اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي        حداد وطني بفرنسا تضامنا مع ضحايا إعصار "شيدو"    "إسرائيليون" حضروا مؤتمر الأممية الاشتراكية في الرباط.. هل حلت بالمغرب عائلات أسرى الحرب أيضا؟    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    توقيف شخص بالبيضاء بشبهة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار        إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



197 عاملا مطروداً من معمل والماس

197 عائلة ولمدة 12 سنة تعيش مأساة اجتماعية قاسية، 197 من عمال والماس طردوا تعسفاً منذ سنة 2000، لأنهم فقط طالبوا بحقوق مشروعة. جاعت بطون أبنائهم وانقطعوا عن الدراسة,وهنت أجسادهم بعللها وهم يفترشون الأرض معتصمين، يقاومون في خيام من البلاستيك البرد والظلم، مات ثمانية منهم والتاسع سيرحل بعد مرض، يحصون بعيون أعياها الأسى عدد الشاحنات التي تحمل خيرات منطقتهم كل يوم وتعود للمعمل بمليار ربح يومياً، يرقبون عمالا غرباء يتمتعون بحقوق طردوا لأنهم طالبوا بها ويستفيدون من عمل حرموامنه هم وأبناؤهم . حصار يخنق أعناقهم وأسرهم ومنطقتهم، لا سوق، لا طبيب، لا نقل مدرسي ولا سيارة إسعاف، لا سكن يؤمن الاستقرار ولا عمل يضمن الكرامة، غير نحيب الأرامل ودموع أيتام عمال ماتوا بغيضهم مطرودين قبل أن تضمن 30 سنة من عملهم في معمل والماس كسرة خبز لأفواه جائعة.
عين للاحيا..
منبع الحياة والألم
وسط جبال الأطلس تنبع عين للاحيا، بحرارة تبلغ 42 درجة، غنية بالمياه المعدنية والغاز الطبيعي الذي لا يتوفر إلا في منبعين للاحيا وخروبة (لاتستخدم حالياً لكنها صالحة للاستعمال)، وهو الماء الغازي الذي يعبأ في قنينات والماس ويستخدم منه في بيبسي. اكتشفها المستعمر سنة 1935 وشيد قربها في تارميلات، معمل والماس، وربط بينهما بأنابيب طولها 2,5 كلم وهي أول عين تصل المعمل بأنابيب من جهته الغربية.
كما اكتشف المستعمر أيضاعين سيدي علي شرق المعمل، لكنها لم تستغل إلا في سنة 1979. كما استغل المعمل أيضاعين أطلس التي تبعد عنه ب 28 كلم وشرع في استغلالها سنة 2004.
المعمل إذن يستغل ثلاثة منابع طبيعية, فتحته وزارة الطاقة والمعادن والغابات في وجه المستثمر المغربي بعد خروج المستعمر، في إطار تشجيع الاستثمار المغربي من خلال شراء الأسهم التي تضخمت في يد واحدة حتى أصبحت تطول الأعناق والأرزاق.
مليار سنتيم تعبر يوميا
ً أمام أعين الجياع
المعمل ينتج مليون ونصف قارورة في اليوم كحد أدنى،ويصل معدل الربح مليار سنتيم في اليوم وأكثر في حالات الذروة، تشحن يومياً في الأيام العادية ما بين 70 و 80 شاحنة، وفي الصيف يصل عدد الشاحنات إلى 120 في اليوم، وقد بلغ إنتاج شهر 6 من عام 2011 38 مليون و 400 ألف قنينة في اليوم، محطماً بذلك الرقم القياسي مما جعل مدير الإنتاج يفوز بعلاوة قدرها 25 مليون سنتيم.
يعطي المعمل للجماعة كضريبة سنوية 7 ملايير و 800 مليون سنتيم!!! هذه الأموال المستخرجة من خيرات المنطقة تمر كل يوم أمام سكان مقهورين جياع وعمال مطرودين لمدة 12 سنة، معتصمين في خيمة البلاستيك جوار المعمل، يفترشون الحصير ويستعينوا بعلب الكرتون لصد هجمات البرد التي تتسلل من ثقوب (الميكا). شيوخ وشبان يكابدون في عناد رجال الأطلس, تفضحهم ملامحهم التي أفصحت عن أن (الموس وصل للعظم)، كما يقول المثل المغربي.
تعود قصة عمال والماس لسنة 1997 حيث أسس العمال مكتباً نقابياً (بعد مكاتب عدة,منذ1968 كان مصير أصحابها التهديد والطرد) للمطالبة بحقوقهم المتمثلة في تمكينهم من ورقة الأداء والتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي والحصول على بطاقة العمل والترسيم، لأن هناك من قضى أكثر من 40 سنة في المعمل دون ترسيم، يقول أحد العمال، »"دخلت شاباً يافعاسنة 1961 وها أنا اليوم مطرود في الشارع دون أي حق من حقوقي,8 من زملائي ماتوا وهم مطرودون، ماتوا وهم يجترون ظلمهم، تاركين أسراً لا تجد ما تسد به جوعها، ماتوا ولم ينالوا حقهم"«
بمجرد تأسيس المكتب النقابي,يحكي العمال،تم طردالعمال المنخرطين في المكتب ,ورجعوا بفضل نضالاتنا وتم فتح حوار مع الادارة وتم الاتفاق على الملف المطلي ووقع بروتوكول، لكن سرعان ما فوجئنا بصاحبة المعمل تتراجع عن الاتفاق وطردت عمالا آخرين، مما حذا بنا للدخول في إضراب مفتوح بعد اجراءات نضالية كثيرة يوم16.12.1999,حيث تدخلت القوة العمومية في رمضان مع أذان الإفطار وقوات التدخل السريع والدرك أشبعوا العمال ضرباواعتقلوا بعضهم وفرقوا الإعتصام.
