في الوقت الذي نستنكر فيه الحالة التي وصلت إليها المستويات المتدنية من التحصيل العلمي والمعرفي عند التلاميذ والطلبة، نغفل عن أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك؛ وعلى رأسها السياسة التي تنخرط فيها مجموعة من الفعاليات لتتفيه وتسفيه الشباب المغربي. ففي قمة التحضيرات والاستعدادات للامتحانات يهجم مهرجان موازين بمنصاته على مدينتي الرباط وسلا، ويستقدم إليه مغنيات ومغنون عالميون يستقطبون الفتيان والفتيات من جميع أقطار المغرب، ورغم الاستنكار الديني والنخبوي والذي صار في السنوات الأخيرة استنكارا شعبيا لهذا المهرجان، فإن الجهات القائمة عليه لا تزداد إلا إمعانا في تسفيه وتتفيه المستفيدين من لياليه الصاخبة..؛ والنتيجة أن 52,6% رسبوا في امتحانات البكالوريا في السنة الماضية!! ومن أفظع مراكز صناعة انحراف الشباب: المراقص والعلب الليلة؛ التي تبقى إلى حد الساعة بعيدة عن حسابات قطاعات التربية ووزارة الداخلية؛ وإن كانت الأضواء فيها أحيانا تعمي الأبصار، وميازيب الخمور فيها لا تنضب، مع سلوكات منحرفة وأخرى يندى لها الجبين. وقد تصفحت موقعا يسمى "casabouge " وآخر يسمى "Agadir Fiesta"، وهما موقعين يضمان ملصقات عديدة لحفلات وأيام من الرقص المبتذل والموسيقى الصاخبة، تحييها مجموعات مغربية وأخرى أجنبية، ويقبل عليها شباب وفتيات مغاربة وأجانب أيضا. وعند الاطلاع على الصور المنشورة في الموقعين لسهرات المستفيدين من أنشطة الرقص والموسيقى كان الهول أعظم، وهذه بعض الملاحظات: - رقص خليع على أنغام موسيقى صاخبة.. - فتيان وفتيات يموج بعضهم في بعض بأجساد متلاصقة شبه عارية.. - كؤوس الخمر يحملها العديد من المصوَّرين، ووضع قارورات الخمر في متناول الجميع.. - تعاطي الدخان والمخدرات حتى من طرف الفتيات.. - لباس وتسريحات الشعر لمجموعات الهيب هوب.. - توظيف علامة "سيتانيك" (عبدة الشيطان) للتعبير عن الانتماء.. - وضعيات تصوير مغرية جنسيا، بل حتى الشذوذ والسحاق يظهر بارزا في بعضها.. - الفتيات يصورن وهن غير آبهات بعواقب تلك الصور على شرفهن وسمعة عائلتهن، وهو ما يبين مدى الاستهتار بالقيم الدينية والأخلاق الفاضلة، عند هذه الفئة المستغربة من شباب المغرب.. - وجود عدد من القاصرين والقاصرات.. وأما في موقع أكادير فالتنشيط يتم فوق اليخوت على البحر. ومع وجود الأجانب -بحكم أن المدينة سياحية- فمناظر العري والفحش والعهر تزداد، حيث تنزع الملابس عند السباحة، ويموج المغاربة في الغرباء، مكونين نموذجا لتلاقح الأجسام، وتبادل الفسق والفجور.. كل هذا يقع في خرق لقوانين البلد وللأحكام الشرعية قبل ذلك، ولا يمنع من قبل وزارة الداخلية، وهي المكلفة بالحفاظ على السلامة والأمن الجسدي والروحي للمغاربة، وعلى حماية الفتيات والقاصرين من السلوكيات الشاذة والمنحرفة!! فالعلم بما يجري في هذه العلب والمراقص، مع غض الطرف عنه، يعتبر تحاملا على قيم وأخلاق ومستقبل الأجيال التي نريد منها أن تواصل نهضة مغربنا الحبيب؛ إضافة إلى ما يكلف الانحراف السلوكي الدولة من خسائر على مستوى الصحة والمؤسسة السجنية وغيرهما.. ثم أليس من العيب أن تغلق دور القرآن، التي تعلم القرآن والسنة وتحمي الشباب من براثين هذه السلوكيات المنحرفة، ويمكَّنُ لهذه العلب والمراقص التي هي حرب معلنة بكل تجلياتها على القيم والثوابت والأمن الروحي للمغاربة!! وعليه فليس غريبا أن نصل إلى هذا المستوى المنحدر في مجال التربية والتعليم، وتلامذتنا وشبابنا يغرف القيم والمفاهيم من كؤوس الخمر، وجيد الراقصات، وعري الغواني، وفي الأخير النتيجة رسوب أزيد من ربع مليون تلميذ في امتحانات الباكلوريا.. وفي الختام نطالب المسؤولين في وزارة الداخلية أن يقوموا بواجبهم في التصدي لهذا الفساد، والعلب الليلية المنتشرة في ربوع المملكة والتي يتم فيها تعاطي الخمور والمخدرات والزنا واللواط والسحاق وغير ذلك بشكل علني، وتفسد قطاعا واسعا من جيل الغد؛ وهو الشباب الذي ننتظر منه أن يرفع قاطرة التنمية. [email protected] * كاتب في جريدة السبيل