضل الصلوات والسلام عليه ، بأن هذا البلد العظيم الذي نحيا تحت ظله. نعرفه قادرا على حمايتنا منكم، ومن جهلكم، ومن تعسفكم ومن غلوكم وتأخركم ، ومن كل الترهات والخزعبلات التي تروجونها آناء الليل وأطراف النهار ، لأنه بلد يستمد نوره من نور الله ، ويقتبس قوته ومكانته من رحاب ورياض شريعة الرحمان حتى وإن اجتمعت عليه شياطين الإنس والجن لتحيد به عن السير وفق ما جاء به الله ووفق ما جاب به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد يقتل الجهل الجهلة ، وقد يفعل بصاحبه مالا يفعله العدو بعدوه ، ومن الجهل تفتيت الحرية وحصرها فيما بين الفخذين ، ومن سوء الجهل إدعاء امتلاك الحقيقة ، وإن الجهل أكبر الجهل ادعاء انهزام الحق أمام الباطل ، لأن التاريخ والعقل أثبتا أن الباطل لا يدوم إلا ساعة ، وأن الحق باق إلى قيام الساعة ، والستر والحشمة والحياء والاستتار عند الابتلاء حق ، وضد هذه الأمور وغيرها من الخصال الحميدة باطل عقلا وشرعا وعرفا وقانونا ، ومن يرى عكس ذلك فليسأل الصبي والصغير قبل الكبير عن الأفضلية بين ما ذكرنا من خصال وصفات وبين ما يدعو له أصحاب الحرية الجسدية من أقوال أو أفعال ، أو فليعمل العقل والخاطر لاكتشاف الفروق بين الإنسان والحيوان في مسألة " حرية الجسد " ، ولينظر أيهما أنقى وأرقى وأقرب للفطرة السليمة والعقيدة القويمة وليتخذه سبيلا ومنهاجا . احتكار الدين جريمة ، والإصرار على الغي والضلال جريمة يرتكبها الإنسان في حق نفسه المولودة على الفطرة ، وتصدير الغي والضلال إلى المسلمين جريمة أخطر وأبشع ، والتشويش على معتقدات الناس في بلد الإسلام ممن رضع أصول الدين وفروعه من أثداء الحرائر المسلمات عار على المشوش قبل المشوش عليه وعقوق قبيح للحرائر المسلمات ، والانتقاص من علماء يشهد لهم المخالفون قبل العارفين بهم بقوة علمهم ورجاحة عقلهم ، سوء تربية ، وغرور ما بعده غرور ، وإجحاف في حق حرية الفكر والمعتقد ، ولا ينطبق على من تبنى هكذا انتقاص إلا قول الشاعر : هل يضر البحر أمسى زاخرا = أن رمى فيه سفيه بحجر نعتقد أن القوة لا تقتضي كثرة الكم ولا تنوع الكيف ، بل القوة الحقيقية حسب اعتقاد المسلمين تكمن في مدى تمسك المرء بإيمانه ومدى سعيه لتقوية الصلة بخالقه وكذا مدى تشبته بما اتفق عليه مجتمعه الذي يعيش بين ظهرانيه من عادات وأعراف وتقاليد وثقافات خاصة إذا اتفقت مع العقل والنقل ، ونعتقد أن كل مغربية وكل مغربي قادران لوحدهما على مواجهة كل ما من شأنه أن يسقطهما في براثين الفساد وغياهب الانحلال الأخلاقي ، ونعتقد أن دعاة الإباحية والحرية الجنسية وماجاورهما من دعاة الإفطار في رمضان والاعتراف بما لا يقبله دين ولا يستسيغه عقل ولا يرتضيه حر كريم ولا يتعايش معه شريف عفيف مهما زينوا وجملوا ورقعوا مشاريعهم فلن يسطع لها نجم في سماء المغرب لأن المغرب وببسيط العبارة شعبه شعب مسلم يدرك على اختلاف لهجاته وتنوع ثقافاته أن ما ينفع الناس يمكث في الأرض وأن الزبد يذهب جفاء ، ودعاوى أهل الحرية الجسدية زبد في زبد لا يرتضيه والد أو ولد لهذا البلد . تدعون شيئا وتفعلون شيئا آخر، تقولون إنكم تدافعون عن الحرية وعن المجتمع ، لكنكم " تقزمون " الحرية وتبخسونها حقها ، وتشتمون المجتمع بأقبح الشتائم لأن جله أو الغالبية العظمى منه تغرد خارج سربكم ، وما مقال " غبار بن لادن " إلا خير مثال ودليل على تخبطكم وخبطكم خبط عشواء في كل الجهات ، والطامة الكبرى أنكم تتخيلون أنفسكم تقدميين وحداثيين ومتنورين ، وترمون من خالفكم الرأي بالرجعية والظلامية والعدمية وغير ذلك من النعوت التي لا تليق بأن تصدر ممن يعتبر نفسه تقدميا وحداثيا ومتنورا ، ونتصوركم كمغاربة أنكم مغاربة حادوا عن سكة الصواب ، لم يعرفوا إلى أين هم سائرون ، فهداهم الجهل إلى أن يضعوا على رؤوسهم تيجانا من الزجاج الهش والرديئ ، ومع ذلك نسأل الله لنا ولكم الهداية . نعم هذا البلد أكبر منكم بكثير. هذا البلد أعظم من أن يعبد غبار بن لادن ، وأعظم من أن يعبد عورة وسوأة . هذا البلد يعبد الواحد القهار، وحده دون من سواه. سيحوا في الأرض، إبحثوا لكم عن بلد آخر، بلد سهل الاختراق ، يكون قابلا لما تدعون إليه . أما هنا يا كاتب " غبار بن لادن " فأنتم لا تفلحون ولن تفلحوا في إقناع أصغر طفل بالتصفيق لكم ... انتهى الكلام وإن عدتم عدنا وجعلنا بقوة الحق وصدق الحرف كلامكم عليكم مردودا . http://www.goulha.com