هل يمكن أن نتصور رجلا ناجحا دون أن تكون المرأة سندا له تقف إلى جانبه في لحظات قوته و ضعفه ؟ وهل يمكن أن نتخيل مغربا ممكنا دون أن تلعب المرأة دورها كاملا ؟ لا يمكن طبعا ففي كل معارك الحياة تكون المرأة هي العماد و الأساس , و المرأة المغربية كانت كذلك , منذ القدم كانت دوما إلى جانب الرجل لاتقل شأنا عنه , و في كل حروب الذوذ عن الحمى كانت المغربية باصمة كل معركة ولا داعي للبحث عن أمثلة بعيدة كل البعد و أمامنا إحدى المعارك المهمة في التاريخ المغربي : بوكافر سنة 1933 حيث كانت المرأة لا تسعف الجرحى أو توزع المؤونة فقط بل كانت أيضا تتأبط البنادق وتصوب الطلقات بلا خوف ولا تردد , بينما كان بعض النساء يحملن أوان بها حناء يلطخن به ظهور كل رجل تراجع عن المعركة فكان ذلك محفزا على المواجهة وعائقا أمام كل نزوة خوف انتابت أي مجاهد أرهبه زئير الطلقات وأنى للرصاص أن يرهب أسدا تؤازره لبؤة. و إذا كنا نعرف أن المرأة غالبا ما تجنح للسلم و تميل بطبعها إلى السكينة فإن المرأة المغربية في هذه المعركة لم تكن كذلك بل عندما كان الرجال يتفاوضون على "الصلح" و الإستسلام أمام الجيش الفرنسي الذي لم يرحم عجوزا ولم يرأف من حال دابة , كانت المرأة تصر كل اصرار على القتال إلى آخر نفس و استرخصت حياتها على ألا تتذوق طعم الأسر و الذل . و أنشدت إحدى المشاركات حينها : ( لِيغْ كْ نُولْيْ بُوكَافرأَهَا النْبِي إِزْوَارْغْ لِيغْ كْ نْكْزْ بوكافر أَهَا نْبِي نْزْريتِينْ ) أي : عندما صعدنا إلى جبل بوكافر( لمقاتلة المستعمر) كان النبي (ص) يتقدمنا , و عندما نزلنا ( استسلمنا)تركنا النبي (ص) في قمة الجبل, بل ذكرت بعض المصادر التاريخية أن النساء كن يشتمن قائد المعركة لأنه قَبِل الهدنة "" لكن كيف كوفئت المرأة في هذه المعركة جزاء مواقفها الشجاعة فقد كان أهم البنود في"ميثاق" الهدنة الذي وقعه الطرف المغربي المتمثل في قبائل أيت عطا مع المستعمر الفرنسي قلت أهم البنود يتركز على المرأة حيث لم تتفاوض هذه القبائل على المناصب والسلط و إنما اشترطوا ألا تجبر المرأة على حضور الإحتفالات الرسمية و ألا يرغمن على الرقص في المناسبات التي يقيمها القياد و ألا يحضرن الإستقبالات التي تقيمها السلطة لأنهم كانوا يرون في المرأة الشرف و الحياة و الوجود وكل شيء وما أذل الحياة عندما يستبيح الأغراب حرمة الأخت و الأم و الحبيبة حقا بئس الحياة. يلزمنا من حين لآخر أن نعود إلى تاريخ هؤلاء الرجال إنهم أجدادنا و دمهم ما يزال يسري في عروقنا لعلنا نستقي منهم عبرا أو نتلق منهم دروسا , فرغم كل الشواهد التي حصل عليها الكثير من مسؤولينا في المدارس الفرنسية و الأمريكية فإنهم يحتاجون إلى دورات تكوينية في تقدير المرأة و احترامها. و إن اقتصرت في هذا النموذج على معركة بوكافر فلا شك أن كل المعارك التي خاضها المغاربة في كل أطراف المغرب كانت للذود عن الوطن و المرأة هي جزء من الوطن بل الوطن كله لذلك تراهم يقولون (الراجل كايموت على ولادو ولا على بلادو) . ألم نرث غيرة هؤلاء الرجال ؟ ألم يتسرب إلى جيناتنا و لو النزر القليل من حبهم للمرأة و تقديرهم لها ؟ فما بالنا نسترخصها و ندفع بها للمواخير في دول الخليج بل في علب و مراقص اسرائيل ؟ لو كانت نتائج هذا العهر تقتصر على هذه الشرذمة من النساء لاستسلمنا لدعاة " الحداثة و التحرر" و قلنا معهم أن جسدها ملك لها تبيعه بالجملة أو بالتقسيط هي حرة لكن نتائج الوضع ندفع ثمنها جميعا , و نقتطعها من سمعة المغربية التي لا نرضى أن تلوك سيرتها الألسن. و إذا كانت المغربية لم تترك مجالا إلا و بصمته و لم تدع بابا إلا و طرقته فهي الطبيبة و المحامية , المعلمة و مربية الأجيال , المخترعة و الفلاحة وكل المهن الشريفة فإن هناك من يعمل في السر و العلانية ليجعل منها ماركة عالمية في العهرو قبل أيام تلقيت رسالة من مواطن مغربي يقيم بدولة الإمارات يتأسف للتزايد المهول للنساء يحملن الجنسية المغربية يمتهن الدعارة لكسب قوتهن اليومي مما يسبب له الكثير من الحرج غيرة منه على بنات بلده , وليس بعض المغربيات فقط من يحترف أقدم مهنة في التاريخ بل الجميع يعرف أن دول أخرى لا يقوى المنتوج المغربي على منافستها في هذا الميدان و ذلك بسب الفقر و تردي الأوضاع المعيشية دون أن نغفل الجانب الأخلاقي و الإجتماعي فهناك من لا يجد حرجا في أن تظل أخته ترفع رجليها طول الليل في سبيل أن يعيش هو "مرفوع الرأس" يتباهى بإرتدائه لآخر صيحات الموضة و يستعمل آخر الأجهزة. ألا يستدعي الأمر نقاشا وطنيا للبحث عن حلول واقعية لهذه الأزمة حلولا لا تأخد البعد الأخلاقي فقط بل تتعداه لتشمل البعد الإجتماعي و الإقتصادي عبر توفير الشغل لإعادة إدماج هذه المرأة في المجتمع من جديد . ثم أليس حريا بالمنظمات النسائية و كل الجمعيات التي تهتم بالمرأة أن تأخد المبادرة لأن شبكات الدعارة هي التي تستغل المرأة أبشع استغلال ؟ أوليس هذا عنفا ضد المرأة أيضا؟ أعتقد أن المجتمع المغربي أفرادا و جمعيات و أحزابا و دولة الكل معني بهذا المشكل العويص , الدولة مطالبة بتوفير الخبز و الكرامة لهذه الفئة من النساء و المجتمع المدني مطالب بالمساهمة في ذلك لأن ليس سمعة المرأة المغربية ما يهمنا فقط , بل المغربية كلها , لأننا نعزها . www.mimoune.c.la