في أجواء احتفالية رائعة لم نكن نشاهدها إلا في أعرق البطولات الأوروبية وأمريكا اللاتينية توج ليلة أمس الإثنين فريق المغرب التطواني بطلا للدوري المغربي عن جدارة واستحقاق . تتويج ساهم فيه بقدر كبير مدرب مغربي وإطار وطني كاد أن يطويه النسيان قبل أن يتداركه مسؤولو فريق الحمامة البيضاء الذين لم يخنهم حدسهم وتقديرهم بأن هذا الرجل عبقري في مجال تخصصه ، يملك من مقومات المدرب الكبير الذي يمكن المراهنة عليه ، ومن الحنكة والتجربة والصبر ما يجعله رجل المرحلة في تاريخ ناديهم المتعطش للألقاب والانتصارات ، فأخرجوه من غيابات التهميش والتقليل من كفاءته إلى دائرة الضوء والنجومية . ما حققه عزيز العامري ليلة أمس رفقة المُغرب التطواني يفرض علينا طرح العديد من الأسئلة الآنية والملحة . أولا حول جدوى التعاقد مع مدربين أجانب وقفوا عاجزين أمام كفاءة الإطار الوطني المغربي وقدرته على حصد لقب غالي أنفقت فرق أخرى من أجله عشرات الملايين من الدراهم ، ذهب معظمها في شكل تحويلات مالية بالعملة الصعبة إلى حسابات بنكية مفتوحة بالخارج لهؤلاء المدربين الذين وضعهم مدرب فريق تطوان في موقف لا يحسدون عليه . ما حققه هذا المدرب المتمرس وما أنجزه نظيره قائد الفريق الآخر الذي نافس التطوانيين على لقب هذا الموسم المدرب الشاب جمال السلامي يجعلنا نقف تحية واحتراما لهما معا ، وشكرهما على منحهما للجمهور المغربي الذي تابع اللقاء النهائي تسعين دقيقة من المتعة والفرجة الكروية والتنافس بأعلى قدر من الندية والروح الرياضية . واستطاعا بما ضخاه على امتداد ثلاثين دورة في شرايين كرة القدم المغربية المتصلبة من أوكسجين ودماء جديد وما زرعاه في عشب ملاعبنا وبطولتنا الوطنية من بذور الإثارة والتشويق . فشكرا لهما من أعماق قلوبنا لأنهما أعادا الاعتبار بكل ذلك للمدرب الوطني الذي يعاني في هذا البلد من الإقصاء والتهميش ومن الغبن ما يقتل ، فيما تمنح للمدرب القادم من وراء البحار أكثر من فرصة وتوضع رهن إشارته كل الإمكانيات وما يحتاجه من الوقت والصبر عليه . ولكن إلى متى كل هذا الصبر على مدربين بأسماء خادعة ولامعة جيء بهم من قبل مكاتب مسيرة فقط للتضليل والبهرجة والتغطية على عجزهم وفشلهم وفسادهم . إلى متى الصبر على هؤلاء المدربين الذين تفوق عليهم ، بما يتوفرون عليه من تجربة وسمعة دولية ، إطار وطني صبور يشتغل في صمت لم يطلب في بداية مشواره مع فريق تطوان أكثر من راتب شهري يحفظ ماء وجه المدرب المغربي ويصون كرامته . ألم يحن الوقت لتفكر مؤسساتنا التشريعية وحكومة بلادنا ، في ظل دستور جديد ينص في جوهره على الاهتمام بالمواطن المغربي وعلى العناية بالكفاءات الوطنية وإعطائها الأولوية في كل شيء ، في سن قانون يمنع الأندية المغربية من التعاقد مع مدربين أجانب مهما كانت جنسياتهم ودواعي الاستعانة بخدماتهم وقيمة أسهمهم في البورصات العالمية ، ما دام ما كنا نصبو إليه جميعا وما كنا نطمح إليه وما كنا نرجو مشاهدته في بطولتنا الوطنية حققه لنا مدربون مغاربة على رأسهم هذا الموسم وبامتياز عزيز العامري ومعه جمال السلامي وجواد الميلاني ورشيد الطاوسي وعبد الرحيم طالب واللائحة طويلة .. ماذا سنخسر إذا لم نجلب لبطولتنا مدربين أجانب . لكن في المقابل سنكسب الشيء الكثير إذا ما اعتمدنا على الإطار الوطني . على الأقل المدرب المغربي لن يكلف فرقنا كثيرا من المال ولن يرهق كاهل ميزانياتها كما هو الحال مع الإسباني فلورو بينيطو سانز مدرب الوداد البيضاوي الذي يتقاضى راتبا شهريا أقل بقليل من أربعين مليون سنتيم . وتمكن بمشقة النفس من احتلال الصف الثالث في سبورة الترتيب العام مستغلا تواضع فريق اتحاد الخميسات المنهار كليا وتعادل فريق الدفاع الجديدي مع أولمبيك آسفي في آخر جولة من بطولة هذا الموسم . أليس من الحكمة والحكامة أن يكتفي مسيرو هذا الفريق العريق بمدرب مغربي وما أكثر أبناء القلعة الحمراء من المدربين الأكفاء العاطلين عن العمل ، المنتظرين في طوابير دورهم لخدمة فريقهم ووضعه على سكة الانتصارات والأمجاد بأقل التكاليف . وبذلك الفرق بين راتب هذا وذاك يمكن لنا الاستثمار جديا في عنصرنا البشري وفي الفئات الصغرى تحديدا ، ونستطيع فتح مراكز للتلقين والتكوين وتأهيل ملاعبنا والاهتمام أكثر بلاعبينا وأطرنا التقنية والطبية والإدارية ، وبجماهيرنا المهووسة بكرة القدم والعاشقة لفرقها حد الجنون من خلال تأطيرها وتحسيسها بمخاطر الشغب ونتائجه التراجيدية . ختاما وبالعودة إلى مباراة الموسم التي جرت ليلة أمس بين الفتح الرباطي والمغرب التطواني ، لا يمكننا الحديث عن ذلك العرس الرياضي الذي تابعه ملايين العرب والمغاربة دون الحديث عن عريس تلك الليلة ، عن الهداف عبد الكريم بن هنية الذي صنع أفراح التطوانيين وخلد اسم فريقهم في سجل الفرق المتوجة بدرع البطولة . والحديث عن هذا اللاعب المتألق في هذا المقام يجرنا لإثارة مسألة أحقية اللاعب المحلي بحمل القميص الوطني والدفاع عن راية البلد . هذا ما نود أن يستوعبه البلجيكي إيريك غيريتس ويأخذه بعين الاعتبار ، وإلا فليرحل عنا هو قبل الاسباني بينيطو وباقي المدربين الفرنسيين والهولنديين ..