كشفت التصريحات الأخيرة للنائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي وما صاحبتها من متابعة إعلامية وسخب سياسي من قبل المتضررين من فضح ظاهرة نهب المال العام ( وليس هدر المال العام) بالإدارات العمومية من قبل عدد من الموظفين السامين في هرم الدولة والذين يتلقون تعويضات مالية من دون حق لمجرد كونهم مسؤولين في وزارة بعينها. وما أقدم عليه النائب البرلماني ومن بعده الصحافة الوطنية إنما هو تأكيد لواقع أو وقائع تحدث عنها الرأي العام الوطني من دون أن تتوفر لديه الأدلة والإثباتات، وظل المتتبع حينها يتداول روايات غير موثقة وغير مثبتتة وظلت جلها بمثابة التهم اللاأخلاقية والتي لايحق رمي الناس بها، وأنه من اللامسؤولية أن نرمي الناس بتهم لادليل لنا عليها، والانتقال من وضع من لايملك دليلا إلى امتلاك ووثائق تثبت ذلك تفرض مسؤولية جسيمة على عاتق الفاعلين السياسيين والجمعويين والحققوقين المنادين بتطهير التدبير العمومي من الفساد، ولعل أولى المسؤوليات الذهاب في النضال من أجل حماية المال العام إلى أبعد الحدود. ولذلك في نظري حماية لهذا النقاش من أي محاولة للتحريف، وتلافيا لما أن حدث لنفس النائب وحزبه حين حرفت مواجهته للتزوير الفاضح للانتخابات الجماعية 2009 وتشكيل مكاتبها، (في نظري) مطلوب المسارعة إلى عدد من الإجراءات الحامية لمسار المعركة التي بادر إلى تأجيج شرارتها النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي: ومن ذلك: 1) الحرص على أن لاتتحول المعركة الحالية التي أطلقها عبد العزيز أفتاتي من معركة النضال من أجل حماية المال العام من النهب "شبه المشروع" إلى مجرد اتهام لمسؤول سابق في دواليب الدولة ومن المرجح أن يعاد إلى واجهة المسؤولية في أقرب وقت، بمعنى نحن أمام تحدي استرجاع مصداقية تدبير الشأن العام والتي هي نتاج مصداقية أشخاصها المكلفين بالمسؤوليات العامة، ولذلك فمطالبة النائب البرلماني بالاعتذار هو أحد أوجه استمرارية العبث بدل أن يقدم فيها المتهم اعتذاره للشعب، بل لو كنا في بلد أكثر ديمقراطية لقدم وزير المالية السابق استقالته من حزبه أو أقيل من قيادته أو على الأقل اختفى من المسرح العام. 2) الحرص لأن لاتتحول القضية إلى مجرد معركة بين النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي وزعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو ما يمكن أن يستشف من خلال سعي بعض القوى السياسية وجزء من الجسم الصحفي إلى اعتبار الأمر صراع بين العدالة والتنمية وخصمهم السياسي.بل في تقديري هذا المسار يحاول حتى بعض من قادة العدالة والتنمية الدفع به من خلال المسارعة إلى تقديم الاعتذارات لحزب الأحرار واعتبار تصريح أفتاتي مجرد زلة من زلات الرجل،.والواقع أن القضية مرتبطة بحرمة الاقتراب من المال العام من دون حق وبشكل غير مشروع، وعلى الخصوص من قبل من يتولون حمايته وصرفه في الوجوه المخصص لها. 3) الحرص من أجل إطلاق حركة وطنية للمطالبة باسترجاع المال المنهوب والمال الذي صرف في غير الوجوه التي خصص لها، إن على مستوى الإدارات المركزية ومصالحها الخارجية والولايات والعمالات و المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وأن تشكل هذه الحركة آلية شعبية لمراقبة مظاهر الفساد المالي بالمؤسسات الرسمية، وان تكون المواقع الاجتماعية منطلقا لهذه الحركة، ولم لا أن يكون النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي رئيسا شرفيا لهذه الحركة الحقوقية الحامية لأموال الشعب، بل لم لا يبادر هو نفسه لإطلاق هذه الحركة لتنسيق جهود الأفراد والمنظمات الشعبية الساعية لنفس الغاية والوجهة ، وأن نحول هذا النقاش من مجرد تفعل عفوي سياسي وإعلامي إلى حركة شعبية واعدة أحد أهم مداخلها لحماية المال العام محاكمة المتطاولين على المال العام من دون سند قانوني والمطالبة باسترجاع هذه الأموال مهما قلت أو كثرت، والسعي من أجل سن التشريعات الحامية للأموال العمومية من الهدر والنهب والعبث بها.