طرح الدكتور عمر الكتاني، الخبير في الاقتصاد الإسلامي، ثلاث سيناريوهات محتملة تؤطر مستقبل المصارف الإسلامية بالمغرب، الأول وهو الأسوأ والأقرب إلى فشل التجربة يتلخص في أن تُسفر المفاوضات بين الحكومة وبنك المغرب إلى إنتاج قانون للمصارف يقنن بشكل كبير صلاحياته، ويجعل البنوك التقليدية هي الوحيدة المتحكمة في إنشاء فروع لها ذات طابع إسلامي، مما قد يعيد تجربة "دار الصفاء" بشكل جديد ومضمون قديم"، وفق تعبير أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط. واستطرد الكتاني، الذي كان يتحدث مساء الأربعاء 30 مايو الجاري في محاضرة حضرتها هسبريس بعنوان "مستقبل المصارف الإسلامية بالمغرب" ونظمتها العائلة الكتانية العلمية في كلية الآداب بالرباط، بأن السيناريو الثاني المُتوقع يتجلى في أن تستطيع الحكومة الحفاظ على تحرر المصارف الإسلامية من قبضة البنوك التقليدية بعدم فرض شروط تعجيزية لإنشاء مصارف إسلامية من طرف رجال الأعمال المغربية، وهو السيناريو الأقل سوء على حد قول الكتاني. ومضى الخبير الاقتصادي ليقول إن السيناريو الثالث، وهو أكثر طموحا، يتمثل في عدم الاكتفاء بإنشاء بنوك إسلامية محدودة الإمكانات، حيث يمكن أن يتجه المغرب إلى استغلال الظرفية التاريخية الدولية الحالية لإنشاء مركز مالي دولي إسلامي في الدارالبيضاء. وبدا الكتاني حذرا من إمكانية تسريع الحكومة بإخراج قانون لإنشاء مصارف إسلامية في البلاد، حيث قال في تصريح مقتضب لهسبريس إن السيناريوهات التي طرحها خلال محاضرته لمستقبل البنوك الإسلامية في المغرب قد تختلف في مضامينها وتوجهاتها، لكنها تتفق في أمر واحد يتعلق بكونها جميعها تخضع للقرار السياسي أكثر من أي شيء آخر. ولفت الكتاني إلى العوامل التي تجعل الظرفية الراهنة ذات طابع إيجابي لإنشاء مركز إسلامي دولي في المغرب، ومن ذلك الوضع الجغرافي الذي يميز البلاد لكون شمال إفريقيا تعرف فراغا في مجال المصارف الإسلامية، فضلا عن الأزمة العالمية التي برهنت على قوة النظام المالي الإسلامي، ثم ظروف الربيع العربي التي حملت الإسلاميين إلى السلطة في أكثر من بلد عربي، مشيرا أيضا إلى العلاقة المتميزة التي تجمع بين المغرب ودول الخليج. وشدد الكتاني على أن لوبيا قويا يقف وراء الأبناك الربوية لا يملك أدنى استعداد لقبول المنافسة من لدن المصارف الإسلامية، مردفا أن هذه الأبناك التقليدية تخشى من أن تسحب المصارف الإسلامية البساط من تحت رجليها، ولافتا إلى أن هذا التصور خاطئ تماما لأنه يمكن التعيش بين النمطين معا مثل ما يحدث فبي بعض البلاد العربية دون حدوث أدنى تعارض. وعرج خبير الاقتصاد الإسلامي، في المحاضرة ذاتها، على شركة "دار الصفا" التي يرى البعض بأنها تقدم تمويلات بديلة أو إسلامية، حيث قال إن أرباحها عالية وخدماتها مُكلفة، فضلا عن وجود حساسية إزاء هذه الكُلفة وحول الماهية الشرعية لهذه التمويلات لكونها تشوبها بعض الشكوك.