أمام تجاهل الإدارة لمطالب العمال,قاموا باعتصام ثان يوم 2000.02.02ليفاجأوا بالقوات المساعدة والدرك الملكي تداهمهم في السادسة صباحا تشبثوا باعتصامهم وتشبتت القوات بتفريقهم ,وقعت مشاداة كلامية حتى فوجئوا بالحجارة تهوي من كل الأماكن, والمكان يمتلئ بكل أنواع القوات والسلاح ,تجمهر الأهالي و وقعت أحداث كبيرة جدا.
من وراء تهمة تمرد قبائل
زيان ضد النظام؟
يُجمع سكان تارميلات والعمال المعتصمين أنهم لفقت لهم تهمة التمرد بتواطؤ مكشوف بين إدارة المعمل وجهات معينة مسؤولة لقبر ملف العمال، وهو ما تبين بالملموس وما أكدته 12 سنة من الصمت على الملف والإجهاز عليه.
يحكي العمال أنهم يوم الأحداث فوجئوا بالقوة العمومية تطردهم من خيمة الاعتصام وهم متشبثون باعتصامهم، فإذا بموالين غرباء (بلطجية) تم تسخيرهم من طرف جهات معينة، يضربون الدرك والقوات المساعدة بالحجارة،" مما أعطاهم المشروعية لضربنا والإجهاز علينا، ولكي يجدوا المبرر لتدخل الدرك وقوات التدخل السريع. وقد وقعت مواجهات كبيرة تم فيها إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسلية للدموع وخراطيم المياه وطائرات الهيليكوبتر وحضرها جنرالات ثلاث والعامل الملحق للداخلية. وقع العديد من الجرحى الذين رفضوا الذهاب للمستشفى مخافة الاعتقال، وتم اعتقال 17 من العمال بمن فيهم الكاتب العام للمكتب النقابي,سجنوا لمدة ثلاثة أشهر وأطلق سراحهم بعفو ملكي شامل.
لكن معاناة العمال النقابيين بقيت مستمرة، حيث مكثوا لسنوات طويلة قيد البحث. وقد لفقت في هذه الأحداث للعمال تهم, خطيرة منها العصيان المدني التمرد تخريب ملك الغير وغيرها... وتم طرد 197 عاملا لازالوا معتصمين منذ 2000 . رفعوا عدة دعاوى إلى المحكمة قوبلت بالرفض رغم مشروعية ملفهم المطلبي الذي أصبح اليوم يشتمل على مطالب أخرى أولها الرجوع إلى العمل التعويض عن الطرد التعسفي تشغيل أبناء المنطقة تعويض المتقاعدين تعويض المتوفين لأهل الحقوق.
يقول العمال، إنه بعد 12 سنة تبين لنا أن المسرحية كانت محبوكة بين عناصر تكشفت أدوارها داخل المسرحية لتجعل منا جماعة منبوذة، متمردة حتى يسهل لهم الإجهاز علينا، هذه العناصر يقول العمال نعرفها جيداً، تستفيد من كرم صاحبة المعمل التي تخصص لهم أجراً شهرياً مقابل هذه الخدمات وإقامة مجانية في الفندق التابع للمعمل، الذي تركه المستعمر مع الاستفادة من وجبات المطعم بالمجان أيضاً، بالرغم من أن لهم مهاماً إدارية ورواتب يتقاضوها من الدولة، يظلون مرابطين في الفندق الذي أضحى مقراً تابعاً لوزارة من الوزارات المعروفة.
هؤلاء الأشخاص هم الذين كانوا وراء الأحداث ووراء نشر ادعاءات تمرد قبائل زيان ضد النظام,يقول العمال, حتى يتم نبذناوالإجهاز على قضيتنا وإقبارنا في هذا الجحيم من الفقر والتهميش والبطالة والعوز. وما جعلنا نشعر بالاستغراب هو أن ملفنا طرح في أكثر من مجال ومكان، ولم يجد طريقه للحل. وكأننا قضية مستعصية يصعب على المغرب حلها,طرحت في البرلمان، وحضر أعضاء مكتب الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مرات عديدة ونددوا بالوضع، زارتنا منظمة العمل الدولية التي طالبت وزارة الداخلية بفتح تحقيق في الموضوع وتم تجاهل الطلب، وجاء تصريح وزير الشغل في حكومة التناوب خالد عليوة,بضرورة إرجاع عمال والماس وإعطائهم كافة الحقوق ووعد الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في اتفاقية 19 محرم بإعطاء الأولوية لعمال والماس في الحوار الاجتماعي. لكن كل هذا دون جدوى!!! و حكم على العمال وعلى القرية بسنين طويلة من الحصار والفقر.
تارميلات البلدة
التي تمنح خيرها لغيرها
»"الما يجري قدامي وأنا مكوية بالنار«" أحس تارميلات تقول هكذا في نواح، هذه القرية الجميلة الجاثمة فوق جبل والمحيطة بالجبال والروابي، الغنية بالمنابع الطبيعية الهائلة التي تبعد عن والماس ب 12 كلم ولا تبعد عن الرباط إلا ب 160 كلم ,لم يشفع لها قربها هذامن أن يُسمع نواحها.
