قرر اليوم (!!) عقد جلسة لمحاكمة الداعية عبد الله نهاري، وستكون الجلسة برئاسة القاضي أبو رغال، للبث في الدعوة التي رفعتها جريدة الأحداث في شخص رئيس تحريرها المختار لغزيوي، متهمة نهاري بإهدار دم رئيس تحريرها. وسأحكي لك أيها القارئ الكريم هذه المحاكمة بطريقة منتقاة؛ حتى تكون على بينة بتفاصيلها ومجرياتها.. محكمة، بدأت الجلسة.. القاضي أبو رغال يسأل المختار: لماذا تدعي أن عبد الله نهاري هدر دمك؟ المختار: إنها "قراءة" علمانية لكلمة شرعية ألقاها نهاري بطريقة وحشية، فخفت على نفسي من الدموية، فادعيت أنه أهدر دمي، ثم جيشنا الوسائل الإعلامية، على رأسها أمنا في الرضاع القناة الثانية، فطبخنا له طبخة لن يقوم بعدها بأي مشاركة دعوية.. أحد أعضاء هيئة دفاع نهاري بصوت مرتفع: ما هذا سيدي القاضي إنه يوجه مجرى حكمكم؟!! القاضي أبو رغال: هدوء هدوء، المشتكي فقط يعبر عن رأيه، إننا في دولة تحترم الحريات، دعونا ننتهي من هذه المحاكمة.. أبو رغال يسأل نهاري: سيد نهاري، شهدت الوسائل الإعلامية، وصرحت العديد من الجهات الحقوقية، وتكلم عدد من أصحاب الفكرة الحداثوية، وأدانوك بأنك أصدرت (فتوى دينية)، تهدر فيها دم رئيس تحرير جريدة الأحداث المغربية، فماذا تقول في هذه القضية؟ نهاري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والص.. انتفض كل من في القاعة إلا قليلا منهم وهم يصرخون: ما هذا سيدي القاضي إنه استعمال للدين بشكل بشع، إنه يريد استمالة القلوب، ويريد تبرير إرهابه بتوظيف خطبه، عليه أن يمنع من ذلك.. القاضي أبو رغال: سيد نهاري من فضلك ادخل في الموضوع مباشرة.. نهاري بعدما أخذ نفسا عميقا: سيدي القاضي لقد استمعت كما استمع كل منصف وكل غيور إلى حوار تلفزي قال فيه متهمي، أنه من دعاة الحرية الجنسية، وأنه من حق أي إنسان أن يمارس الجنس مع المرأة، دون قيود شرعية أو قانونية، وأننا في المغرب صرنا نمارس الكذب على الذات لأن ممارساتنا لا تتعايش مع قوانيننا..، ولم يكن هنا يتكلم على النفاق الذي نمارسه في كوننا ندعي أننا دولة الحق والقانون وفي المقابل الحقوق ضائعة؛ والقوانين لا تطبق، أو هو في معرض الكلام على أننا نناشد العدالة والعيش الكريم وفي المقابل نجد أن القائمين على هذا الشأن والدعاة له هم أول من يخرق دعاويهم ويخالفها.. لا سيدي القاضي، بل هو يطالب بإلغاء فصل من فصول القانون الجنائي الذي يجرم الرذيلة ويمنع إقامة الزنا بين رجل وامرأة، وفي لحظة سألته المذيعة وهو في غمرة الحماس لدعوته لشيوع الجنس واستحلال الزنا، وهل ترضى ذلك لأختك؟ فما كان منه إلا أن قال: أنه يرضى لأمه وأخته وابنته أن يمارسوا حريتهم كيفما شاؤوا، والسياق حول الممارسة الجنسية، أي أنه لن يمانع أن تزني قريباته تلك.. سيدي القاضي في كلمتي التي جرتني إلى هنا وأنا بين أيديكم الآن لم أهدر فيها دم هذا السفيه (سفيه لأنه أزرى بكل المغاربة الشرفاء وبأعراضهم بدعوته تلك)، لأني لست قاضيا ينتظر مني أن أحكم عليه. وسيكون من الحمق والجنون أن يتكلم قاض بمثل ما قلت، فتقوم الشرطة بأخذ المدعى عليه إلى المقصلة، وتقوم بجز رأسه.. ثم حتى من منطلق أني أتكلم كداعية موجِّه؛ لم أهدر دمه، وإذا فهم هذا من كلامي، فينبغي علينا معشر المسلمين أن نترك ترداد جل آيات القرآن الكريم والسنة النبوية، لأن هناك من سيفهم الكثير من كلام الله عز وجل ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أننا بترداده هدرنا دماء الناس، وأحللنا أموالهم، واستبحنا أعراضهم.. سيدي القاضي إنكم تحاكمونني بصفتي داعية وهو شأن ديني، يتحمل المجلس العلمي الأعلى ذي الحنكة في فهم الألفاظ الشرعية الحكم على كلمتي؛ وهل هي فتوى لإهدار دم هذا السفيه، أم لا تعدو كونها كلام تحذير من دعوته الباطلة وأن من تلبس بفكرة قبول الفاحشة لأهله فهو ديوث بنص أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.. القاضي أبو رغال: يكفي، يكفي ما قلت، ونحن الآن نحاسبك كونك مواطنا مسؤولا عن كلامه، وكلامك يحمل الكراهية ويحرض على العنف، وقد ظهر لي أن لا أعطي الكلمة للدفاع فالأمر محسوم واضح، ولا يحتاج كثير أخذ وردّ، لأن خرجاتك السابقة سيد نهاري هي مسيرة لنتيجة حتمية ستسمعها حين صدور الحكم.. (رفع الجلسة للتشاور حول الحكم) بعد عودته للنطق بالحكم، القاضي أبو رغال: حكمت المحكمة حضوريا على المتهم عبد الله نهاري بسبب تهمة ترويجه خطاب الحقد والكراهية والدعوة إلى العنف وإهدار دم رئيس تحرير جريدة الأحداث السيد المختار الغزيوي، بالإعدام مع الاحتفاظ بأمعائه لاستخدامها في شنق كل من سولت له نفسه استخدام نفس الخطاب، وحتى تستريح الأمة المغربية من دعاة الظلام الحريصين على تذكرينا دائما بأحكام صارت بالية في زمن حقوق الإنسان وتقديس المواثيق الدولية. بعد هذه المحاكمة طبلت وزمرت وسائل الإعلام العلمانية لانتصار الخيار العلماني على الخطاب الشرعي الإسلامي، ودخل المغرب في مرحلة محاكم التفتيش مع الدعاة والخطباء والعلماء.. فاللهم ألطف بهذا البلد.