أكد عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في قضايا الصحراء والشؤون المغاربية، أنه من غير المنطقي إقامة دويلة على أساس المناخ، ذلك أنه لم يسبق أن كان المناخ محددا لإقامة الكيانات السياسية، ولم يحدث في أعراف العلاقات الدولية أن صُنفت الشعوب على أساس المناخ والجغرافيا، بدليل عدم وجود كيانات بشرية وسياسية مصنفة على أساس الجغرافيا والمناخ، ولذلك لا نسمع ب"شعب صحراوي" وآخر "متوسطي"... وشدد الفاتحي، في حديث لهسبريس، على أن الزعم الجزائري بوجود شعب "صحراوي" يسعى إلى تقرير مصيره مؤامرة مضللة، إذ أن تاريخ تأسيس الشعوب لم يُصَنَّفْ أبدا على أساس المناخ، وإلا لتأسست دول صحراوية في صحراء الجزائر وليبيا ومصر وغيرها من الدول التي يسود المناخ الصحراوي أطرافا منها. وقال الخبير إن الجزائر ستبقى وفية لسراب إقامة دويلة موالية لها في الجنوب المغربي، ولذلك ستواصل تأييدها لدعاية "تقرير المصير" و"شعب صحراوي" و"جمهورية صحراوية"، من دون أن يتأتى لها ذلك، لأنه بكل بساطة جهد عبثي تريده الجزائر مأساة يعيش تداعياتها سكان محاصرون في مخيمات تندوف.. وأردف المتحدث بأن الجزائر فاشلة في طموحها، لأنه من جهة يخضع لحسابات الصراع الإقليمي مع المغرب بغاية الهيمنة على المنطقة، ولأنها بلا تأثير قوي في العلاقات الدولية، وهو ما يؤهلها لفرض تصور جيوسياسي جديد في المنطقة يلقى التأييد الدولي والإقليمي، فضلا عن كونها تعيش وضعا سياسيا وأمنيا صعبا قد يهدد استقرار وأمن المنطقة. وتوقع الفاتحي بأن تستمر الجزائر في مواقفها التقليدية، لكونها لا تزال رهينة رؤية جنرالاتها، مجسدة لحالة الجمود السياسي بعد انتخابات ماي 2012 والتي كرست رؤية الحزب الوحيد؛ حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؛ كما أضافت فصلا جديدا من الاحتقان السياسي لدى الرأي العام الجزائري بما قد يقوي التيارات الإسلامية الأصولية. ومضى الفاتحي قائلا إن إصرار الجزائر على تحقيق هذا المسعى يناقض مبادئ العلاقات الدولية، ومقومات الخريطة الجيوسياسية في المنطقة المغاربية، لاسيما بعد أن وقع الرئيس الجزائري الأسبق بمراكش على اتفاقية اتحاد المغرب العربي المشكل من خمس دول، هي (المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا). ولفت المحلل إلى أن تدخل الجزائر في نزاع الصحراء مباشرة بدا جليا من خلال تأييدها لكريستوفر روس مباشرة بعد إعلان المغرب سحب الثقة منه، وذلك بالتزامن مع قرار جبهة البوليساريو، وهو ما يعيد من جديد أجواء التوتر السياسي مع المغرب. وحث الفاتحي المغرب على أن يتحلى بالكثير من رباطة الجأش في وقت أصبحت فيه الجزائر كبرميل بارود بإمكانه الانفجار في أية لحظة، بسبب تزايد نفوذ الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي المرابطة عند حدودها، وكذا لحركية السلاح الليبي في المنطقة، فضلا عن الأزمة السياسية الداخلية الملتهبة بعد انتخابات تشريعية وصفتها أغلبية القوى السياسية بالمسرحية. واستطرد الخبير بأنه على المغرب التحلي برباطة الجأش أيضا لكون المغرب كُتب عليه تاريخيا بأن يقف إلى جانب جاره، لما لذلك من تداعيات خطيرة على المنطقة والمصالح الدولية في دول الساحل الإفريقي، انطلاقا من إيمانه بدوره الحضاري والتاريخي في تاريخ المغرب الكبير، لافتا إلى أنها إكراهات موضوعية تفرض على المغرب إبقاء حضنه مفتوحا للجزائر كلما ألم بها مكروه داخلي أو خارجي.