يجثم معمل و الماس على رأسها مثل (عزراين) يكتب لها يومياً شهادة وفاة. قد يعتقد كل عاقل أن معملا بهذا الحجم يحل مشكل مدينةبأكملها,وأقول كشاهدة عيان أن هذه القرية الصغيرة جداً تعيش كل أنواع الفقر المذقع والتهميش، حيث الرجال مطرودون من العمل وأبناؤهم معطلون وعاطلون, ليست في القرية مصادر أخرى للعيش، المنطقة رعوية بالأساس وليست فلاحية، اللهم بعض مزارع الخزامى والأزير التي تشغل النسوة وتلاميذ المدارس في الصيف ليساعدواأسرهم، ليست هناك أي حركة تجارية بالمرة، ثلاثة دكاكين بئيسة فقط. لا سوق أبداً، لا صناعات تقليدية، لاشيء على الإطلاق سوى مدرسة ابتدائية ومستوصف فارغ يفتح بابه أحياناً ممرض لا يجد ما يعالج به حتى السخانة). مباشرة خلف المعمل، انتشرت دور الصفيح، ليست كثيرة، يسهل احتواؤها لو توفرت الإرادة، عبارة عن أكواخ من الإسمنت والبلاستيك والقصدير في تركيبة غريبة، لقرية تجاور أغنى المعامل بالمغرب وفوق تراب أغنى الجماعات.
في الجهة الأخرى خلف هذا الحي، يبدو سكن بعض المستشارين الجماعيين, تبدو كقصور وسط التلال، على اليسار مساحة من التراب عبارة عن ملعب كرة للأطفال المغبرين وعلى اليمين أطلال مشروع ودادية سكنية، غرر بها المجلس القروي ذات سنة من سنوات الثمانينات، هؤلاء السكان البِؤساءبأنه سيقضي على سكنهم الصفيحي, أعطوه مبلغاً مالياً مما يملكون، من ذاك العهد (لا تسبيق لا ديور) من هؤلاء الأعضاء المستشارين من دخل السجن بتهمة الاختلاس ومنهم من لا يزال، كما لايزال حلم السكان قائماً مادامت هذه الأطلال قائمة على الأقل كشاهد.
من المعمل لهيه كاع راشق ليه
صدق أو لا تصدق. أن قرية تارميلات تشهد في زمن ومكان واحد,حياتين مختلفتين، اختلاف السماء والأرض، عالمان شاءت صاحبة والماس أن يكونا متناقضين حتى تلقن لكل من ينادي بالقضاء على الفوارق الطبقية أن (الكتاف ما كيتقادوش) وراء المعمل دور فخمة للعمال المميزين والأطر, شوارع نظيفة جداً، حدائق رائعة بها ملاعب الميني كولف والتنس وألعاب راقية أخرى و ملعب خاص للكرة للأطر ,مدرسة خصوصية جميلةلأبنائهم، وفندق تابع للمعمل،فيللا ضخمة للباطرونة , ثم بناية خاصة بالعمال الذين تأتي بهم من خارج المنطقة (البنتاغون) به مطبخ ومآرب أخرى , حتى أن هناك دكاكين بالداخل، لكي لا يحتاجوا شيئاً من الضفة الأخرى ولايختلطون بالعالم الآخر غير الملقح,وحتى تحكم على تجارة أهل القرية بالكساد، وهو ما حصل بالفعل.
هذا الوضع الذي خططت له صاحبة والماس وحاشيتها لفرض حصار مطبق على سكان القرية يحيلنا في خطوطه العريضة على حصار غزة.
عايننا عمال نظافة من البيضاء وآسفي وعمال من مناطق أخرى من المغرب في مختلف الوظائف ,يعيشون في البانتاغون (هكذا يسمي الأهالي سكن العمال الأنيق) بينما بمحاذاة المعمل تقتل البطالة شبانا وشابات في عمر الزهور, ممنوعون من العمل في المعمل والاستفادة من خيرات منطقتهم لأن آباؤهم في ذات يوم من سنة 2000, طالبوا بحقوق عمالية بسيطة.
تروي أرملة,يغالبها دمعها, معاناتها بعدما توفي زوجها المطرود من المعمل وتركها مع أربعة أبناء في بيت من القصدير " مات وهو يعاني لا نعرف من ماذا , لم نستطع حمله لطبيب بقي يتألم حتى مات,لم أتوفر يترك لي حتى ثمن الكفن, خرجت أشتغل في مزارع الخزامى في الصيف مابين 30 و 50درهما في اليوم,أقطع مسافة ثلاث كيلومترات على الأقدام لأوفر ثمن النقل , وباقي الأيام نعيش على صدقات المحسنين من الجيران و حالات أمد يدي للتسول ,أبنائي اليوم شباب بلا عمل ,محرومون من الدخول للمعمل لأن أبوهم من المطرودين مما ضاعف من مأساتي . تخيلت نفسي والسيدة تذرف دموعا من عيون خضراء جميلة,أنني كنت أشرب طيلة 12سنة دموع اليتامي والأرامل وعرق العمال في قنينات.
