يوم إثنين أسود، شهدت جماعة أولاد حسون حمري بضواحي بنكرير، والذي يبعد بحوالي 60 كلم عن مراكش حادثة مميتة طرفاها سيارة للنقل المدرسي، وقطار تابع للمكتب الوطني للسكك الحديدية. الحصيلة كانت ثقيلة، وثقيلة جدا: أربع قتلى و15 جريحا خمسة منهم إصابتهم خطيرة، وكل هؤلاء تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة... صبيان وصبايا أبرياء... كنا ننتظر تحركا من جهات مسؤولة، لتحميل وتحمل المسؤولية بشكل يتناسب وهول الكارثة. كلنا يعلم أن حادثة من هذا القبيل، ولربما أقل، كانت حتما ستزعزع حكومات، وتسقط رؤوسا أينعت، وهذا طبعا بدول ديموقراطية، وكانت ستفتح نقاشا مجتمعيا لتجاوز تبعات الكارثة وتفادي تكرارها. لكن لدينا نحن ماذا جرى؟؟ وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية ببن كرير أحال السائق والسائق فقط الحيط القصير على قاضي التحقيق، والتهم بضع جنح: إستهلاك المخدرات، الدخول إلى حظيرة السكك الحديدية دون إتخاذ الإحتياطات اللازمة، الجرح الخطأ والقتل الخطأ.. وإنتهينا... نحن جميعا، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننفي مسؤولية السائق المباشرة، لكن هناك جهات تتحمل أجزاء من المسؤولية، وينبغي مساءلتها في إطار تفعيل ثقافة المحاسبة، ومحاربة الإفلات من العقاب، والتي قد تعمل جهات منتخبة على شرعنتها في سابقة مخزية من نوعها. علينا أن نعلم أن التحاليل الطبية والخاصة بتعاطي الكحول والمخدرات، والتي أمرت النيابة العامة بإجرائها بمختبرين أحدهما بمراكش والآخر بالبيضاء، كانت قد إنتهت إلى أن السائق كان تحت تأثير مخدر إستهلكه قبل إقدامه على نقل 21 طفلا أو لنقل تلميذا... فالضحايا كانوا وقت الحادث تحت وصاية وزارتنا في التربية الوطنية. لنطرح السؤال: كيف يتم تكليف رجل متعاط للمخدرات بالإشراف على هذا العدد من المراهقين والشباب؟ ألم تجد الوزارة ولا نيابتها بالرحامنة غير المعني سائقا؟ أما كان على المصالح المختصة التثبت من هكذا أمور؟ ولهذا نحمل المسؤولية لوزارة التعليم ونيابتها الإقليمية بالرحامنة ونطالب بمحاسبتهما ومساءلتهما على هذا الأساس. ونتساءل من جديد: ألا يتحمل المسؤولون بقطاع النقل والتجهيز، وطبعا مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى جانبهم نصيبا من المسؤولية فيما نزل؟ ألا تستدعي هاته المسؤولية محاسبة عما جرى؟ خصوصا إذا علمنا أن السائق أو الحيط القصير أرجع أسباب الحادث إلى موقع الممر السككي قرب منعطف خطير تحيط به أشجار الصبار مما يحجب الرؤية، وأن الحادث ليس الأول ولا الوحيد في ذات الممر، بل سبقته حوادث ووفيات أخرى... ولا من يتدخل أو يحرك ساكنا. وحرِيٌّ بنا أن نعلم أن الممرات الغير المحروسة والبالغة 350 وطنيا، تشكل تهديدا يوميا لمستعمليها من مركبات وراجلين، كما أن القطارات المغربية سنة 2011 كانت طرفا في 40 حادثة، خلفت 18 قتيلا، وهو معطى لا يجب إهماله. أيضا نتساءل عن موقع السلطات المحلية والمنتخبين فيما حدث؟ وهل قام الجميع بواجبه كاملا كل في إطار مسؤولياته لحماية أرواح المواطنين؟ أو ماكان من الممكن بإجراء ات بسيطة من هذا الطرف أو ذاك أن نحول ووقوع الكارثة؟ كل هؤلاء وربما غيرهم كان من الواجب مساءلتهم، كل بقدر مسؤوليته طبعا. ورغم أننا علمنا أن آباء وأولياء الضحايا قرروا رفع دعوى قضائية ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ووزير النقل والتجهيز والمدير العام للسكك الحديدية... وفي الأخير نتقدم بتعازينا الحارة لذوي الضحايا، مرفوقة بمتمنياتنا بالشفاء للمصابين خصوصا وأن أحدهم لازال في حالة حرجة جدا، وٱخر مقبل على جراحة على مستوى عموده الفقري بقسم جراحة الأعصاب والدماغ بالمستشفى الجامعي بمراكش. [email protected]