في كل مرة يفتح باب الحديث عن الجنس أو شبكات الدعارة، إلا وتوضع سمعة المغربيات في قفص الاتهام من جديد، وكأنهن لا يجدن أي شيء سوى إخراج قصص المشاهد الجنسية الساخنة، والتنقل بين البلدان العربية والأجنبية، للعمل في أقدم مهنة في التاريخ. هذه النظرة "التحقيرية " خفت حدتها بعد أن تبين أن الرجال هم المسؤولون عمّا حل بسمعة النساء المغربية، إذ إنهم يضعون أيديهم مع عصابات تجارة البشر، موهمين الفتيات بأنهن حصلن على عقد عمل في فنادق ذات تصنيف عالٍ، لكن لدى وصولهن يصطدمن بحقيقة مفادها أنه عليهن دفع أغلى ما لديهن مقابل استعادة جواز سفرهن، الذي سحب منهم، ما يجعلهن مرغمات على العمل في دور مخصصة للدعارة، وكذا في بعض المراقص. "" إنّ سقوط عدد من الفتيات القاصرات في فخ شبكات الدعارة، أدى إلى تلطيخ سمعة المغربيات، واضطرت ناشطات مجتمعة على الخروج من صمتهن، والمطالبة بضرورة صدور قرارات سياسية من أعلى المستويات لمواجهة ظاهرة شبكات الدعارة التي تستغل النساء المغربيات، ما يشوه صورتهن في العديد من الدول العربية التي أصبح بعضها يمتنع عن إعطاء تأشيرات للقادمات من "بلاد الأطلسي". وليس الوقوع في مصيدة شبكات الدعارة الشيء الوحيد الذي تدفع ثمنه المغربيات غاليًا، بل حتى التمسك بالشرف له ثمنه، وقد تصل فاتورته إلى مفارقة الحياة دفاعًا عن ذلك. وهذا ما حدث في إسبانيا، حيث قتلت، قبل أيام، الشابة المغربية لمياء دنا، التي كانت تدرس بكلية الصيدلة في غرناطة، أخيرًا، على يد إسباني عاطل عن العمل، في الوقت الذي كانت تقاوم فيه محاولة اغتصابها، حسب ما توصلت إليه الشرطة. واعترف مانولو.ر.س (52 سنة)، خلال استنطاقه، بأنه وجه للشابة المغربية 20 طعنة بالسكين، لكنه لم يقر بدوافع جريمته، التي عزتها الشرطة إلى محاولة اعتداء جنسي فاشلة. وخلصت الشرطة إلى أن لمياء كانت تثق بالقاتل الذي اعتاد دخول شقتها، حيث كان ينجز بعض الأشغال من حين لآخر. وكانت لمياء تتقاسم مع طالبتين أخريين، إحداهما مغربية وأخرى إسبانية، شقة وسط مدينة غرناطة، وتدعو من حين إلى آخر مانولو للقيام ببعض الإصلاحات مقابل مبالغ مالية "قد تكون لأجل مساعدته أو حتى بدافع الصدقة"، كما أكد رئيس شرطة غرناطة لويس دي هارو. وقصد الجاني بيت لمياء التي فتحت الباب، حيث حاول اغتصابها. ووجه لها طعنة سكين عندما حاولت الهرب من الشقة، إثر ذلك أطلق الجاني النار على الضحية التي كانت مصابة، والتي حاولت على الرغم من ذلك التصدي له، فصوب لها19 طعنة أخرى. وبعد ارتكابه الجريمة قام الجاني بإخفاء السلاح وحاول تنظيف ملابسه، إلا أنه ألقي عليه القبض مساء اليوم نفسه. والجاني "الذي لا يتوفر على عمل في وضعية اجتماعية صعبة" معروف لدى الشرطة بسوابقه بالعنف والاعتداءات الجنسية. وأثار مقتل لمياء موجة عارمة من التنديد والغضب في غرناطة، حيث وقف الطلبة والأساتذة والعاملين في كلية الصيدلة، حيث كانت الضحية تتابع دراستها دقيقة صمت ترحمًا على روح الفقيدة، واحتجاجًا على الجريمة البشعة التي راحت ضحيتها. وانتقلت هذه الموجة إلى المغرب، حيث نظمت وقفات احتجاجية تنديدًا بهذه الجريمة، قبل أن ينقل جثمان الضحية إلى مثواه الأخير بتازة. وليست هذه هي الحادثة الوحيدة من هذا النوع، فقبل أسابيع من الجريمة المذكورة، تعرضت فتاة قاصر إلى القتل بمدينة الجديدة، بعد أن قاومت محاولة اغتصابها بفضاء يوجد بالقرب من سوق تجاري. ومباشرة بعد فتح تحقيق معمق في الموضوع، اهتدت مصالح الأمن إلى الجاني، الذي كان متابعًا في ملف آخر. أما صفاء فكان حظها أسوأ، لكنها نجت من الموت، إذ تعرضت للاختطاف في الطريق العمومي من طرف شابين اقتاداها بقوة التهديد بالسلاح الأبيض إلى سيارة توقفت بالقرب من مسرح العملية، حيث كان باقي أفراد العصابة. وفر المختطفون السبعة بالفتاة القاصر إلى الغابة التي كان ينتظرها بين أشجارها قدرها المأسوي في ذلك اليوم المشؤوم، حيث اغتصبها سبعة أشخاص، وتركوها مكبلة هناك. فكرت صفاء في الهروب، لكن تواجدها ليلاً في منطقة نائية وعدد الجناة الكبير، دفعها إلى التراجع عن خطوتها، خاصة أنها مكبلة، خوفًا من أن تدفع حياتها ثمنًا في حال فشل المحاولة والتخلص من المختطفين. بعد أن أشبع الذئاب السبعة شهوتهم، غادروا مكان جريمتهم بسيارتهم، لتحاول بما تبقى لها من قوة أن تفك قيدها، وهو ما تمكنت من النجاح فيه بعد عناء ومشقة. ما إن فتحت الأم باب المنزل حتى ارتمت صفاء في أحضانها مغمى عليها بفعل ما تعرضت له من اعتداءات جسدية ونزيف دموي، ليتم نقلها على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات لإسعافها، قبل أن تتعرف إلى أحد الجناة صدفة في مخفر الشرطة. وتعيش الأسر في مدينة السطات وبعض المدن الأخرى حالة من الرعب، بعد أن تزايدت في الآونة الأخيرة حوادث اختطاف واحتجاز بناتهن بهدف ممارسة الجنس عليهن، قبل أن يجري قتلهن.