الصحة في تارميلات عليلة
في تارميلات لا يوجد طبيب ولا سيارة إسعاف ولا مستوصف بمواصفات طبية تليق بالبشر, سوى جدران بناية فارغة يفتحها ممرض في 9 صباحا ويغلقها في3 بعد الزوال إلا يوم السوق,ومن اشتد عليه الحال عليه أن يتوجه لوالماس وهناك حكاية أخرى ... في غالب الحالات يجمعون ما بقي من صبر ويقلون طاكسيات أخرى للخميسات وفي الحالات الخطيرة ما عليهم إلا التوجه للرباط, تروي خديجة معاناة أمها مع مرض السرطان و وكيف تظطر المسكينة في الحالات العصيبة التي يشتد عليها الألم أن تبقى في الطريق تنتظر الطاكسي ليقلها لوالماس ومن والماس تنتظر طاكسي آخر للخميسات والألم يشتد, ثم آخر للرباط ثم لابن سيناء,لتبدأ معاناة أخرى في البحث عن مأوى للمبيت حتى تخضع للشيميو وتقطع بهاته الحالة نفس مراحل العودة , هي الآن مازالت طريحة فراش المرض وخديجة تحبس أنفاسها مخافة أن يشتد عليها الألم ليلا, في غياب سيارة إسعاف التي تعبر ألمهم يوميا في طريقها للمعمل.
أما في حالة المخاض ,فعلى النساء في تارميلات أن يتوجعن نهارا حتى يتسنى حملهن في طاكسي, أما إذا اشتد المخاض ليلا فما عليهن إما أن يلدن على يد القابلة أو أن يرحلن للأبد,كما يرحل من يتعرض هنا للسعات الأفاعي في الجبال ,قبل الوصول للخميسات . لماذا لا تتوفر تارميلات والدواوير المجاورة لها على طبيب ؟ سيجيبنا يوما وزير للصحة في ذات حكومة.
التعليم .. 5 مستويات في قسم واحد في الابتدائي و12درهما في اليوم لمن يريد أن يتابع دراسته في الإعدادي والثانوي
تتوفر تارميلات على مجموعة مدرسية بنيت في الخمسينات منذ عهد الاستعمار,تضم العديد من الفرعيات التي تعمل بنظام الاقسام المشتركة, إما بإدماج القسم الاول والثاني او الثالث والرابع والخامس والسادس .وهناك من يدرس جميع المستويات في حجرة واحدة مما يخلف معاناة فعلا للمعلم ,كيف يتعامل مع خمسة مستويات في وقت واحد, بالفعل سيؤدي ذلك الى انخفاض في المستوى الدراسي, لأن القسم المشترك - يقول الأستاذ الراوي العياشي قيدوم المعلمين في تارميلات - متباين من حيث القدرات الدراسية ومن حيث الكتب والوسائل ومشترك في الغلاف الزمني المخصص للمادة الدراسية الواحدة, بحيث يكون لكل فئة حق استنفاد الحصة الزمنية المقررة من غير أن يكون الاهتمام بفئة على حساب أخرى , و يكون المعلم ملزما بتوزيع الزمن توزيعا عادلا مما يشكل صعوبة ويضع أمامه إكراهات كبيرة,إضافة إلى معاناة المعلمين في الفرعيات النائية وسط الجبال الذين يعيشون معاناة قاسية جدا في التنقل خاصة في فصل الشتاء.
بادرة الأمل الوحيدة في تارميلات المآسي هاته, هي إنشاْء مدرسة جماعاتية (في طور البناء) بشراكة مع نيابة التعليم بالخميسات ورئيس المجلس القروي بوالماس , ستدمج سبع مدارس, كل مدرسة تضم بين 6و7 فرعيات , حيث ساهمت الجماعة ب400 مليون سنتم . يتكلف المجلس القروي بالداخلية والنقل ووزارة التربية بالأقسام الدراسية وسكن الأساتذة ,حيث سيتمركز تلاميذ الفرعيات ?يقول مدير المدرسة السيد أحمد وهبي- في مدرسة واحدة ويسكنون في الداخلية و الاساتذة هم الذين يتنقلون ,لأن هناك من التلاميذ من يقطع 4كلومترات يوميا تحت المطر وفي البرد ليصل للمدرسة.كما سيعفى المعلمون من تدريس الأقسام المشتركة , وهذه حسنة تحسب للمجلس القروي ونيابة التعليم بالخميسات.
بعد الحصول على الشهادة الابتدائية ,تبدأ معاناة من نوع آخر, الالتحاق بوالماس على بعد 12 كلم لمتابعة الدراسة في الإعدادي والثانوي , معاناة مع النقل وكيفية تأمين 12 درهما في اليوم من طرف رب أسرة عاطل عن العمل وآفاق الشغل مسدودة أمام كل أفرادها .ومن يريد الاستغناء عن النقل يكتري غرفة بوالماس ويتحمل مصاريف الكراء والأكل أو أن يودع الدراسة للأبد كما فعل الكثيرون هنا ويلتحق بركب العاطلين في القرية.
12سنة من عطالة الأب كافية لتراكم أجيال من المنقطعين عن الدراسة والبقية تنحت عائلاتهم في الصخر لتِؤمن لهم مصروف 12 درهما ?يقول احد الشبان يتابع دراسته في السنة ثالثة باكلوريا "نضطر للعمل في حقول الخزامي في الصيف لنشتري الكتب ونوفر مصاريف كراء غرفة ,كثيرة هي الايام التي أنام فيها جائعا, ثلاثة من إخواني انقطعوا عن الدراسة ماكاينش باش" تقاطعه إحدى الفتيات التي تتابع دراستها في الأولى ثانوي "نعمل نحن الفتيات خادمات في بيوت أقاربنا في والماس ,مضطرات لمتابعة دراستنا .لا تتوفر عائلاتنا على مصاريف النقل ,آباؤنا مطرودون وإخوتنا عاطلون"
نساء تارميلات ..أنوثة أقبرتها المعاناة
مريم الراوي,خديجة الرحالي ولطيفة شكرديد,شابات في مقتبل العمر, حاصلات على شهادات ومعطلات .يحملن هم بلدة اسمها تارميلات ,أجلن مشروع الأنوثة وحلم الفتيات لحين تسترجع بلدتهن كرامتها.
