تواظب الفنّانة التشكيليّة كريمة الجوعادي على التواجد بالفضاء المكاني الذي اشتهرت بمكوثها فيه وسط المدينة القديمة لأصيلة، متسلّحة بريشاتها وأصباغها وكذا رِجْليْها المعوّضين ليَدَيْها في التعبير الإبداعيّ.. فيما تمدّ لوحاتها على طول الزقاق الذي يغدو معرضا تشكيليّا في الهواء الطلق. هي في ال34 من العمر، سنوات أفلحت خلالها كريمة في تخطّى وضعيّة الإعاقة التي ولدت وسطها بقصر حركيّ ناجم عن اختلال خَلقيّ ومتركّز على طرفيها العلويّين.. إذ تستطيع ذات التشكيليّة حاليا استعمال قدميها بتمكّن معوّض لوظائف الأيادي في عدد من العمليّات من بينها الرسم. "فقدت الثقة في الإعلام بعدما عجز عن إثارة الانتباه لمحنتي.. لقد توسّطت، دون جدوى، عددا كبيرا من الموادّ الصحفيّة المكتوبة والسمعيّة البصريّة.. فغدوت منتوجا للفرجة عوض خلق الاهتمام بوضعيّ المحتاج إلى التفاتة فنيّة واجتماعيّة" تورد كريمة قبل أن تسترسل: "لا أريد إلاّ دفعة فنّية تمكّنني من ترويج أعمال التشكيليّة بالمغرب وخارجه.. وأرى بأنّ الملك محمّد السادس هو القادر على الوقوف بجانبي بعد أن سدّت كافّة السبل أمامي". المارقون أمام الجوعاديّ وهي تنتج لوحاتها بالشارع لا يمكن أن يمنعوا أنفسهم من خطف النظر لطريقتها الفريدة في الرسم.. في حين ألفت كريمة هذا الوضع لدرجة اعتبارها الأمر "خالقا للمتعة الفنّيّة وتعريفا بالتشكيل"، إلاّ أن نفس الشابّة أوردت لهسبريس بأنّها لا تحتمل نظرات العطف التي يبديها البعض.. "لا أحتاج للعطف بقدر ما أرغب في دعم عملي الجدّي الذي يضاهي إلى حدّ كبير مجهود فنّانين عالميّين". وتقرّ ذات التشكيليّة بتوفّرها على مدخول ماليّ "غير كاف" يبلغ في قيمته الشهريّة 1400 درهم هي مردود مأذونيّة سيّارة أجرة استفادت منها اعتبارا لكونها ذات احتياجات خَاصّة.. وتردف: "هو مال قليل أنفقه بالكامل كواجب كراء، فيما بيع لوحاتي لم يتخطّ ال3000 درهم عن لوحات أخذت منّي شهورا كثيرة من العمل". وترى كريمة الجوعاني بأنّ المسؤولين الحكوميّين قادرون على دعم بصماتها الفنيّة في حال "توفر إرادة".. وتزيد الفنّانة أن الدولة "غير مطالبة بتوفير المردود المالي لمن لا يبذلون أي مجهود، فيما تغيب المبرّرات عن غياب مساندتها للمبادرات الفرديّة والجماعيّة الجادّة بكافّة المجالات".