الى السيدة مريم بنصالح رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب: هل حصنت الجرف الشاهق المحاذي لمعملك ب" تارميلات" حتى لا يتردى فيه الأطفال الأبرياء؛ كما حصل مع عزيز علي ابن أخ لي ؛سقط – وهو يسابق الريح الى عين لالة حية- من أعلى " بودروج" القاتل المرعب. لعلك تذكرين: لأن شهيد حب الطبيعة هذا وعين لالة حية بالذات ؛كان ابن رجل سلطة معروف جدا بوالماس؛ بنزاهته ونظافة يده وإخلاصه في العمل؛ وهو يحتسب لله مصابه الجلل في ابنه ؛ ولم يشتك يوما لأحد- عدا الله- ما لحقه بعد المأساة من جور إدار,من إدارته ؛ انتهى به – حيث هو اليوم- معاقبا على مواقفه الشجاعة في وجه الجشع و الظلم والجور. لم أستشره في ما سأحكي حتى لا يثنيني إيباؤه وتعففه؛ وأستسمج العائلة في تذكيرها بيوم مؤلم. وهل نسيت حتى تتذكر؟ لعلك تذكرين ؛ لأنك وجهت الى الأسرة من ينوب عنك في تقديم التعازي؛ مدير معملك بوالماس؛ وقد تجشم عناء التنقل إلى فاس للقيام بهذا الواجب؛ وقد خاطبته يومها قائلا: رحم الله الطفل عماد؛ ورجائي الآن أن تبادروا – في تارميلات- الى تسييج الجرف السحيق، حتى لا تبتلع هوته ضحية أخرى ؛ ومن يومها لم أزر والماس ولا عرفت هل تحقق رجائي. حتى والد الضحية أخي جمال الدين لملم أسرته حزنه وأثاثه ورحل الى فاس ؛ وعدا ما لقيه من مواساة الناس في والماس؛ وعلى رأسهم السيد المحجوبي أحرضان الذي ألح على أخ له أن يشارك في الجنازة ؛ لم تلتفت الإدارة المركزية الى هذا الإطار النزيه المنكوب في ابنه؛ ولم تساندهبعد هذا وهو يواجه تهميش مسؤول جهوي كبير عصفت به الحركة الأخيرة. والحكاية معروفة بل مشهورةولست مخولا للحديث فيها. كيف حدثت الفاجعة؟ لا أريد أن أكدر عليك الفرحة بفوزك المستحق؛ لكن حضور "والماس" في مسار حياتك وقد انتهى بك الى تأسيس هولدنغ اقتصادي عائلي؛ لبنة لبنة؛ جعلني بدوري, أتذكر "والماسي" وأتذكر مأساة عائلتي ؛ وذلك الهاتف المشؤوم الذي أخبرني بأن عزيزي الطفل عماد تلميذ الإعدادي النجيب مات. هوى من جرف عين لالة حية. وارعباه؛ كان بكاء الأخ بالكاد يقوى على الإجابة عن أسئلتي الباكية بدورها. قضاء وقدر نعم؛ لكنه أيضا تفريط من شركة غنية لم تنتبه الى خطورة موقعها ؛ ولم تحصن الكبار والصغار من مهالك متعددة أودت بالكثيرين ؛إما عبر الطريق ذي المنعرجات الخطيرة التي لا يقوى عليها غير سائقي المعمل المتمرسين ؛أو بالتردي من شواهق جبل " بودروج". ذات زوال من نهاية التسعينيات وفي إطار نزهة سياحية للعائلة صوب قرية تارميلات ثم النزول بعد ذلكالى منبع عين والماس؛ في غور الوادي السحيق ؛أبى الطفل عماد- وقد كان في مستهل مراهقته- الا أن يكون على رأس المشاة من الأسرة وضيوفها المبهورين بفضاء الوادي الرائع. في استجابة غريبة لقدره؛ بدا له أن يختصر المسافة ليكون السباق الى العين .لم تفلح كل النداءات لثنيه عن فكرته ؛حتى يلازم الطريق التي يسلكها كل الناس . كان واثقا من أنه يعرف ما لا يعرفه الآخرون: ممرا مختصرا عبر " بودروج" يفضي عبر التفافات خطيرة نازلة الى الوادي ثم العين. وصلت الأسرة نزولها الى العين وانشغلت ببهائها وما يحتضنها من مجرى مائي تحيط به الغابة وشواهق الجبال .انشغلت حتى عن الطفل عماد الى أن طال غيابه؛ وبدأت الريبة تحل محل السكينة، والاطمئنان الى مقدرات عماد ؛خصوصا وليست هي المرة الأولى التي ينزل فيها الى العين عبر مسلكه المفضل. نفير البحث: لما استقر اليأس في النفوس؛ وطال الغياب اخبر الوالد ؛وقد كان ينتظر الأسرة عاليا بفندق تارميلات وسرى الخبر بسرعة في القرية التي تسابق سكانها، عمالها المائيون قواتها المساعدة ودركها للبحث عن عماد. كانت الشمس على وشك الغروب والناس منتشرون في كل الاتجاهات، يبحثون مسابقين الظلام لأن الغور سحيق والغابة موحشة ولا يمكن لفتى أن يبيت بها حيا أو ميتا. حكى لي أحد الأصهار وقد كان حاضرا ؛ وهو بحس ودراية أهل البادية بأن قلبه انخلع من صدره وخفق بحدة، وهو يرى نسرا كاسرا يحوم عاليا فوق مكان ما في قاع الجرف.لم يكن هذا يعني سوى شيء واحد: في مجال البصر الحاد جثة. أما رجال الدرك فقد نبههم راعي غنم الى أن عنزاته، وهي ترعى في القاع جفلت في لحظة من اللحظات وولت مرعوبة؛ لكنه لم يهتم للأمر. فعلا كانت الجثة هناك ولم تبق عالية عالقة في القمة غير قبعة عماد .علقت في أشواك؛ اذ هوى صاحبها مخلفا الدنيا وراء ظهره. مات عماد ؛زلت قدمه وتردى من علو شاهق؛ بمحاذاة معملك بتارميلات؛ وكان يكفي مبلغ زهيد ثمنا لسياج يحصن الناس كبارا وصغارا. اكرر رجائي: لن أطالب هذه المرة بسياج فقد يكون المشكل حل منذ هذه المأساة ؛لكني تأكدت من بعض التعليقات بهسبريس أن لديك بوالماس عمالا سابقين طردوا لأسباب لا أعرفها؛ فبمناسبة فوزك ونحن نفرح به معك لأنك امرأة مقتدرة, وبنت جهتنا بل لا يزال أحد أحياء وادي الناشف يحمل اسم المرحوم والدك ؛ وبمناسبة هذه الذكرى الأليمة؛وهي قضاء من الله وقدر أرجوك أن تشيعي الفرح في أسر المطرودين من عمالك ؛ وتراجعي وضعيتهم لأن الوطن غفور رحيم ؛كما قال المرحوم الحسن الثاني؛ ولا يمكن ألا يكون معملك غفورا أيضا. نيابة عن روح الطفل عماد- في هذا اليوم- أوجه إليك هذا الرجاء.. افتتحي مسؤوليتك الجديد بالفاتة الى عمالك ؛ووقاك الله من كل شر. [email protected]