على رأس مجموعة الشباب المعطلين (ثلاث نغصايت)رفعن شعارات الاحتجاج منددين بلامبالاة المسؤولين المحليين والإقليميين والوطنيين لمعاناتهم, وتوجه الجميع في مسيرة يوم 25.01.2012صوب معمل والماس تضامنا مع العمال المعتصمين ,الأبناء والآباء في مشهد درامي يضم جيلين اثنين ومعاناة واحدة.
تدخلت السلطات ووعدت بإيجاد حل للشغل وللمشاكل الاخرى ,كالعادة تبقى الوعود وعودا....اقترح عليهم رئيس الجماعة كمخرج آني للأزمة تأسيس جمعية
,تمسكوا بالفكرة كأي غريق, وضعوا برنامج عمل من أولوياته تخفيف عبء النقل عن الأسر كي يتمكن التلاميذ من متابعة الدراسة , استجاب له المجلس ومنحهم مبلغ 5 ملايين سنتيم كدعم ,على أن تدفع الأسر درهما في كل رحلة مما يقلص العبء من 12 درهما إلى 4دراهم ,وهو ما اعتبر انتصارا في عهد الهزائم ,ويبقى السؤال هل سيستر دعم التلاميذ من طرف الجماعة, ستجيبنا الأيام عن ذلك ,لكن حاليا تنكب مريم وخديجة ولطيفة في الدفاع عن مشروع لتنمية نساء تارميلات بوضع مشروع تعاونية للزربية والحنبل وإمكانية تسويقه,ومشروع مخبزة لبيع الخبز للداخلية التي يتم بناؤها عوض اللجوء إلى شراء الخبز من والماس لتوفير دخل لنسوة البلدة ومشاريع أخرى,
استغربت لكون هؤلاء الفتيات اللواتي ينخرطن في جمعية المعطلين لم يتكلمن لي قط عن أنفسهن وعن رغبتهن في الحصول على وظيفة أوشغل,كل حديثهن عن القرية وأهلها , أجبن أن مشكلتهن أكبر من وظيفة,إنها قضية كرامة قرية تم تفقيرها وهي الغنية بمنابعها ,تم تجويع أبنائها وتشريدهم وحرمانهم من كل الحقوق حتى الحق في الحياة بكرامة.
من ضحايا معمل والماس
الدندون مينة, أقسى وجه للمعاناة,بعد أن عجز زوجها عن الحركة ولزم الفراش ,خرجت تنحت في الصخر عن لقمة تسد بها رمق 4 أطفال ,شغلتها مقاولة لجمع النفايات تابعة للمعمل ,تجمع القنينات الفارغة التي يلقي بها المعمل ?اخترق مسمار من (الباليط)نعلها البلاستيكي واستقر في أسفل رجلها , أمام صراخها لجأ العمال لوسائل تقليدية لمعالجة الأمر, و لكن رجل أمينة انتفخت بشكل غريب والألم اشتد, من وصفة تقليدية لأخرى تزداد الرجل انتفاخا والألم حدة .حملت آلامها لابن سينا بالرباط ,أخبروها أن المسمار مس أحد العروق ,قاموا بعملية في الفخد لم تعط نتيجة ولم يبق أمامهم إلا بتر الرجل حتى الركبة ,لينضاف لنكسة تلك الأسرة عجز الأم على عجز الأب مكومين في جحر من الكارتون نتن مغلف بالبلاستيك أسود يرعاهم أطفالهم ويتصدق عليهم الجيران ,لم تكلف الشركة التي استخدمتها عناء حتى السؤال عنها هي التي يشهد الجميع أنها أصيبت وهي تعمل لصالح معمل والماس .
من ضحايا أحداث العمال طفلة عمرها آنذاك 3سنوات ,فتيحة قساوي,كانت في ظهر أمها التي جاءت لتؤازر الزوج العامل ,أصيبت الطفلة بصدمة من هول الأحداث وشلت في الحال ,بعد طول عناء في مستشفى ابن سينا ,لازال فتيحة ,ذات 15 سنة اليوم تعاني من تأخر عقلي وشلل في اليدين والرجلين وما زال والدها هناك معتصما في خيمة جوار المعمل.
