تستأثر الجولة الرابعة من المفاوضات حول الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي انطلقت رسمياأمس الإثنين في ضاحية مانهاست على مشارف نيويورك تحت إشراف الأممالمتحدة، باهتمام دولي واسع، لكونها تعتبر المحطة الأهم في تحريك عجلة المحادثات إلى الأمام أم الرجوع بها إلى الخلف لنقطة الصفر، ما يجعل المنطقة مفتوحة على توترات قد تصل إلى تحريك الآلة العسكرية، خاصة في ظل تصعيد الطرفين لهجة الاتهامات المتبادلة. ويرى مراقبون أن المحادثات الدائرة حاليا تعد جولة " الفرصة الأخيرة " لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل توافقي مبدئي، يجري على أساسه بناء مفاوضات جادة وسليمة، تثمر في المستقبل إنهاء نزاع دام لسنوات وشرد آلاف الأسر، وتخرج ملف الصحراء من عنق الزجاجة وتجنبه الدخول إلى منعطف مجهول، لا يعلم ما قد يخبأه للطرفين. "" ويبقى هذا الأمل صعب التحقيق بسبب تباعد مطالب المغرب والبوليساريو، إذ في الوقت الذي يجدد فيه وفد الرباط التأكيد على أن هذه المحادثات "لا يمكن أن تكون إلا في إطار مقترح الحكم الذاتي ولا شيء غيره"، تشير الجبهة إلى أن "السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في الصحراء الغربية يمر عبر تنظيم إستفتاء حر وديمقراطي لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره". وقبل أن تستأنف المحادثات، ارتفعت حرارة التصريحات الإعلامية لمسؤولي الطرفين المتفاوضين، ففي حديث للصحافة، دعا رئيس الجبهة محمد عبد العزيز المغرب إلى عدم تضييع فرصة الجولة الرابعة لتحقيق السلم والحل النهائي لنزاع الصحراء، مضيفا أنه "مع نهاية هذه الجولة سنقيم النتائج وسنحدد الموقف الواجب اتخاذه". أما وزير الداخلية شكيب بنموسى، فأكد أن المغرب، وهو يتوجه إلى مانهاست "ستظل يده ممدودة للطرف الآخر في إطار مقترح الحكم الذاتي الذي يشكل أرضية واقعية للتوصل إلى تسوية نهائية لقضية الصحراء". وأوضح بنموسى، الذي كان يتحدث أول أمس بنيويورك خلال جلسة عمل للوفد المغربي المشارك في هذه الجولة من المحادثات، أن هذه المفاوضات "لا يمكن أن تكون إلا في إطار مقترح الحكم الذاتي ولا شيء غيره"، مبرزا استعداد المغرب لمناقشة مختلف جوانب هذه المبادرة، وأكد أن المملكة "تقبل المساس بالوضع القائم". إصرار كل طرف على التشبث بموقفه يجعل المحللين لا يتوقعون وضع أي من الجانبين قدمه الأولى في مسلسل المفاوضات، بل يكادون يكونون متيقنين من أن الجولة الرابعة ستشهد دخول هذه المحادثات منعطفا مجهولا قد ينسف المحادثات. ومن المنتظر أن تتواصل هذه الجولة الجديدة من المفاوضات طيلة اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أصدر، في شهر نيسان الماضي تقريره حول وضع الصحراء، وأرسله إلى مجلس الأمن، وحث فيه المغرب وجبهة البوليساريو على التفاوض دون شروط مسبقة لإيجاد حل سياسي للنزاع يرضى كلا الطرفين. وأعلن فيماي 1973 عن تكوين ما يعرف بالبوليساريو أو(الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب)، ثم أعلن في 26فبراير 1976 عن إنشاء الجمهورية الصحراوية الشعبية الديمقراطية التي ظل مقرها تيندوف بجنوب الجزائر، والتي لا تحظى باعتراف المغرب وعدد آخر من الدول والحكومات. وأعلنت الأممالمتحدة وقف إطلاق النار بين الجانبين عام 1991، وجرى تشكيل بعثة )مينورسو) برئاسة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر، وذلك من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع. وأعلنت الأممالمتحدة تيفاريتي منطقة "منزوعة السلاح"، وتقول الرباط إنها تقع في "منطقة عازلة" من الصحراء، في حين تعتبرها جبهة البوليساريو من "الاراضي المحررة". وتقع تيفاريتي بين الجدار الذي اقامه المغرب خلال الثمانينات لصد هجمات جبهة البوليساريو والحدود الجزائرية. وعقدت البوليساريو مؤتمرها الأخير في تيفاريتي، في منتصف دجنبر، ما أثار احتجاجات حادة في الرباط التي اتهمت البوليساريو ب "السعي إلى استيطان تيفاريتي بمساعدة الجزائر". وبعد فترة من المواجهات، وقع المغرب والبوليساريو في 1991 برعاية الأممالمتحدة اتفاقا لوقف إطلاق النار لا يزال الطرفان يلتزمان به.