وضع مأساوي لا يتمالك أي إنسان مؤمن بالحياة نفسه من البكاء, كيف تستطيع صاحبة المعمل أن تنام مطمئنة ودموع اليتامى والأٍرامل والجياع وأنين المصابين يلاحقونها كلما فتحوا أعينهم صباحا على أكبر معامل المغرب , يستغل خيرات بلدتهم ويسقيهم المرارة والبطالة والمرض والغبن ؟
ماذا لو نزلت مريم بنصالح من برجها العاجي الرغيد والتفتت لضعف المنطقة التي تمنحها كل هذه القوة, وسخرت مثلا قسطا ضئيلا من مالها لبناء قرية نموذ جية على الطراز الغربي بمرافق ضرورية وسخرت حافلة لنقل تلاميذ المدرسة ليتابعوا فقط دراستهم هي التي تقود طائرة,وسوت وضعية العمال البسطاء المطرودين وشغلت أبناء القرية في أعمال بسيطة ,لدارت الحركة, وعلت الفرحة وصدحت أصوات النساء بالغناء ورددتها جبال الأطلس وأصبحت تارميلات قبلة للسياحة الجبلية, ماذا لو .. لو علم سيدي علي أن الصدقة في المقربين أولى قبل أن يساند بمائه أبطال كرة القدم والمهرجانات ؟؟؟
إلى كل من يهمهم أمر الإنسان ,إلى من يؤمن بالحق في الحياة وفي العيش بكرامة , إلى من لا يرضى بأكل أموال اليتامى وذوي الحقوق ودموع أطفال جياع ,ورجال قهرهم الزمن وشباب نخرهم الفراغ ...إلى المسؤولين في دولة الحق والقانونو إلى وزير العدل والحريات و إلى مجالس حقوق الإنسان والمرأة ومبادرة التنمية البشرية..هناك بين جبال الأطلس قرية اسمها تارميلات ,تبعد عن الرباط ب160 كلمترا ,بها ثلاث منابع مياه معدنية و أكبر معمل بالمغرب, وأغنى جماعة قروية , تستغيثكم.
من المعمل لهيه كاع راشق ليه
صدق أو لا تصدق. أن قرية تارميلات تشهد في زمن ومكان واحد,حياتين مختلفتين، اختلاف السماء والأرض، عالمان شاءت صاحبة والماس أن يكونا متناقضين حتى تلقن لكل من ينادي بالقضاء على الفوارق الطبقية أن (الكتاف ما كيتقادوش) وراء المعمل دور فخمة للعمال المميزين والأطر, شوارع نظيفة جداً، حدائق رائعة بها ملاعب الميني كولف والتنس وألعاب راقية أخرى و ملعب خاص للكرة للأطر ,مدرسة خصوصية جميلةلأبنائهم، وفندق تابع للمعمل،فيللا ضخمة للباطرونة , ثم بناية خاصة بالعمال الذين تأتي بهم من خارج المنطقة (البنتاغون) به مطبخ ومآرب أخرى , حتى أن هناك دكاكين بالداخل، لكي لا يحتاجوا شيئاً من الضفة الأخرى ولايختلطون بالعالم الآخر غير الملقح,وحتى تحكم على تجارة أهل القرية بالكساد، وهو ما حصل بالفعل.
هذا الوضع الذي خططت له صاحبة والماس وحاشيتها لفرض حصار مطبق على سكان القرية يحيلنا في خطوطه العريضة على حصار غزة.
عايننا عمال نظافة من البيضاء وآسفي وعمال من مناطق أخرى من المغرب في مختلف الوظائف ,يعيشون في البانتاغون (هكذا يسمي الأهالي سكن العمال الأنيق) بينما بمحاذاة المعمل تقتل البطالة شبانا وشابات في عمر الزهور, ممنوعون من العمل في المعمل والاستفادة من خيرات منطقتهم لأن آباؤهم في ذات يوم من سنة 2000, طالبوا بحقوق عمالية بسيطة.
تروي أرملة,يغالبها دمعها, معاناتها بعدما توفي زوجها المطرود من المعمل وتركها مع أربعة أبناء في بيت من القصدير " مات وهو يعاني لا نعرف من ماذا , لم نستطع حمله لطبيب بقي يتألم حتى مات,لم أتوفر يترك لي حتى ثمن الكفن, خرجت أشتغل في مزارع الخزامى في الصيف مابين 30 و 50درهما في اليوم,أقطع مسافة ثلاث كيلومترات على الأقدام لأوفر ثمن النقل , وباقي الأيام نعيش على صدقات المحسنين من الجيران و حالات أمد يدي للتسول ,أبنائي اليوم شباب بلا عمل ,محرومون من الدخول للمعمل لأن أبوهم من المطرودين مما ضاعف من مأساتي . تخيلت نفسي والسيدة تذرف دموعا من عيون خضراء جميلة,أنني كنت أشرب طيلة 12سنة دموع اليتامي والأرامل وعرق العمال في قنينات.
الصحة في تارميلات عليلة
في تارميلات لا يوجد طبيب ولا سيارة إسعاف ولا مستوصف بمواصفات طبية تليق بالبشر, سوى جدران بناية فارغة يفتحها ممرض في 9 صباحا ويغلقها في3 بعد الزوال إلا يوم السوق,ومن اشتد عليه الحال عليه أن يتوجه لوالماس وهناك حكاية أخرى ... في غالب الحالات يجمعون ما بقي من صبر ويقلون طاكسيات أخرى للخميسات وفي الحالات الخطيرة ما عليهم إلا التوجه للرباط, تروي خديجة معاناة أمها مع مرض السرطان و وكيف تظطر المسكينة في الحالات العصيبة التي يشتد عليها الألم أن تبقى في الطريق تنتظر الطاكسي ليقلها لوالماس ومن والماس تنتظر طاكسي آخر للخميسات والألم يشتد, ثم آخر للرباط ثم لابن سيناء,لتبدأ معاناة أخرى في البحث عن مأوى للمبيت حتى تخضع للشيميو وتقطع بهاته الحالة نفس مراحل العودة , هي الآن مازالت طريحة فراش المرض وخديجة تحبس أنفاسها مخافة أن يشتد عليها الألم ليلا, في غياب سيارة إسعاف التي تعبر ألمهم يوميا في طريقها للمعمل.
أما في حالة المخاض ,فعلى النساء في تارميلات أن يتوجعن نهارا حتى يتسنى حملهن في طاكسي, أما إذا اشتد المخاض ليلا فما عليهن إما أن يلدن على يد القابلة أو أن يرحلن للأبد,كما يرحل من يتعرض هنا للسعات الأفاعي في الجبال ,قبل الوصول للخميسات . لماذا لا تتوفر تارميلات والدواوير المجاورة لها على طبيب ؟ سيجيبنا يوما وزير للصحة في ذات حكومة.
التعليم .. 5 مستويات في قسم واحد في الابتدائي و12درهما في اليوم لمن يريد أن يتابع دراسته في الإعدادي والثانوي
تتوفر تارميلات على مجموعة مدرسية بنيت في الخمسينات منذ عهد الاستعمار,تضم العديد من الفرعيات التي تعمل بنظام الاقسام المشتركة, إما بإدماج القسم الاول والثاني او الثالث والرابع والخامس والسادس .وهناك من يدرس جميع المستويات في حجرة واحدة مما يخلف معاناة فعلا للمعلم ,كيف يتعامل مع خمسة مستويات في وقت واحد, بالفعل سيؤدي ذلك الى انخفاض في المستوى الدراسي, لأن القسم المشترك - يقول الأستاذ الراوي العياشي قيدوم المعلمين في تارميلات - متباين من حيث القدرات الدراسية ومن حيث الكتب والوسائل ومشترك في الغلاف الزمني المخصص للمادة الدراسية الواحدة, بحيث يكون لكل فئة حق استنفاد الحصة الزمنية المقررة من غير أن يكون الاهتمام بفئة على حساب أخرى , و يكون المعلم ملزما بتوزيع الزمن توزيعا عادلا مما يشكل صعوبة ويضع أمامه إكراهات كبيرة,إضافة إلى معاناة المعلمين في الفرعيات النائية وسط الجبال الذين يعيشون معاناة قاسية جدا في التنقل خاصة في فصل الشتاء.
بادرة الأمل الوحيدة في تارميلات المآسي هاته, هي إنشاْء مدرسة جماعاتية (في طور البناء) بشراكة مع نيابة التعليم بالخميسات ورئيس المجلس القروي بوالماس , ستدمج سبع مدارس, كل مدرسة تضم بين 6و7 فرعيات , حيث ساهمت الجماعة ب400 مليون سنتم . يتكلف المجلس القروي بالداخلية والنقل ووزارة التربية بالأقسام الدراسية وسكن الأساتذة ,حيث سيتمركز تلاميذ الفرعيات ?يقول مدير المدرسة السيد أحمد وهبي- في مدرسة واحدة ويسكنون في الداخلية و الاساتذة هم الذين يتنقلون ,لأن هناك من التلاميذ من يقطع 4كلومترات يوميا تحت المطر وفي البرد ليصل للمدرسة.كما سيعفى المعلمون من تدريس الأقسام المشتركة , وهذه حسنة تحسب للمجلس القروي ونيابة التعليم بالخميسات.
بعد الحصول على الشهادة الابتدائية ,تبدأ معاناة من نوع آخر, الالتحاق بوالماس على بعد 12 كلم لمتابعة الدراسة في الإعدادي والثانوي , معاناة مع النقل وكيفية تأمين 12 درهما في اليوم من طرف رب أسرة عاطل عن العمل وآفاق الشغل مسدودة أمام كل أفرادها .ومن يريد الاستغناء عن النقل يكتري غرفة بوالماس ويتحمل مصاريف الكراء والأكل أو أن يودع الدراسة للأبد كما فعل الكثيرون هنا ويلتحق بركب العاطلين في القرية.
12سنة من عطالة الأب كافية لتراكم أجيال من المنقطعين عن الدراسة والبقية تنحت عائلاتهم في الصخر لتِؤمن لهم مصروف 12 درهما ?يقول احد الشبان يتابع دراسته في السنة ثالثة باكلوريا "نضطر للعمل في حقول الخزامي في الصيف لنشتري الكتب ونوفر مصاريف كراء غرفة ,كثيرة هي الايام التي أنام فيها جائعا, ثلاثة من إخواني انقطعوا عن الدراسة ماكاينش باش" تقاطعه إحدى الفتيات التي تتابع دراستها في الأولى ثانوي "نعمل نحن الفتيات خادمات في بيوت أقاربنا في والماس ,مضطرات لمتابعة دراستنا .لا تتوفر عائلاتنا على مصاريف النقل ,آباؤنا مطرودون وإخوتنا عاطلون"
نساء تارميلات ..
أنوثة أقبرتها المعاناة
مريم الراوي,خديجة الرحالي ولطيفة شكرديد,شابات في مقتبل العمر, حاصلات على شهادات ومعطلات .يحملن هم بلدة اسمها تارميلات ,أجلن مشروع الأنوثة وحلم الفتيات لحين تسترجع بلدتهن كرامتها.
على رأس مجموعة الشباب المعطلين (ثلاث نغصايت)رفعن شعارات الاحتجاج منددين بلامبالاة المسؤولين المحليين والإقليميين والوطنيين لمعاناتهم, وتوجه الجميع في مسيرة يوم 25.01.2012صوب معمل والماس تضامنا مع العمال المعتصمين ,الأبناء والآباء في مشهد درامي يضم جيلين اثنين ومعاناة واحدة.
تدخلت السلطات ووعدت بإيجاد حل للشغل وللمشاكل الاخرى ,كالعادة تبقى الوعود وعودا....اقترح عليهم رئيس الجماعة كمخرج آني للأزمة تأسيس جمعية
,تمسكوا بالفكرة كأي غريق, وضعوا برنامج عمل من أولوياته تخفيف عبء النقل عن الأسر كي يتمكن التلاميذ من متابعة الدراسة , استجاب له المجلس ومنحهم مبلغ 5 ملايين سنتيم كدعم ,على أن تدفع الأسر درهما في كل رحلة مما يقلص العبء من 12 درهما إلى 4دراهم ,وهو ما اعتبر انتصارا في عهد الهزائم ,ويبقى السؤال هل سيستر دعم التلاميذ من طرف الجماعة, ستجيبنا الأيام عن ذلك ,لكن حاليا تنكب مريم وخديجة ولطيفة في الدفاع عن مشروع لتنمية نساء تارميلات بوضع مشروع تعاونية للزربية والحنبل وإمكانية تسويقه,ومشروع مخبزة لبيع الخبز للداخلية التي يتم بناؤها عوض اللجوء إلى شراء الخبز من والماس لتوفير دخل لنسوة البلدة ومشاريع أخرى,
استغربت لكون هؤلاء الفتيات اللواتي ينخرطن في جمعية المعطلين لم يتكلمن لي قط عن أنفسهن وعن رغبتهن في الحصول على وظيفة أوشغل,كل حديثهن عن القرية وأهلها , أجبن أن مشكلتهن أكبر من وظيفة,إنها قضية كرامة قرية تم تفقيرها وهي الغنية بمنابعها ,تم تجويع أبنائها وتشريدهم وحرمانهم من كل الحقوق حتى الحق في الحياة بكرامة.
من ضحايا معمل والماس
الدندون مينة, أقسى وجه للمعاناة,بعد أن عجز زوجها عن الحركة ولزم الفراش ,خرجت تنحت في الصخر عن لقمة تسد بها رمق 4 أطفال ,شغلتها مقاولة لجمع النفايات تابعة للمعمل ,تجمع القنينات الفارغة التي يلقي بها المعمل ?اخترق مسمار من (الباليط)نعلها البلاستيكي واستقر في أسفل رجلها , أمام صراخها لجأ العمال لوسائل تقليدية لمعالجة الأمر, و لكن رجل أمينة انتفخت بشكل غريب والألم اشتد, من وصفة تقليدية لأخرى تزداد الرجل انتفاخا والألم حدة .حملت آلامها لابن سينا بالرباط ,أخبروها أن المسمار مس أحد العروق ,قاموا بعملية في الفخد لم تعط نتيجة ولم يبق أمامهم إلا بتر الرجل حتى الركبة ,لينضاف لنكسة تلك الأسرة عجز الأم على عجز الأب مكومين في جحر من الكارتون نتن مغلف بالبلاستيك أسود يرعاهم أطفالهم ويتصدق عليهم الجيران ,لم تكلف الشركة التي استخدمتها عناء حتى السؤال عنها هي التي يشهد الجميع أنها أصيبت وهي تعمل لصالح معمل والماس .
من ضحايا أحداث العمال طفلة عمرها آنذاك 3سنوات ,فتيحة قساوي,كانت في ظهر أمها التي جاءت لتؤازر الزوج العامل ,أصيبت الطفلة بصدمة من هول الأحداث وشلت في الحال ,بعد طول عناء في مستشفى ابن سينا ,لازال فتيحة ,ذات 15 سنة اليوم تعاني من تأخر عقلي وشلل في اليدين والرجلين وما زال والدها هناك معتصما في خيمة جوار المعمل.
وضع مأساوي لا يتمالك أي إنسان مؤمن بالحياة نفسه من البكاء, كيف تستطيع صاحبة المعمل أن تنام مطمئنة ودموع اليتامى والأٍرامل والجياع وأنين المصابين يلاحقونها كلما فتحوا أعينهم صباحا على أكبر معامل المغرب , يستغل خيرات بلدتهم ويسقيهم المرارة والبطالة والمرض والغبن ؟
ماذا لو نزلت مريم بنصالح من برجها العاجي الرغيد والتفتت لضعف المنطقة التي تمنحها كل هذه القوة, وسخرت مثلا قسطا ضئيلا من مالها لبناء قرية نموذ جية على الطراز الغربي بمرافق ضرورية وسخرت حافلة لنقل تلاميذ المدرسة ليتابعوا فقط دراستهم هي التي تقود طائرة,وسوت وضعية العمال البسطاء المطرودين وشغلت أبناء القرية في أعمال بسيطة ,لدارت الحركة, وعلت الفرحة وصدحت أصوات النساء بالغناء ورددتها جبال الأطلس وأصبحت تارميلات قبلة للسياحة الجبلية, ماذا لو .. لو علم سيدي علي أن الصدقة في المقربين أولى قبل أن يساند بمائه أبطال كرة القدم والمهرجانات ؟؟؟
إلى كل من يهمهم أمر الإنسان ,إلى من يؤمن بالحق في الحياة وفي العيش بكرامة , إلى من لا يرضى بأكل أموال اليتامى وذوي الحقوق ودموع أطفال جياع ,ورجال قهرهم الزمن وشباب نخرهم الفراغ ...إلى المسؤولين في دولة الحق والقانونو إلى وزير العدل والحريات و إلى مجالس حقوق الإنسان والمرأة ومبادرة التنمية البشرية..هناك بين جبال الأطلس قرية اسمها تارميلات ,تبعد عن الرباط ب160 كلمترا ,بها ثلاث منابع مياه معدنية و أكبر معمل بالمغرب, وأغنى جماعة قروية , تستغيثكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.